23 ديسمبر، 2024 10:12 ص

هل مهد التقارب اﻹماراتي-اﻹسرائلي إلى إنشاء تحالف تركي-إيراني في المنطقة ؟

هل مهد التقارب اﻹماراتي-اﻹسرائلي إلى إنشاء تحالف تركي-إيراني في المنطقة ؟

شهد البيت اﻷبيض يوم الثلاثاء 15 شتنبر و تحت إشراف الرئيس اﻷمريكي توقيع إتفاقية سلام بين دولتي الإمارات العربية المتحدة ممثلة بوسيم العرب حسب مواقع الجمال اﻹماراتي، متذيلا بوزير خارجية البحرين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تروم إلى نقل العلاقات بين البلدان المعنية من السرية إلى العلن، لينضافا بذلك إلى مصر و اﻷردن المنعطفة تدريجيا في إتجاه تصحيح سوءة الملك حسين.
و تأتي الخطوة اﻹماراتية بعيد التهديد التركي الذي ترجمه وزير الدفاع خلوصي أكار، بمحاسبة اﻹمارات المتحدة في المكان و الزمان المناسبين، نظير ما تحدثه من فوظى في المنطقة العربية و ضد تركيا عن طريق دعمها للمنظمات اﻹرهابية المعادية لأنقرة، و بعد اقتصار الدعم العربي لابن زايد على حكام أصبحوا يشكلون عبئاً ثقيلا على شعوبهم،من خلال مصر و العربية السعودية وبعض الدويلات الخارجة عن الحسابات اﻹستراتجية، ناهيك عن تواضع حضور هؤلاء القواد في الخريطة السياسية المستقبلية، أدرك الحاكم اﻹماراتي محدودية التضامن العربي له و هو يعي جيدا أن وعد الأتراك حق، فما كان عليه إلا الإرتماء بين أحضان نتنياهو مستجديا ضغط اللوبي الصهيوني على إدارة البيت اﻷبيض، في أفق توفيره مزيد من الحماية على شاكلة جاراته السعودية، و ذلك للحيلولة دون تحويل اﻹمارات في القادم من الأيام إلى واحدة من الإيالات العثمانية في نسخة كاربونية لعودة زمان هيمنة الإمبراطورية على اﻷقاليم العربية.
و إذا كان ابن زايد قد انحاز إلى زاويية براغماتية الخطاب السياسي الغير آبه لتداعيات القضية الفلسطينية العادلة،و الحاملة للطابع الديني و العرقي المشترك،حيث توقف على قراءة المشهد اﻷمني و السياسي للدولة وفق اﻹستراتجية الموازية،و التي جعلت رأس البلد مطلوبا بقوة من طرف اﻹسلاميين،تركيا و إيران،حيث بات مشروعه يتقاسم لنفس الهواجس و التخوفات مع مدللة البيت اﻷبيض/إسرائيل،لدى عمل على التضحية بكل القيم الدينية و القومية المشروعة ليحيى الكيان الصهيوني، لعل و عسى تنظر إليه واشنطن بعين الرضا.
بالمقابل، قد يدفع أمير ابوظبي ثمنا باهضا لخطوته المحفوفة بالمخاطر، كون الولايات المتحدة الأمريكية عانت كثيرا في المنطقة في محاولة منها لإرضاء جزءا من طموحات ابن سلمان في صراعه مع الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية التي أبانت عن صلابة و اتزان عسكري و دبلوماسي أحرجتا و أرهقتا اﻷمريكان في المشهدين معا، علما أن المعادلة التركية أكثر تعقيدا كون الدولة عضوا في حلف الناتو من جهة و من جهة ثانية فالوضع و الرخاء اﻹقتصاديين التركي افضل بكثير من الجمهورية الشيعية ، ناهيك عن امتلاكها لواحد من أقوى عشر جيوش العالم مع دينامية في المشهد التركي تجعله كل يوم هو في شأن، إضافة إلى ترحيبها بقوة في المنطقة من طرف غالبية شعوب البلدان الخليجية المعتنقة للمذهب السني و التي تشكل السواد اﻷعظم من ساكنة اﻹقليم ، بعدما أدركت محدودية حكامها في الحد من التغلغل اﻹيراني، من جانب أخر فحجم التأثير اﻹماراتي جيواستراتجيا على المستوى الإقليمي لن يشجع واشنطن على تبني خطاب أمير أبو ظبي مهما كانت طبيعته،هذا وقد ذاق الشارع اﻷمريكي درعا من تدخلات بلده في الخليج العربي مما قد تنجم عنها تبعات غير مرغوب فيها بالنسبة للساسة اﻷمريكيين في اﻹستحقاقات اﻹنتخابية القادمة.
بالمقابل، فإذا كانت تركيا اﻹسلامية و إيران تشكلان خصما استراتجيا للإمارات المتحدة و إسرائيل، فإسرائيل تشكل عدوا مشتركا لمحور أنقرة-طهران، و الصواب يقول ” عدو عدوي صديق لي”، فأمام هذا الوضع الجديد في اﻹقليم الخليجي قد نستشرف لتحالف تركي إيراني منطقي، خصوصا و أن الجمهورية الشيعية تزحف داخل هذا الحيز الترابي بشكل ملفت، من خلال أدرعها في المنطقة ( الحوثيين،الحشد الشعبي… )، و تعاني من التحرشات اﻹسرائلية داخل المجال و في لبنان ثم سوريا ،كما أن تركيا المصنفة في الائحة السوداء لإسرائيل حسب تقاريرها اﻹستخباراتية (2019، 2020 )، استطاعت إقتحام المنطقة سواء عن طريق تثبيت قواعدها العسكرية في كل من قطر، عمان ثم اليمن، أو تغلغلها الدبلوماسي و اﻹقتصادي مع اﻷعضاء المعتدلة في مجموعة مجلس التعاون الخليجي.
صحيح أن البلدين يختلفان مذهبيا، لكنهما يلتقيان اونطولجيا حينما يتعلق اﻷمر بنظرتهما اتجاه إسرائيل باعتبارها عدوة للطرفين معا ،ليكون ابن زايد قد مهد لخلق تحالف بالخطأ سيكون أكثر بطشا على أمنه و إستقراره،و عين المحور المفترض تحييد و إزالة إسرائيل من المعادلة الخليجية،و تقسيم البلدان العربية هناك إلى مناطق نفوذ شيعية تحت إشراف جمهورية خامنئي، و الطرف الثاني تحت إدارة اﻷتراك.
و أمام هذا السيناريو، ستصبح إمارات إبن زايد بين ناري الناديين الكبار، و في ممر سيجعلها تدس تحت أقدام جحافل جنود الفرس و العثمانيين في الوقت و الزمان المناسبين و من قوتين مختلفتين و ليست قوة واحدة.