18 ديسمبر، 2024 7:51 م

هل من يسار عربي ؟!ّ

هل من يسار عربي ؟!ّ

اعترف ان العنوان بصيغته الحالية استفزازيا ، لكنه من جانب اخر ضروريا خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ما شاب حركة اليسار بشكل عام والعربي بشكل خاص من اخفاقات لاسباب كثيرة بعضها موضوعي يرتبط بحجم وطبيعة التحديات والقوى التي واجهته وذاتي يتعلق بممارسات احزاب وانظمة حملت اسم اليسار وشعاراته لفظا وخالفتها عملا وتطبيقا ..لن ندخل هنا في تعاريف اليسار ومعناه فهي جميعها تلتقي عند قاسم مشترك هو ان اليسار ايدلوجيا يعني الافكار والمنطلقات التي تدعو الى تغيير الانظمة وبما يتناسب وتطلعات القاعدة الجماهيرية الكبيرة في حياة كريمة تخلو من الاضطهاد والاستغلال وانتهاك الحقوق ، لذا فان جميع احزاب اليسار حملت شعارات الحرية والاشتراكية واضافت لها الاحزاب والتيارات القومية العربية الوحدة ..نقول لن نتطرق هنا الى اليسار كفهوم ، لانه او هكذا يفترض معروف وتناوله الكثير بالبحث تفصيليا ، غير اننا سنحاول البحث عن حقيقة اليسار العربي ووجوده في ضوء متغيرات ثورة الاتصالات والعلوم والمفاهيم والقيم التي سادت العالم حتى اختلط الكثير منها ..

ابتداءَ لابد من الاشارة اولا الى ان صفات اليسار العربي وما لحقها من تصنيفات لاحزاب وتيارات على انها تقدمية ، ارتبط خطأ بمدى قرب او بعد هذا الحزب او ذاك بالاتحاد

السوفيتي سابقا باعتباره زعيم المعسكر الاشتراكي ، وهذا الخطأ قاد البعض الى ما قناعات مغلوطة اشاعت بان اليسارفي العالم ومنه مجتمعنا العربي قد سقط بتهاوي الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي بشكل عام .. واخذ البعض ينظرلانتصار الراسمالية وهزيمة الاشتراكية نظريا وعمليا وساهم في تعزيز هذا الفهم عجز وفشل احزاب كانت محسوبة على اليسار عن الحفاظ على مبادئها وثوابتها من دون ان يعني هذا جمودها الفكري وعدم مواكبتها للتطورات والمتغيرات الحادة في العالم .. لن اذكر اسم حزب او حركة على وجه الخصوص لانني وبحسب راي المتواضع اشعر بان جميع احزاب اليسار مشمولة بحالة الفشل والعجز اما الانظمة التي سميت تعسفا تقدمية فان ممارساتها كانت اتعس من اليمين اذا اعتبرنا ان احد معايير التمييز بين اليسار واليمين هو الابتعاد والاقتراب من امال الجماهير والدفاع عن حقوقها !! لنكن صريحين ونعترف بان هاجس جميع الحركات والانظمة العربية التي تشدقت بالتقدمية ورفع شعارات الحرية والاشتراكية كان السلطة فحسب والحفاظ عليها باي ثمن فتفننت في ابتكار وسائل القمع وانحرفت عن الديمقراطية ولم تقترب من تحقيق العدالة الاجتماعية بل ان الاحزاب القومية ابتعدت عن هدف الوحدة حتى مع نظيراتها من الاحزاب والانظمة وصار الحكم والنفوذ والزعامة والتوريث والاضطهاد سمات ملاصقة لها عند استلامها للسلطة في هذا القطر العربي او ذاك ..

ويبدو ان انهيار الاتحاد السوفيتي وما رافق ذلك من تهاوي المعسكر الاشتراكي بقدر ما كشف حجم الاخطاء التي ارتكبت باسم الاشتراكية وباسم الماركسية اللينية ، فانها من جانب اخر كشفت هشاشة احزاب اليسار العربي وانشغاله بالصراعات الثانوية وتصفية الواحد للاخر ما افقدها غالبية غير قليلة من قواعدها التي اتجهت الى التيارات الاسلاموية جراء ما اصابها من يأس واحباط من ممارسات الانظمة “التقدمية ” العربية !!

وما زاد الطين بلة وضاعف من حالات التشويش الفكري عند المواطن تحالفات تيارات تحمل صفة اليسار مع احزاب دينية طائفية بهذا الشكل او ذاك .. واذا كانت فترة الاربعينات والخمسينات قد شهدت حالة مد متصاعد لتيار اليسارالعربي بمختلف تنوعاته الشيوعية او القومية فان ما تلاها خاصة وعند تسلم البعض لزمام السلطة قد افقدها صفة اليسار عمليا وشوه اجمل معانيه ..لذا يمكن القول ومن دون مجاملة ان اليسار ليست شعارات بل فعل وممارسة باتجاه احلام الملايين من الفقراء والمحرومين والمضطهدين في مجتمعاتنا وهو ما لم تحققه احزاب اليسار العربي من دون استثناء سواء من تاه متطرفا باقصى اليسارفابتعد عن الواقع او ممن تراجع واقترب من اليمين منغمسا في ملذات ما يوفره الاقتراب من السلطة وكسب رضا القائمين عليها او ممن انكفأ فصار اقرب الى ما يسمى باليساري الامبريالي !

ان صح التعبير وهذا ينطبق على اولئك الذين صاروا يتغزلون بالنظام الراسمالي !

اخيرا لاندعي اننا اوفينا الموضوع حقه وحسبنا اننا فتحنا كوة عسى ان تتسع للنقاش لتفتح لليسار العربي الذي حلمنا به وتمنيناه افاقا ارحب ..