كتبت الكثير عن مساوئ ومخاطر الإستعمال الطويل الوقت للهاتف النقال، وكما كتبت كثيرا عن المخاطر، التي قد تكون قاتلة، التي تسببها أبراج الهاتف النقال في عموم العراق والتي لا تلتزم شركات الهاتف النقال العراقية بالضوابط الدولية الصحية لنصبها فوق أسطح منازل المواطنين من دون علمهم بما تشكله تلك الأبراج من خطر صحي على حياتهم.
شركات الهاتف النقال العراقية ليست وحدها من تخالف تلك الضوابط، بل أن وزارة الصحة والبيئة وهيئة الإعلام والاتصالات والمجالس البلدية في عموم محافظات العراق هي من تخل عن سبق إصرار وتعمد بعدم تطبيق ما ورد بنص المادة 15 (خامسا) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 حيث تنص تلك المادة على ما يلي: “يمنع ممارسة النشاطات الباعثة للأشعة الكهرومغناطيسية غير المؤينة والمنبعثة من محطات البث الرئيسية والأبراج والهوائيات الخاصة بالهواتف النقالة وغيرها إلا في نطاق التعليمات والضوابط التي تصدرها الوزارة (يقصد وزرارة البيئة سابقاً، ووكالة البيئة في وزارة الصحة والبيئة حالياً) لهذا الغرض”، والتي لا تطبقها شركات الهاتف النقال العراقية.
إضافة لعدم الإلتزام بضوابط نصب أبراج الهاتف النقال، فقد سمعت الكثير جدا (وعانيت منها شخصيا عند زياراتي المتكررة للعراق) عن سوء خدمة شركات الهاتف النقال العراقية وتسعيرتها الخيالية التي يلاقي منها المواطن الأمرين لإرتفاع أسعارها التي لا يطيقها المواطنون، خصوصا أن معظم العراقيين يمتلكون الآن أجهزة هاتف نقال بعد إختفت الهواتف الأرضية بعد احتلال العراق في عام 2003 وبقدرة قادر ولأسباب نعرفها جميعا.
واليوم أضع أمامكم، وبشكل خاص أمام شركات الهاتف النقال في العراق مقارنة للتسعيرة في بريطانيا حيث هنا التنافس كبير بين شركات الهاتف، وبين تسعيرة شركات الهاتف النقال في العراق والتي تعرفوها أنتم جميعا.
الصورة أدناه، هي ما أدفعه أنا شهريا لشركة O2 الشهيرة وهو 10 باونات (بحدود 20 ألف دينار عراقي شهريا أو أقل قليلا) وتشتمل تلك التسعيرة، كما هو موضح، على عدد غير محدود من المكالمات الهاتفية وسواء أجريتها مع هواتف أرضية أو هواتف نقالة وكذلك لعدد غير محدود من الرسائل النصية (Text Messages)، ناهيكم عن 7 ڴيگابايت GBداتا (بيانات) يمكنني استعمالها خارج المنزل للربط بالإنترنت واستعمال كل شئ له علاقة بالنت ومن ضمنها المكالمات والرسائل التي أجريها على الواتس أب وفايبر وما شابهها من منصات. والرائع هنا، هو أنه عند نهاية الشهر، تضاف كمية البيانات المتبقية عندي من شهر معين إلى بيانات الشهر التالي. أضف إلى ذلك خدمة الزبائن الرائعة جدا، بل وأكثر من ذلك أن تلك الشركة البريطانية، وعلى عكس شركات الهاتف النقال العراقية، لا تزعج زبائنها بارسال وترويج دعايات أقل ما يقال عنها أنها سخيفة ومزعجة للزبون واستقطاع اوقات ومبالغ من المواطن العراقي بحجة او بأخرى، وبهذا فان المواطن العراقي يدفع أموالا طائلة كل شهر عن خدمة هاتف نقال أقل ما يقال عنها أنها أسوء خدمة رأيتها في 56 دولة حول العالم زرتها وعملت فيها كخبير بالصحة البيئية.
والسؤال الآن: متى تتحرك المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بخدمات الهاتف النقال في العراق وتضع حدا لهذا الفساد والسرقة الواضحة من المواطن لخدمة هي الأسوء في جميع دول العالم؟
*بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية، ومستشار بإدارة المؤسسات الصحية وخبير دولي بالصحة البيئية والتغذية العلاجية.