9 أبريل، 2024 6:51 ص
Search
Close this search box.

هل من مصلحة العراق إخراج أمريكا؟ ولماذا؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو إن حروب الإرهاب عبر المجاميع التكفيرية، قد شارفت على الإنتهاء،
على إن الحروب بمعناها العام سوف تبقى قائمة، حيث بقى الإنسان على أرض
المعمورة، فتلك المجاميع الهجينة الشاذة، أخذت تهدد الأمن والسلم
المجتمعي الدولي، وليس من حصانة لأي نظام سياسي أمام فتك تلك المجاميع
القاتلة، كما إن ذلك يعني أفول حروب الوكالة، والقوة الدولية المتصارعة
التي أسهمت بإنتاج تلك المجاميع الإرهابية، كانت غاياتها إستغلال تلك
العصابات التكفيرية، من أجل إجهاض أنظمة سياسية، أو إعادة رسم الخارطة
الجيو سياسية، لكنها أدركت إنتهاء مفعول تلك الأداة القذرة على الأقل على
المستوى القريب، لكننا أمام توازنات جديدة إقليمية ودولية في منطقة الشرق
الأوسط.

والعراق وسط تلك التجاذبات، يعتبر من أكثر الدول تضررا” من هذه الحروب
الإرهابية، حيث تحول لمنطقة صراع بين قوى دولية وإقليمية، من أجل الهيمنة
والنفوذ والأستحواذ، على بقعة العراق الماسية، لما يشكل هذا البلد من
أهمية جيو سياسية وإستراتيجية وإقتصادية، وعمق حضاري كبير يمتد لعمق
التأريخ، فكان التدافع على العراق كبير جدا”، من قبل المحيط العربي
والأقليمي والدولي، ساهم في ذلك ضعف الطبقة السياسية العراقية التي كانت
سببا” رئيسيا”، لتكون ممثلة لأجندات خارجية، فبدل أن تكون تلك الطبقة
مجتهدة من أجل تحقيق المصالح الوطنية، تفانت من أجل تحقيق مراد إرادات
الخارج، لكن وجود مرجعية السيد السيستاني وأرتفاع مستوى الوعي العام
للشارع العراقي، قلبت المعادلة فأنتصر هذا الثنائي ليقتل داعش وفوبياه،
ويرغم الطبقة السياسية على تصحيح مسارها السياسي إلى حد ما.

وبإنتهاء أزمة داعش وتهديها لكيان العراق بل لكل المنطقة والعالم، برزت
أزمة جديدة ما تسمى بالتواجد الأمريكي على الأراضي العراقية، أدت لإنقسام
الطبقة السياسية ما بين مرحب ورافض لهذا التواجد الأمريكي، وللأسف المرحب
والرافض من الساسة الغالب منهم، لايضع مصلحة العراق في أولوياته، بل ما
تريد الأجندات الخارجية فتحركها بالسلب والأيجاب أمام هذا التواجد، وهنا
أقول إن واجب الطبقة السياسية، أن تع أين تكون مصلحة العراق؟ وهنا يبرز
تساؤل أخر، ما هي مصلحة العراق؟ ومصلحة العراق تكمن في تحقيق هذين
المرتكزين:

1_ إن حياة الفرد العراقي أغلى من تراب الوطن.. فوطن من غير بشر مصون
كرامته يتحول إلى سجن مقفر.

2_ تحقيق الرفاهية المجتمعية والعلمية والإقتصادية للفرد العراقي، وعلو
سلطة القانون عبر قضاء عادل.

لذلك نحتاج إلى شعور وليس شعارات للمرحلة القادمة، لتحقيق المصلحة
الوطنية التي تقوم على تحقيق المرتكزين السابقين، فهل أخراج القوات
الأمريكية يحقق لنا ذلك؟ هذا وإن كان هذا الأمر من الصعب تحقيقه عبر
البرلمان الحالي، فهنالك مكونات سياسية كبيرة ومؤثرة ترفض إخراج القوات
الأمريكية، من باب الإذعان والولاء وليس من باب العقلنة، ونقول (فرض
المحال ليس بمحال) بحسب أهل المنطق، ونفرض جدلا” إننا إستطعنا إخراج
القوات الأمريكية من العراق، ما هو المتوقع من ردة فعل الولايات المتحدة
الأمريكية؟، وهذا ليس من باب تهويل القوة الأمريكية، بقدر ما هو (حساب
المحتمل وإستشراف النتائج).

العراق إلان كالمريض في غرفة الإنعاش، الذي يعيش على الماكنات والأجهزة
الطبية، متى ما رفعت عنه توصيلات تلك الأجهزة فأنه سيفارق الحياة،
فالعراق الدولة التي بلا دولة، يعتاش على النفط، وليست لديه زراعة ولا
صناعة، والفساد المالي والإداري مستشر بكل مفاصل الدولة وليست الحكومة
فقط، بالإضافة إن عموم أرصدة العراق في الخارج هي تحت الحماية الأمريكية،
ومحاط بدول تدين بالولاء المطلق للولايات المتحدة الأمريكية، ومؤتمر
وارسو الأخير خير دليل، يستثنى من ذلك تركيا المتذبذبة التوجه، وإيران
التي ترزخ تحت حصار خانق، تفرضه عليها أمريكا وحلفاؤها في المنطقة، وقد
يكون العراق وتركيا النافذة التي يستنشق الأقتصاد الأيراني منهما
الأوكسجين، فهل لنا القدرة أن نصمد أمام ردة الفعل الأمريكة التي توعدت
العراق بالندم، في حال قرر العراق أخراجها من أراضيه.

هنا أستحضر مقولة الجنرال كلاوزفتش حول الصراع الغير المتكافئ:

( إستخدام أحد طرفي الصراع للقوة دون ندم ودون أن يأبه لسفك الدماء ليحجم
الطرف الأخر، فستكون اليد العليا للأول الذي سينجح بإجبار الطرف الأخر
للتحرك في المحيط الذي رسمه له، ويصبح وضعه أي الطرف الثاني الضعيف أشبه
بالشلل التام ويتحول لمجرد تابع)، على الساسة ان يعوا هذه الأستراتيجية،
فعموم الساسة الأمريكان، خصوصا المحافظون الجدد، يذهبون إلى مبدأ أنه في
حال تعارض ما يسمى بالقيم الأمريكية( حقوق الإنسان، الحرية، المساواة…
ألخ) مع تحقيق المصالح الأمريكية، فأنهم ما معناه سيرمون تلك القيم خلف
ظهورهم، عليه ستعلن أريكا الحرب على العراق، ولكنها ليست حربا” عسكرية،
بل من المحتل أن تستخدم الإسترتيجية التقنية والتي تلغي خاصية الزمان
والجغرافية، وكذلك إستراتيجية الإقتصاد الخانق، لتجعل تكاليف الأنتهاك
أكبر من كلفة الخضوع .

فهل العراق بهذه الفوضى السياسية يستطيع ان يواجه هذا الجبروت الأمريكي؟
تذكروا يا ساسة العراق حصار عام 1991، وماذا حصد العراق وشعبه غير
الويلات والتفكك المجتمعي والإنحلال القيمي، رغم إن العراق كان يملك
صناعة وزراعة، ومنظومة حكومية منضبطة لحد ما، رغم إنها خاضعة لسلطة نظام
دكتاتوري وقتها، فكيف بنا ألان ونحن نعتاش على المستورد بكل مفاصل
الحياة، حتى مياه الأنهار خاضعة لهذه الإرادة الموجهة، إذن نحتاج للتعقل
والروية والنظرة الواقعية، والجلوس للتفاوض من أجل تحجيم الوجود
الأمريكي، عبر البوابة السياسية المتزنة والمتوازنة، فأمريكا تريد إحتكار
السوق العراقية عبر شركاتها، وما الضير في ذلك مقابل تحقيق كرامة الفرد
العراقي ليس بالشعارات البالونية، بل عبر مكاسب سياسية وإقتصادية وجيو
إسترتيجية، فحياة الفرد عند الله أقدس من الوطن، إن كنتم تؤمنون بالله
ورسوله واليوم الأخر، علما عبر البوابة السياسية يملك العراق ألان نقاط
قوة كثيرة، لا تتوفرفي المواجهة العسكرية، لو وضبت بصورة مدروسة فسيكون
للعراق شأن أخر في المنطقة والعالم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب