وفد تركي يزور مصر للتفاوض بشأن دعوة الرئيس اردوغان لتحسين العلاقات بين البلدين التي تأزمت بعد ازاحة حكم الاخوان في مصر الذي انعكس ذلك على الوضع السياسي الداخلي والاقليمي لتركيا بعد الانجازات العظيمة التي حققها السيد اردوغان للشعب التركي التي ادت الى تحسن الاوضاع الاقتصادية والتجارية ومدى تأثيرها على الدخل القومي التركي وانعكاس ذلك على الاستقرار الداخلي في تركيا الا ان اردوغان اصابه الغرور بعد حالة من التدني والهوان التي عصفت بمنطقة الشرق الاوسط، وشعوره بانه الاقوى، لذلك هادن ايران التي تنافسه في نفس الطموح وصعّد مع اسرائيل للعب على مشاعر وعواطف العرب والمسلمين من اجل تعزيز المصالح التركية وفق الاسلوب البراغماتي الرامي الى توسيع نفوذ تركيا في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بعد خسارته في الملعب الاوربي دون مراعات لمصالح دول المنطقة بالرغم من ان المصالح الوطنية حق مشروع لاي دولة ولكن بشرط ان لا تكون على حساب الاخرين الا ان السيد اردوغان ضرب عرض الحائط مصالح تلك الدول وجاهر في دعم جماعة الاخوان المسلمين في مصر والتدخل في شؤونها الداخلية لحين الضربة الموجعة الذي تلقاها من الجيش المصري في 3 يوليو 2013 بازاحة حكم الاخوان مما ادى ذلك الى تحجيم مشروعه الاسلامي في احياء مجد الامبراطورية العثمانية بالرغم من ان الموقف المصري لم يكن موجه ضد تركيا بقدر ما هو شأن داخلي مصري الا ان اردوغان اتخذ مواقف معادية ليس فقط من مصر وانما مع كل من أيد مصر في ازاحتها لحكم الاخوان مثل دول الخليج ومنها السعودية والامارات والاكثر من ذلك ساند قطر لان لها مواقف معادية من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي بالاضافة الى احتضانه الآلاف من الكوادر والقيادات المصرية لجماعة الإخوان، ووفر لهم دعما سخيا في المجالات السياسية والأمنية والإعلامية انتقاماً من تلك الضربة التي أسفرت عن هزيمة معنوية للتوجهات التركية .. الى ان جاءت الضربة الثانية التي هزت كيان حكم اردوغان وهي المحاولة الانقلابية وما لها من اثر خطير على الوضع الداخلي التركي حيث اعتبرها اردوغان استهداف لطموحه الرامي الى الانخراط في منظومة الاتحاد الاوربي التي باتت بعيدة المنال .. لذلك راح يفتش عن بطولات ترد ماء الوجه للتغطية على ذلك الفشل فذهب الى ليبيا بارسال المرتزقة، وكذلك اثارة المشاكل مع قبرص واليونان فضلاً عن التدخل عسكرياً في شمال العراق وفي سوريا من قبل .. هذا التخبط زاد من عزلة اردوغان في المحيط الاقليمي والدولي والتي القت بضلالها على الوضع الداخلي في تركيا وادت الى انخفاض قيمة الليرة التركية وكذلك خسارته بأهم مدينين في الانتخابات البلدية وهي اسطنبول وانطاليا بالاضافة الى خسارة نفوذه في ليبيا بعد اتفاق القوى السياسية هناك والدور المصري في ذلك .. لهذا توصل الرئيس أردوغان إلى قناعة بأن استمرار العداء مع مصر يفضي إلى المزيد من الخسائر المحلية والإقليمية والدولية بعدما تأكد من ثبات حكم الرئيس السيسي في مصر وانحسار دور الاخوان وأن التفاهم مع القاهرة هو مفتاح تعزيز التقارب مع دول خليجية عدة، وبالتالي حل لكثير من أزمات تركيا في شرق البحر المتوسط، لهذة الاسباب جعلته يعيد حساباته الخاطئه خصوصاً بعد موقف الرئيس الامريكي بايدن من قضية الارمن لذلك جاءت دعوة اردوغان الى انهاء الخلاف مع مصر والسعودية لكي لا يشتد عليه الخناق اكثر، بينما قابلت مصر هذا التحول التركي الجديد ببرود مالم تثبت تركيا حسن نواياها باتخاذ مواقف عملية تتعلق بالشؤون الامنية قبل بحث المسائل السياسية وذلك من خلال تقديم ضمانات واتخاذ قرارات تبدد الهواجس والشكوك وتؤكد مصداقية نوايا اردوغان بعيداً عن المناورة والتقلبات التي اعتادت عليها السياسة التركية طيلة فترة حكمه .. لذلك طالبت مصر ايقاف نشاطات قيادات الاخوان المصريين الذين احتضنتهم انقرة سياسياً واعلامياً وكذلك المطالبة بسحب المرتزقة من ليبيا وايقاف الدعم للميلشيات التي باتت تشكل مصدر خطر على الامن القومي المصري وايضاً حائل دون تحقيق التسويات السياسية في ليبيا .. وقد وعد السيد اردوغان في تنفيذها خلال الاشهر القادمة .. وبذلك نتمنى ان تكون تلك الدعوة صادقة ومعززة بممارسات تؤسس لبناء جسور من الثقة بين جميع الاطراف والتعامل باجندة مغايرة لتذويب الهوة وتطبيع العلاقات وتحويل الخلاف الى صداقة استراتيجية لان اي تقارب بين مصر وتركيا والسعودية كونهم الدول الكبرى في المنطقة بالتأكيد سيشكل ذلك قوة سياسية وعامل حسم في كثير من الملفات الخلافية الساخنة ليس على صعيد الدول الثلاث وانما على صعيد امن واستقرار دول المنطقة لانه سوف يقلب موازين القوى في الشرق الاوسط ويحجم نفوذ ايران التي تسعى الى التوسع على حساب الاخرين فضلا عن فتح افاق جديدة لمستقبل مشرق لشعوب المنطقة .. لذلك نأمل من مصر والسعودية الاستجابة لدعوة السيد اردوغان ومد يدهما للتعامل معه وفق ما يحقق مصلحة للعرب بعدما اصابهم التداعي والهوان خلال العقود التي مضت .. وايضاً نأمل من السيد اردوغان ان يترجم نواياه باجراءات ومواقف عملية صادقة تذوب الجليد بين اكبر ثلاث دول اسلامية في المنطقة .