لا يخفى ان مبادرات المصالحة المجتمعية والتسوية التاريخية والتسوية الوطنية مصطلحات متقاربة في الهدف والمعنى تحمل حلولا للأوضاع والازمات المعقدة التي يعيشها العراق ، وان كانت تختلف في المسميات فإنها تشترك جميعا في الهدف رغم اختلافها في آليات تحقيق ذلك الهدف.
فالمصالحة المجتمعية تركز على مصالحة مكونات المجتمع وتدوير عجلة الاقتصاد طريقا لتحقيق الاستقرار والتعايش بين مختلف ابناء البلد ، وهي ستراتيجية يتبناها رئيس مجلس الوزراء لكنه وضع شرطا لتنفيذها بالقضاء على داعش.
اما التسوية التاريخية فان التحالف الوطني طرحها قبل القضاء على داعش وكانت خياراتها السياسية متعددة الأوجه والسمات وان كانت متشعبة اكثر من غيرها.
في حين تأتي التسوية الوطنية ورقة اخيرة ورد فعل سياسي على المبادرات المطروحة لأنه وعلى ما يبدو ان اتحاد القوى ارتأى ان يدلوا بدلوه ويبادر مثل بقية القوى الا ان ورقته كانت سياسية ذات طبيعة مناطقية اكثر منها وطنية وتركز على مرحلة ما بعد داعش حصرا اكثر من تركيزها على مستقبل البلاد السياسي.
واذا كان حديث البعض يتجه الى اطارات سياسية للمشاريع المطروحة ، فإننا يمكن ان نفسر غياب التحالف الكردستاني عن طرح مثل هذه المبادرات لسببين:
الاول: الخلافات التي تعصف بين جناحيه الرئيسين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني.
الثاني: وهو الأهم؛ ان الأكراد يجدون انفسهم خارج اطار العراق الموحد بعد داعش.. وهذا ما اعلنه صراحة نيجيرفان بارزاني عبر وسائل الاعلام يوم امس.
وان كان الوضع الجديد الذي خلقه داعش هو السبب الرئيسي في توجه كردستان لتقرير المصير ، وهو السبب ايضا في اطلاق هذه المبادرات من القوى السياسية استعدادا للمرحلة المقبلة؛ ومع الترحيب بكل جهد وطني شريف يؤمن بالديمقراطية والعراق الموحد والعملية السياسية وتضحيات الشعب الصابر المجاهد ويسعى لمستقبل افضل ، فإننا نتساءل:
لماذا لم تطلق مثل هذه المبادرات السياسية بهذا الكم قبل ظهور داعش؟؟ ولماذا لا تتوحد هذه المشاريع الان عبر حوار وتفاهمات جماعية ومن مختلف القوى في مشروع وطني جامع يكون طريقا للخروج من الأزمات بوجود داعش او اندحاره بلا رجعة ان شاء الله ؟؟ ام ان هذه المشاريع ستبقى متفرقة وكل طرف يسعى لفرض ارادته ووجهة نظره على الآخر او انها ستكون مشاريع سياسية وبوابة للسباق والصراع والخلاف في الانتخابات المقبلة اكثر من كونها بوابة للنجاة وبناء المستقبل السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعراق في المرحلة المقبلة!!؟؟.
كل هذه الأسئلة وغيرها نضعها على طاولة الساسة وصناع القرار.. فهل من مجيب؟؟.