7 أبريل، 2024 11:40 ص
Search
Close this search box.

هل من فتوى لتنظيف بغداد؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا أعتقد أن أحدا يختلف عن كون العاصمة بغداد تعتبر من أكثر عواصم العالم تلوثا في بيئتها، حيث تفوح منها رائحة المجاري الطافحة التي تزكم الأنوف وأطنان الأكداس من الأزبال والنفايات والأوساخ تغطي وجهها الكئيب بعد أن أراد لها أعدائها من الداخل والخارج أن تلبس السواد ويعمها الظلام ويسكن الخوف والرعب أهلها، هذا أضافة الى تردي باقي خدماتها الأنسانية الأخرى. فأذا أستثنينا بعض من مناطقها فلم يبق من بغداد أي شيء يذكر، سوى مناظر الخراب والدمار والحرائق التي خلفها القصف الأمريكي وبقايا أثار ومخلفات العبوات الناسفة والسيارات المفخخة التي حفرت قلوب العراقيين وشوارعهم على السواء وتركت جراحا وآثارا من الصعوبة أن تندمل. وهذا لا يعني أن بغداد كانت قبل سقوط النظام السابق جنات عدن!، بل أن تردي أوضاعها الخدمية والأنسانية وتلوث هوائها وبيئتها بدأ منذ حرب الخليج الأولى( الحرب العراقية الأيرانية) وأزداد في حرب الخليج الثانية ( حرب الكويت) عام 1990 تلك الحرب التي قصمت ظهر الحكومة والشعب آنذاك، ورسمت ملامح سقوط النظام السابق ونهاية وتمزق العراق، حتى جائها الطوفان وأعلن عن سقوطها وأحتلالها من قبل الأمريكان في 9 /4 /2003 فغرقت بغداد من جديد ببحر مرعب وعميق ورهيب من الخوف والموت والأحزان والألام والفوضى والفساد الى هذه اللحظة، ولا ندري متى سينتهي ذلك، فعلمه عند الله عز وعلا؟. من الطبيعي أن الأنسان العربي والعراقي تحديدا وبحكم تركيبته العشائرية والدينية يلتجأ الى مرجعياته الدينية وعشيرته عندما يشعر بالخوف بسبب ضعف الدولة وغياب القانون وأنفلات الأمور، وأن غالبية العراقيين ومع الأسف يعيشون هذه الحالة من الخوف والغربة وهم داخل العراق! منذ الأحتلال الأمريكي للعراق وأسقاط النظام السابق عام 2003 ولحد الآن ،بكل ما في ذلك من أفرازات سلبية في ظل غياب القانون وأدارة حكومات فاشلة بائسة ، كأنها حكومات تصريف أعمال ليس ألا! بدأ من حكومة الدكتور أياد علاوي وأنتهاء بحكومة (عبد المهدي) الحالية. كلنا يعرف حجم ووزن المرجعيات الدينية وما تمتلكه من ثقل ديني وأجتماعي وسياسي وتأثير على الناس، ورغم حرص ورغبة الجميع بعدم زج هذه المرجعيات في الأمور السياسية والأبقاء والمحافظة على دورها في التوجيه والأرشاد، ألا أن البعض أراد زج هذه المرجعيات في كل صغيرة وكبيرة مما أحدث ردود أفعال سلبية كثيرة وكبيرة، أنتقصت الكثير من هيبة تلك المرجعيات ورموزها المؤقرة، على سبيل المثال عندما عجز أحد وزراء الكهرباء عن أيجاد حل لأزمة الكهرباء، ذهب الى السيد السيستاني زعيم المرجعية في النجف الأشرف، ليطلب منه أصدار فتوى لترشيد الأستهلاك!. من جانب آخر قد يتصور البعض أن أصدار فتوى هو أمر هين وسهل حيث بالأمكان أصدار عشرات الفتاوي يوميا!، في حين أن المرجعية في النجف وتحت زعامة السيد السيستاني لم يسمع عنها أنها أصدرت أية فتوى منذ عام 2003 أستثناء من ( فتوى الجهاد الكفائي) التي أملتها الظروف العصيبة التي مر بها العراق أثر أحتلال داعش لمدينة الموصل عام 2014.، فالفتاوى تصدر عندما تتعرض ويداهم البلاد الخطر الذي يهدد كيانها ويلحق الأذى بأهلها. ندخل الى صلب الموضوع، فأن تلوث البيئة العراقية بفعل أطنان الأزبال والأوساخ المكدسة الذي صار منظرها مألوفا ومع الأسف سواء في بغداد وبقية المحافظات الأخرى عدا (أقليم كوردستان) ، ناهيك عن المخلفات العسكرية المحروقة والمتروكة بسبب الحرب والملوثة بالاشعاعات الخطرة وخاصة في المحافظات الجنوبية والغربية، والتي سببت الكثير والعديد والغريب من انواع الأمراض والتي باتت تحصد بأرواح العراقيين وأهمها مرض السرطان الذي أصبحت الأصابة به كأنها ( أنفلاونزة)! حتى وصل معدل الأصابة بهذا المرض اللعين في المحافظات الجنوبية وتحديدا البصرة الى 3000 أصابة شهريا!!. المصيبة تكمن أن منظر هذه الأوساخ والنفايات وبقايا مخلفات الحرب العسكرية والملوثة بالأشعاعات القاتلة والذي أشبهه بالقاتل (الشبح والمجهول)! الذي يأكل بأرواح العراقيين بكل صمت وهدوء!،لا يزال متروك وبدون أية مبالاة واهتمام من قبل الحكومة سواء من الحكومة المركزية في بغداد أو من باقي الحكومات المحلية في المحافظات!. أن كل الحكومات التي توالت على حكم العراق من بعد الأحتلال الأمريكي له عام 2003 أهملت العاصمة بغداد بقصد واضح ومع الأسف، ونفس الحال بالنسبة للحكومات المحلية في بقية المحافظات؟!. نعود الى مرجعية النجف وموضوع الفتوى، أن المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف والتي يتزعمها السيد السيستاني، طالما أشعرت الناس من خلال رسائلها وتوجيهها عبر خطب الجمعة بأنها توصي وتؤكد على ضرورة الأهتمام بالأنسان وأعطائه كافة حقوقه وتلبية كافة متطلباته وتوفير الحياة الحرة والكريمة له، أضافة الى تأكيدها على ضرورة وزرع المحبة والتآلف بين الناس. وهنا نسأل : أليست الأمراض الخطيرة التي تفتك بالعراقيين بسبب كثرة الأوساخ واهمال النظافة تمثل خطرا عاما على الجميع حالها حال الأرهاب الذي هدد حياة العراقيين؟. وبسبب اهمال الحكومة الواضح الأهتمام بنظافة العاصمة بغداد تحديدا بل وبقية المحافظات الأخرى عموما، لماذا لم تفكر المرجعية بأصدار فتوى عامة تجبر العراقيين صغارا وكبارا شيبا وشبابا لتنظيف العراق بكل محافظاته وتحديدا العاصمة بغداد، التي أينما تولي وجهك ترى ملايين الأطنان من أكداس الأوساخ والأزبال تغطيها؟. لا سيما أن المرجعية معروفة بحرصها وتوجهاتها الأنسانية التي تؤكد على أهتمامها بالمحافظة على الأنسان العراقي. صحيح أن كل محافظات العراق هي أسوء من بعضها البعض في كل شيء من النظافة والخدمات و و و وكل شيء بما فيهم النجف نفسها بيت المرجعية!، ألا اننا نركز على بغداد بأعتبارها العاصمة، ومن الطبيعي ذلك، حيث أن جميع دول العالم تولي أهتماما متميزا لعاصمتها لأنها مركز الحكم وأدارة البلاد ومقرا لجميع وزارات الدولة ومؤوسساتها المدنية والعسكرية منها. أن العاصمة بغداد تعيش كارثة بيئية رهيبة تتمثل بتلوث هوائها وبيئتها بكل ما هو خطير بسبب أنعدام أية خدمات فيها حتى في موضوع الماء الصالح للشرب حيث أختلط بمياه المجاري في بعض المناطق!، مما أدى الى أنتشار الكثير من الأمراض التي بدأت تفتك بالعراقيين مثل التايفؤيد والتهاب الكبد الفايروسي مع ظهور أصابات بالسل الرئوي والكوليرا والقائمة تطول، وأعتقد أن هذه كارثة لا تقل عن كارثة الأرهاب ولكن بصورة أخرى!. أننا على يقين بأن جميع المرجعيات الدينية على أختلافها وخلافاتها البسيطة حريصة على سلامة المواطن وأستقراره وراحته ولأننا يئسنا من أن تقوم حكومتنا على تنظيف بغداد وأصلاح خدماتها ورفع أنقاضها لذا وجهنا ندائنا الى المرجعية الرشيدة في النجف. ولكن وبنفس الوقت نقول ، أذا رأت المرجعية أن مثل هذه الفتوى تنتقص من هيبتها ومكانتها!، فعلى أقل تقدير كما يقال، عليها أن تحث الجميع وعبر وكلائها في بغداد وبقية المحافظات ومع أئمة المساجد وخطباء الجوامع والحسينيات بأن يطلبوا من الناس كلا ضمن منطقته بالقيام بحملة تنظيف لمناطقهم وبالتنسيق مع المجالس البلدية في المنطقة. فلا أدري كيف يقبل أمام المسجد والجامع أو الحسينية أن يقيم خطبته وصلاته ورائحة المجاري والعفونة تمليء المسجد والجامع والأزبال متكدسة بالقرب منهم، حتى يضطر المصلون والناس في بعض الآحايين الى القفز من هنا وهناك من أجل تفاديها قبل الدخول الى المسجد!. على أن يعتبر القيام بتلك الحملة أشبه بفتوى أو أمر ديني لا يجوز التقاعس عنه!، والأهم أعتبار ذلك، جزء مكملا من الأيمان بالله ورسوله وكل المعتقدات الأخرى. أخيرا نقول: أن دعوتنا هذه تأتي أنطلاقا من حديث الرسول العظيم (ص) ((النظافة من الأيمان، وتنظفوا فأن الأسلام نظيف)).فهل ستقدم المرجعية على مثل هذه الخطوة الأنسانية وتصدر فتوى لتنظيف محافظات العراق كافة وبغداد تحديدا درءأ من المخاطر التي تهدد أهلها وسكانها، بعد أن باتت الأمراض تهدد حياتهم اليومية أكثر من الأرهاب؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب