23 ديسمبر، 2024 9:47 م

هل من شاعر يمدح ساستنا؟

هل من شاعر يمدح ساستنا؟

لاأظنه من باب الصدفة او كما يقول مثلنا: (عثرة بدفرة) ماسأرويه في سطوري هذه، إذ من المؤكد أنه نتيجة فعل فاعل او فلنقل جملة فاعلين، مع فرق الزمان والمكان والأدوات والهيئة، أما الغاية والغرض فلا أظنهما يختلفان. إذ أراني كلما قلبت دواوين لشعراء كانوا قد عاشوا في منتصف القرن المنصرم، حيث حكومات العراق المتصارعة والتيارات الغربية المؤثرة بشكل مباشر او غير مباشر على قوانين البلد إبان الحكم الملكي، أرى في طيات تلك الدواوين ماينطبق حرفيا على مايحدث حاليا على الساحة السياسية العراقية اليوم، وكأني أرى أولئك الشعراء بأم عيني وأسمعهم بأم أذني وألمسهم بأم كفي، فـ (الأمهات) جميعهن يحضرن لشدة تطابق الصورتين تماما.

فهذه ابيات لعبد الغني الرصافي كان قد قالها في العهد الملكي سأدعها تتكلم بلا تعليق:

أنا بالحكومة والسياسة أعرف

أألام في تفنيــدهـــا وأعنـف

علم ودسـتور ومجلـس أمـة

كل عن المعنى الصحيح محرف

أسماء ليس لنا سوى ألفاظها

أمـا معانيهـا فليسـت تعرف

من يأت مجلسـنا يصدق أنـه

لمـراد غيـر الناخبيـن مؤلـف

كثرت دوائرها وقـل فعالهـا

كالطبل يكبر وهو خال أجوف

كم ساء منها ومن وزرائهـا

عمل بمنفعة المواطن مجحف

وتطول القصيدة بابيات كأنها نظمت وفصلت على مقاس مجالسنا الثلاث. وفي نفس الحقبة كانت للشاعر ملا عبود الكرخي قصيدة خص فيها البرلمان أيضا، الذي على مايبدو انه يحظى دوما وفي كل الحكومات باهتمام الوطنيين، فيحتل الصدارة في قصائد شعراء تلك الحقبة، كونه يصارح المسؤول بسلبياته كما يقول مثلنا: (ينطي كلمن طينته بخده). إلا أن ما لفت نظري انني لم أقرأ قصيدة مدح صريحة صادقة لشاعر بحق سياسي او مسؤول قط. فيقول الكرخي:

گمت ما أعرف حماها من الرجل

ياهو التكظه اهو يمثل العدل

وگمنه نستورد الشلغم والفجل

لأن كلها ظلت تدور ودچ

قيم الرگاع من ديرة عفچ

لكنني استبشرت خيرا من آخر بيت للكرخي حيث حثنا منذ ذلك الوقت باختيار النزيه والـ (شريف) من قادتنا، وكأنه يعلم ما سيفعله المسؤول حين يعتلي صهوة الكرسي كما يحدث اليوم، فقال:

لازم نميز الزين من الزلم

وننتخب كلمن شهم صاحب علم

ونرفض اللي يجي كل يوم بفلم

من يشوف المنصب شويه اندرچ

قيم الرگاع من ديرة عفچ

اليوم بعد ثمانين عاما من طرح هاتين القصيدتين.. ما الجديد في الحكومات والنواب والسياسيين الذين تعاقبوا على تسنم المناصب العليا في البلد؟ وهل بإمكان شاعر من شعرائنا اليوم مدح أحدهم في قصيدة أو نتفة او بيت او حتى شطر واحد؟ لاأظن أن بالإمكان حدوث مثل هذا اليوم..!

*[email protected]