قبل الجلسة الصادمة لمجلس النوّاب العراقي الجديد يوم أمس , كانت هنالك تسريبات إعلامية بحصول توافق على توّلي سليم الجبوري رئاسة مجلس النوّاب وبرهم صالح رئاسة الجمهورية , وكنت اتسائل مع نفسي كيف ستسلّم رئاسة مجلس النوّاب لشخص كان إلى وقت قريب متّهم بالتوّرط والتعاون مع الإرهاب ومطلوب للقضاء العراقي بهذه التهمة ؟ وما هو موقفه من الأحداث الجارية في مدن الغرب العراقي واحتلال كركوك والمناطق المتنازع عليها من قبل قوات البشمركة ؟ وهذه التساؤلات كانت قبل انعقاد جلسة مجلس النوّاب يوم أمس وانسحابه هو وكتلته بالطريقة التي شاهدها العراقيون والعالم أجمع , وهذه الأسئلة تنطيق أيضا على برهم صالح المرشح لرئاسة جمهورية العراق ؟ فكنت أيضا اتسائل عن موقفه وموقف الاتحاد الوطني الكردستاني من احتلال كركوك والمناطق المتنازع عليها من قبل قوات البشمركة التي يقودها مسعود بارزاني ؟ والحقيقة كنت اعتقد أنّ لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني موقف آخر غير الموقف الذي يتبّناه الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسه مسعود بارزاني .
لكنّ بيان المكتب السياسي للحزب الذي اصدره يوم أمس على شكل تصريح صحفي , قد قطع الشّك باليقين وأوضح تماما موقف الحزب من كركوك والمناطق المتنازع عليها واحتلالهما من قبل قوات البشمركة , فليس هنالك وضوح بالموقف أكثر من هذا الوضوح , حيث جاء في البيان أولا ( لقد قلنا وبصراحة وقبل الأحداث الحالية , أنّ الكرد حدد مهلة أقصاها الربيع القادم من العام المقبل , فيما إذا لم يتم تنفيذ المادة 140 بالكامل , فإننا سوف نحسم المشكلة بقرار من القيادة الكردية ) , وأضاف التصريح في ثانيا ( لقد عاد البشمركة إلى موطن آبائهم وأجدادهم , ولم نسلب شبرا واحدا من أرض أي مكوّن ) , فموقف الحزب قد أصبح واضحا بعد هذا البيان , والحقيقة هذا هو موقف كل الأحزاب والحركات الكردية كحركة التغيير أو غيرها , فلا خلاف بينهما حول موضوع كركوك والمنطاق المتنازع عليها أو حول تقرير المصير وإعلان الدولة الكردية المستقلة .
والسؤال المهم الذي يدور في ذهن المواطن العراقي العربي والتركماني , هل من المنطق أن يكون رئيس جمهورية العراق ورمز سيادة البلد كرديا بعد الآن ؟ ولماذا لا يكون رئيس الجمهورية مسيحيا ورئيس مجلس النوّاب تركمانيا ؟ أليسوا هم أيضا عراقيون ؟ وهل يصح بعد أن قاطع النوّاب الأكراد والسنّة جميعا جلسة مجلس النوّاب أن نركن إليهم ونثق بهم ونسلمهم رئاستي مجلس النوّاب والجمهورية ؟ لماذا لا نكون واقعيون وشجعان ونصارح الشعب العراقي بأن الاحزاب الكردية والسنّية قد اتفقت على تقسيم العراق , وإنّ المكوّن الكردي عازم عن الانفصال عن العراق , والمكوّن السنّي لا يقبل إطلاقا أن يشاركه شيعي في حكم العراق ؟ أليس من الواجب الشرعي والأخلاقي أن نصارح شعبنا بهذه الحقائق ونكشف له أنّ التوافق بين المكوّنات في العراق لم يعد ممكنا وأصبح أمرا ميؤسا منه ؟ أم نبقى نضحك على ذقون أبناء شعبنا الذين يضّحون بأرواحهم من أجل وحدة هذا البلد ؟ ما مصلحة العراق أن تكون واجهته السياسية إلى العالم الخارجي كردية ؟ و هل كردستان عراقية حتى يكون لها وجود داخل الحكومة الاتحادية ومؤسساتها ؟ في الختام أقول لا وألف لا لأي رئيس كردي قادم .