23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

هل من الممكن أن تصدر فتوى بتحريم انتخاب السياسيين الحاليين؟

هل من الممكن أن تصدر فتوى بتحريم انتخاب السياسيين الحاليين؟

من الممكن جداً أن تصدر فتوى تحريم انتخاب كل من كان في الحكومة والبرلمان، خلال تلك السنين، لو  تتبعنا تصريحاتها الأخيرة، فالمرجعية الدينية العليا انتهجت وتيرة متصاعدة في تحقيق الإصلاحات لهذا البلد والمطالبة بإرجاع حقوق الشعب المسلوبة ومحاسبة المقصرين.

هذه الدعوات لم تكن بالجديدة وإنما كانت متجددة منذ سنين، ولكن لم تجد هذه المناشدات آذاناً صاغية، فحثت الشعب العراقي على التغيير خلال الانتخابات الماضية في عام 2014م، وأكدت بمقولتها الشهيرة (إن المجرب لا يجرب)، ولكن السياسيين للأسف فهموها وفسروها وفق أهوائهم، ولم تأت الحقيبة الوزارية سواء بأن يكون هذا بدل ذاك وذاك بدل هذا في المنصب، أما البرلمان نعم دخلته وجوه جديدة وخرجت أخرى، لكن الغالب مسلوب الإدارة والقرار بيد حيتان الفساد رؤساء الكتل.

وبعد أن طفح الكيل بالشعب خرج يطالب بحقوقه، فنعقت غربان السياسة، وحاولت التقليل منها وكبحها، إلا أن صوت المرجعية جاء ليقطع الشك باليقين وأعلنت من خلال منبر الجمعة في كربلاء المقدسة بتاريخ (14شوال 1436هـ الموافق لـ31تموز 2015م): (على الحكومة العراقية ببذل قصارى جهدها في تحقيق المطالب المشروعة للمواطنين بأساليب مناسبة تعبّر عن احترام الدولة لمواطنيها ورعايتها لحقوقهم وعدم اللجوء الى الأساليب الخشنة في التعاطي مع مطالبهم المشروعة، محذّرةً من الاستخفاف بها والتقليل من شأنها وعدم الاكتراث بتبعاتها).

كانت هذه الخطبة حافزاً كبيراً للشعب العراقي، لكن خطبة الجمعة التي تلتها وكانت بتاريخ (21شوال 1436هـ الموافق 7آب 2015 م)  قالت فيها: (على رئيس الوزراء العراقي أن يكون أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الاصلاحية ولا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي اعلن عنها مؤخرا بل يسعى الى ان تتخذ الحكومة قرارات مهمة واجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية فيضرب بيد من حديد لمن يعبث بأموال الشعب ويعمل على الغاء الامتيازات والمخصصات غير المقبولة) .

كان هذا بمثابة إعلان التفويض لرئيس الحكومة وهي سابقة أولى من نوعها، فتحرك السيد العبادي وأعلن حزمة من الإصلاحات.

ثم كان يوم الجمعة بتاريخ (28شوال 1436هـ) الموافق لـ(14آب 2015م) فأعلن بالخطبة عن كيفية الإصلاح وهددت من يقف ضده حيث قالت: (على الحكومةَ العراقية ومجلسَ النوّاب ومجلسَ القضاء الأعلى بإجراء الإصلاحات المطلوبة بصورةٍ مدروسة ومن غير تلكّؤ وتأخير، وأنّ الشعب الكريم يُراقب عملهم ويُتابع أداءهم وسيكون له الموقفُ المناسبُ ممّن يعرقل أو يُماطل في القيام بالإصلاحات ومكافحة الفساد، ولا بد من إصلاح الجهاز القضائي فإنّه يشكّل ركناً مهمّاً في استكمال حزم الإصلاح، ولا يُمكن أن يتمّ الإصلاح الحقيقيّ من دونه).

إلا إن حركة الإصلاحات كانت خجولة ولم تنفذ على أرض الواقع والبعض يحاول أن يماطل ويسوف القضية حتى تتلاشى، فكانت الخطبة لهذه الجمعة الماضية  (5ذي القعدة 1436هـ) الموافق لـ(21آب 2015م) إعلان الحرب التي لا خيار فيها غير الانتصار حيث قالت وبصريح العبارة: (أنّ معركة الإصلاحات التي نخوضها في هذه الأيام هي معركةٌ مصيريّة تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعباً وحكومةً إلّا الانتصار فيها).

فالمتتبع يرى أن التصريحات هي خطى في خارطة إصلاح شاملة، لا تراجع فيها ، لا هواد،  بل هي تصعيدية ما دامت الحكومة ومجلس النواب يماطل ويسوف ولا يحسم.

أما الإصلاحات التي أعلنت هي كالتالي:

اولا: إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية فوراً، ولحد اللحظة لم يصدر أمر ديواني بذلك.

ثانيا: خفض الحد الاعلى للرواتب التقاعدية للمسؤولين على أن تقدم خلال اسبوع، لم يصدر شيء لحد الان رغم مرور اسبوعين.

ثالثا:  تفعيل القروض (الصناعي ، الزراعي، الاسكان، قروض المشاريع الصغيرة) قبل نهاية الاسبوع، ومر اسبوعان ولم تفعل القروض رغم انه قال قبل نهاية الاسبوع الماضي.

رابعا: انجاز برنامج الدفع بالآجل خلال اسبوع، ومر اسبوعان دون ان ينجز.

خامسا: وهو الأهم: حزمة اجراءات لحل مشكلة الكهرباء بما يتعلق بـ: الانتاج ، النقل والتوزيع والجباية ينجز خلال اسبوعين، ومر الاسبوعان والكهرباء على حالها.

كما أن المرجعية أعطت الوقت وقالت: الإصلاح يحتاج إلى صبر ولا يمكن الوصول إليه بأيام قلائل، ولكن كم سيطول هذا الوقت؟ وماذا أن نفد دون تغيير؟ أيها السياسيون أحزموا حقائبكم فالقادم أعتقد أعتقد أنها حرب لا وجود للكفائية فيها.