17 نوفمبر، 2024 10:43 م
Search
Close this search box.

هل من الحق ان نموت في سبيل الله ؟

هل من الحق ان نموت في سبيل الله ؟

مازلنا على العهد ماضون …حناجرنا المستاجرة مافتأت تصدّح ” بالروح بالدم نفديك يافلان ” ، وليس المهم من يكون فلان هذا …فالصور والاسماء والشعارات قابلة للاستبدال السريع مع تغير اتجاه الريح والدفع المريح .

ومن فضائل الازمات والحروب والانقلابات ..أنها ترفع طبقات جديدة نهلل لها ولا تصدّح لها الحناجر فقط ، وانما نمنحها المنابر ونفرغ لها المحابر في مسرحية ساخرة تبرز مدى انتهازيتنا وخبثنا ونفاقنا ، حيث نتجرد من ظمائرنا ومبادئنا بنفس سهولة تجردنا من ملابسنا .

ومازلنا على مبادئنا ثابتون ..فالموت في سبيل الله غاية نبيلة نتمناها ووسيلتنا الى ذلك قطع الرقاب وتفجير البدن وجلد الذات ….فياله من اله يخوض في بحر دمائنا من الف واربعمائة سنة ونيّف ؟ فأن كنا لحد الان نقدم القرابيين الدموية من اجل الله ونصرة دينه وتخليصه من الشياطين المتلبسين لبوسه ، فهل لان الله فشل في هدايتنا وهو الذي بشرنا ببعث محمد اخر الرسل وعلى يديه سيتم الدين ؟ فان كان البعض من البشر عصيّ على الهداية ، فلم لم يستمر باؤسال رسله لاصلاح شانهم ؟

هل ارتكب الله خطا جينيا في خلقنا …فصرنا مخلوقات لا ينصلح حالها بتمرير السيف على رقابنا الى ان يأذن الله لنا بالفرج؟ هل خلقنا الله …معشر المسلمين ..بنصف عقل ، وخلق غيرنا بعقل ” فول اوشن ” ؟ وان كنا بنصف عقل فأين سيضع فقهائنا المعروف عنهم “تقديسهم” للمرأة وهي اصلا ..وفق اقوالهم ..بنصف عقل ؟

أن كان الله خلقنا كي نموت من أجله ، فهذا تفسير بائس وهش وظلامي ينسف كل معنى للحياة …وأن سرنا مع فلاسفة الجهل وفتاويهم التي تهددنا من على المنابر كل ساعة بالويل والسعير وناكر ونكير وتطالبنا بالجهاد بالنفس بمناسبة وبدونها ، لما أصبح لحياتنا من معنى سوى الجهاد المستمر والموت الدائم لان القضايا التي تستوجب الجهاد وبذل النفس لا تنتهي عندهم …لا في عصرنا هذا ولا الى يوم يبعثون .

المشكلة مع المنافقين الهاتفين بالروح وبالدم نفديك يافلان ، انهم لا يرون في الاوطان سوى مغانم ومزارع جاهزة للحصاد بدون ان يبذروها ويسقوها وعندما تشتد الخطوب وتحين ساعة الحقيقة تراهم اول الهاربين بالجمل بما حمل الى جبل عاصم …هؤلاء ينظرون ويفلسفون ان الصلاة خلف زيد أفضل وطعام عمر ادسم ..ولا ضير بدفع الاخرين للموت ماداموا هم بمأمن .

ومشكلتنا مع الطائفة الثانية دعوتهم الى سفك الدم بلا وازع اخلاقي او عقلي .

فهل سفك الدماء سيبني لنا حياة أفضل ؟ الدم هو نسغ الحياة الطاهر ومن الحرام أن يراق الا في سبيل الحياة …فالله ليس بحاجة الى دمائنا ..ولا سفكها من اجله سيقربنا شبرا منه أن لم تنصع صفحاتنا ….ولا فلان من الناس ولا علان يستأهل أن نفديه بالدم لانه لا يستاهلها مهما علا شأنه …ولا كان للدماء يوما شأن بعلو قامة هذا او ذاك .

اذن من الجرم ان نرى سيول الدم المفوكة في بلداننا ترضية لأهواء يثيرها الجهل ويسوقها الموت ، وكما صرخ المفكر الكبير ميخائيل نعيمة قبل اكثر من 80 سنة في ” البيادر ” : ” لا بد لهذه الانسانية المفصودة بمفاصد البغض والجشع من صوت يهيب بها الى حقن دمائها والاحتفاظ بما تبقى منها لغايات أنبل وأسمى من استبدال حكام بحكام ، وتخوم بتخوم ، واوبئة بأوبئة ” ….ومن تاريخه ولم تجد الصرخة أذنا صاغية لتسمع وتتفكر …
فالدم يسفك مادامت الحكمة خرساء والمعرفة عمياء ومفكرو الامة .

أحدث المقالات