23 ديسمبر، 2024 3:49 ص

هل مات صدام فعلا.. وأنتهى؟

هل مات صدام فعلا.. وأنتهى؟

رغم كل الدمار الذي سببه, حكم الطاغية المجنون صدام, خلال سنواته التي تجاوزت الثلاثين, وحزبه بفكره المنحرف معه, والذي نتج عن رغبة حقيقية بالدمار, لنا ولمن جاورنا من الدول, حتى وصلت أثاره إلى دول أبعد, بل وغيرت مسار وواقع منطقة الشرق الأوسط, والعالم ككل إلى غير رجعة, ورغم إعدام الطاغية وهلاكه, إلا أن صدام لم يمت.. نعم مات الشخص, ذهب إلى جهنم وبأس المصير.. ولكن فكره ومنهجه لم يمت.
كل مسؤول لايفهم شيئا, ويدير الدنيا وكأنه يفهم في كل شيء, وفيلسوف عصره, ويجبر الناس على السير في ركابه, وتنفيذ أفكاره الكارثية, وسماع خطبه الرنانة, التي لا تغني ولا تسمن من جوع.. هو صدام جديد.
كل وزير يدير وزارته, وكأنها ملك له, ولعشيرته أو لحزبه, وأنها مرتع لهم يتمتعون بخيراتها, ويديرها كيف يشاء, ولا علاقة للكفاءة أو الخبرة أو الشهادة..فهو أصلا ليس أهلا لمكانه, ولا يملك الاختصاص أو المؤهلات لملء منصب وزارته.. هو طاغية مهما كانت شهادته, أو زيه الكاذب.
كل مدير أو مسؤول صغير, يعامل مرؤوسيه, وكأنهم ملك يمينه, له حق معاقبتهم, ومعاملتهم دون أبسط الحقوق, التي ضمنها القانون لهم, ولا حق لهم بمناقشته, أو إبداء الرأي في طريقة عمله, ويجعل المعمل الذي يديره أو المؤسسة , مملكته و سلطنة يورثها من بعده.. أو يضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب…هو دكتاتور بالفطرة.
كل سياسي يظن أن رأيه, ورأي حزبه وحده هو الصحيح, والآخرين كلهم على خطا, وأنهم إما طائفيون, يرغبون في إزاحته, عن حقه بكرسيه.. أو خارجون عن القانون.. أو حلفاء خانوه.. هو صدامي العقيدة والفكر والمنهج والتطبيق.
كل موظف أو إنسان, ولو كان بسيطا, يتصور أن الوطن ملكه وحده, وأنه هو المتضرر الوحيد, والمضطهد الأول, والمظلوم الأكبر, ولم يأخذ من حقه بوطنه شيئا.. هو صدام جديد.. ودائم.
لا نكذب على أنفسنا, فكلنا صداميون بطريقة ما, ومن لم يكن يطبق أفكار صدام, فهو بأحسن الأحوال, لازال أسيرا لأفكار, تتعلق بصدام, ولو كانت بمقاومته!
صدام مات جسدا.. لكن هناك العشرات, بل الآلاف من الصدامات الصغيرة.. في عقولنا وقلوبنا, مادمنا لانقبل وجود الأخر, ولا نحترم فكره ورأيه.. ولا نعتقد أن إحتياجاته ومتطلباته, هي جزء من حقه.
لن يموت صدام النموذج حقيقة, إلا إن قتلناه.. داخلنا أولا.