كُتِبَ دستور العراق بعجالة وتحت مظلة دولة الأحتلال, وقوى محلية وإقليمية ودولية. فجاء مشوشاً يختلف فيه التفسير, لغموض بعض فقراته الهامة, مما جعله مثيراً للفتن وأرضاً خصبة لأختلاق الأزمات ,التي يصعب حلها في هذا الجو الملتهب طائفياً وعرقياً وسياسياً.ولكن رغم هذا ففيه من الأيجابيات لو طبقت بشكل جيد وبروح وطنية لكنّا من أسعد الشعوب. وأهم هذه الأيجابيات هو مبدأ فصل السلطات وهي السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب, والسلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس رئاسة الجمهورية والحكومة, والسلطة القضائية المتمثلة بمجلس القضاء الأعلى,الذي يضم المحاكم بدرجاتها والأدعاء العام, الذي يرعى حقوق الشعب ويقف بوجه من يخترقها أو يسيء لها.
ولابأس أن نستعرض هنا واقع هذه السلطات ومدى إلتزامها بواجباتها وشرعيتها.
فمجلس النواب إخترق الدستور. ولم يقم بواجبه بالشكل المطلوب.ومن يتابع نشاطات هذا المجلس يجد إن أغلب أعضائه لا يتواجدون في جلسات المجلس للقيام بواجباتهم. وإنما غائبون أو يتسامرون في كافتريا المجلس . وهم قانوناً وشرعياً موظفون في الدولة العراقية يتقاضون أجراً عن هذه الوظيفة. وقد أقسموا على الألتزام بالدستور وخدمة الشعب ورعاية مصالحه. ومن المنصف أن تُسجَّل غياباتهم. وعندما تتعدى الحد المسموح به وفق نظام الأجازات والأنقطاع عن العمل على رئاسة المجلس فصلهم من العمل, كأي موظف في الدولة. وإن لم يكن هناك قانون يُلزم رئاسة المجلس بهذا, فعلى المجلس إصدار تشريع ينظم عمل المجلس وتعديل نظامه الداخلي, بما يتلائم مع المصلحة العامة.ويُلزم أعضاء مجلس النواب بحضور جلساته. فليس من المعقول تعطيل عمل هذا المجلس. وتأخير إصدار قوانين تهم الشعب ومصيره, كما يجري اليوم ,عندما يعطل هؤلاء النواب إصدار قوانين مهمة كقانون الميزانية العامة, رغم وجودها فترة طويلة في أدراج رئاسة هذا المجلس,وقوانين البنى التحتية والنفط والغاز والأحزاب وقوانين أخرى بغاية الأهمية .ومن أغرب الأمور ألآ يرفع هذا المجلس الحصانة عن نواب متورطين بالأرهاب أو بجرائم .كما إن المجلس فشل فشلاً ذريعاً وعجز عن إستدعاء أي مسؤول ومحاسبته لفسادٍ او إهمال أوفشل.
إن إستهتارأعضاء مجلس النواب بمصلحة الشعب بئتمارهم بأوامر رؤساء كتلهم, ومقاطعة جلساته, وعدم إكتراثهم بما يجري في البلاد, بات أمراً خطيراً بحاجة لعلاج سريع. لأنه يعرض البلاد للخطر ويفرط بمصالحه الآنية والمسقبلية.وهنا من الأنصاف أن يحل مجلس النواب نفسه.أو يطلب المدعي العام من القضاءحله, لعدم قيامه بواجباته الأساسية التي فوضها له الشعب وفق الدستور.ويطلب إيقاف رواتب أعضاء هذا المجلس المتغيبين. لأنه المنوط به الدفاع عن حقوق الشعب قانونياً ودستورياً .
أما السلطة التفنفيذية فمجلس رئاسة الجمهورية بات غير شرعياً فرئيس الجمهورية منذ أكثر من سنة متغيب عن العمل, عاجز عنه. وهذا فراغ دستوري خطير. وأحد نوابه متهم بالأرهاب وهارب خارج البلاد.ولم يعين مجلس النواب بديلاً عنه. ولا وجود إلا لأحد نواب الرئيس يعمل وكأنه المجلس كله. وهذا إختراق للدستور.لأن هذا المجلس أصبح بحكم المنحل.
أما الشطر الثاني من السلطة التنفيذية وهو الحكومة ووزراؤها فباتت مخالفاتها لا تعد ولا تحصى. فهي لم تقم بواجباتها المطلوبة, أو فشلت في هذا أو ربما أُفشلت بقصد وتعمد .فلا أمن ولا خدمات ولا رصانة لأقتصاد, وتخبط عشوائي وإجراءات إعتباطية .حكومة أصبحت عاجزة تماماً وغير فعالة.وسبب هذا كونها حكومة موالاة ومعارضة في آن واحد .لا حول ولا قوة لرئيس مجلس الوزراء.ومهما عمل يجد عوائقاً وإفشال متعمد ,وتشويهاً للحقائق, من شركاء خصوم في ذات الوقت.وكم من إجراءٍ خاطئ أو تستر على قضايا خطيرة وإخفاء لملفات جرائم إعترف بها دولة رئيس الوزراء ولم نجد من الأدعاء العام موقفاً فرضه عليه الدستور .كون إخفاء ملفات إرهاب أو فساد أو تجاوز على القانون والدستور يعتبر جريمة يحاسب عليها القانون ومرفوض أخلاقياً.وهناك تقصير واضح ومخالفات دستورية عديدة لهذه الحكومة منها فراغ الدولة من عدة مناصب هامة .فلم تعد هذه الحكومة, إلا حكومة تدار بمبدأ الوكالة. وهذا غير دستوري. فالوكالة أمدها محدود لا ممدود.وتتحمل الحكومة ومجلس النواب تبعة هذه المخالفات .وعلى المدعي العام رفع الدعوى القضائية عليهما وطلب حلهما, كما يجري في كل دول العالم الديموقراطية الدساتير. والأجدر برئيس مجلس القضاء الأعلى أن يحاسب المدعي العام ويعزله أو يحيله للقضاء بسبب التقصير.وإلا فإن هذا لا يفسر إلا إن مجلس القضاء الأعلى قد أخل بواجباته الدستورية وقصر بعمله.وعليه يتوجب تغييره ومحاسبته وفق الدستور والقانون.
إن واجبات السلطة القضائية يبدو معطلة وعن قصد. وواجبات المدعي العام مهمة جداً.وقد غُضَّ الطرفُ عنها وإهملت.وهذا المنصب صمام أمان يحفط حق الشعب ويمنع التجاوز عليه والأضرار به .ومع الأسف إنه لم يقم بواجباته ولا وجود له على أرض الواقع.ويحق لنا أن نقول إن المدعي العام قد نام أو مات سريرياً.