كنا قد درسنا في المدرسة ومازال الطلاب يدرسون بأن من خواص الماء أنه ليس له طعم ولا لون ولا رائحة مع أنه يغطي ثلاثة أرباع الكرة الأرضية وله وجود طاغ على هذه الأرض مع تلك الخواص العجيبة، أما الديمقراطية ومفهومها فهي أيضاً تطغى على لافتات كثير من الأحزاب والدول التي تحكم الربع الباقي من الكرة الأرضية فإنها أيضاً ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة إلا روائح نتنة وألوان حمراء كلون الدم وطعم أمر من الحنظل. فإن أكثر الحكومات التي تحكم الأرض من أقصى اليسار إلى أبعد اليمين كل تدعي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وضمان حقوق الشعب مع أن المفهوم البسيط للديمقراطية هو حكم وإرادة الشعوب والذي نراه أن إرادة الشعوب وتطلعاتها مغيبة بل محاربة وبالعنف الشديد في مناطقنا وبعنف أخف في الدول الحرة فهل الدول الأوربية وأمريكا تطبق الديمقراطية كما هي؟ الذي نراه اليوم في بلادنا مأساة تثبت لنا تلك الخواص الفيزيائية والكيميائية للديمقراطية. ما أن تريد الشعوب أن تعبر عما في نفسها حتى تنهال عليها بالضرب والقتل والتنكيل إلى أبعد الحدود وما نراه اليوم من قتل بالدم البارد وبالأسلحة الممنوعة دولياً ضد شعب أعزل لهو أكبر دليل على ما قلناه فأمريكا حامية الديمقراطية تنظر إلى هذه المشاهد وتلتقط منها ما يعجبها وتفيد سياستها أما المبادئ فـ(طز) بها كما يعبر عنها المصريون فتلك المبادئ إنما هي العوبة وأداة يلعب بها الكبار ضد الضعفاء والصغار، فإذا ما جاء دور الشعوب تنقلب الآية وتظهر الصورة الحقيقية لتلك الحكومات ومنها أمريكا نفسها مثلما حدث في ولاية تكساس عندما طالبوا بالاستقلال فتم القضاء على الحركة دون إبطاء وكما حدث للأفارقة السود والهنود الحمر وهكذا ولكن تبقى إرادة الشعوب أقوى واشد من قوة الظالم لأن الله مع المظلوم والضعيف. فتبين لنا بعد تلك الأحداث بأن الديمقراطية كالماء في خواصها فليس لها طعم ولا لون ولا رائحة ولكنها تختلف مع الماء لأنه ليس لها وجود عكس المياه التي تغطي وتشغل ثلاثة أرباع الأرض.
[email protected]