23 ديسمبر، 2024 4:15 م

هل لدينا خبراء في شؤون الارهاب ؟

هل لدينا خبراء في شؤون الارهاب ؟

لا يختلف اثنان على ان العراق وضمن خارطة الدول التي تعرضت  للارهاب يشكل الدولة الاكثر التساعا بجرائمه وحروبه والامه واهاته على مستوى العالم , واعتقد ان هناك اكثر من احصائية اصدرتها الامم المتحدة مع هيئات حقوق الانسان ومؤسسات اخرى لها صلة تثبت ذلك , ومن خلال عملية رصد لضحايا التفجيرات الارهابية التي وقعت في عموم مناطق ومحافظات العراق منذ عام 2003 ولغاية كتابة هذه السطور , نجد ان المصداق واضح من خلال اعداد اليتامى والارامل والمعوقين بفعل هذه الاعمال الارهابية , ولست هنا بصدد التركيز على هذا الامر فهناك كتابات ودراسات واحصاءات تصدر وبشكل يومي , فالارهاب في العراق بات جزءا من حيثيات المجتمع العراقي مع الاسف .
بالتالي نحن مدعوون اكثر من غيرنا الى خلق وتأسيس مراكز دراسات وابحاث توغل في حفريات الارهاب ومعرفة كل ما يخصه سواء على النحو التخطيط الستراتيجي او الرؤية الايديولوجية وكل المسميات التي توصل الى معرفة هذا الداء وهذا الورم , وهنا اود ان اسجل هذه النتيجة والتي ربما يختلف معي حولها البعض , واقدم لها بمثال وحقيقة ذكرها المفكر الجزائري مالك بن نبي عندما قال ان الحضارة المدنية اليوم هي نتاج وامتياز يحسب للديانة المسيحية وان الشيوعية تشكل ازمة لهذه الحضارة (والتي انهارت فيما بعد), من هذا اقول ان الفكر المتطرف الذي اولد الجماعات الارهابية الاسلامية يشكل ازمة واضحة للحضارة الاسلامية بل يشكل حجر عثرة في نهوضها , بعد هذا اعود واقول , من حقنا ان نتساءل هل لدينا خبراء في شؤون الارهاب ؟ وما هي المؤهلات والخبرات التي تجعل من الشخص خبيرا في شؤون الارهاب في العراق ؟ وهل ثمة اسماء بحد ذاتها برزت في الساحة العراقية تقدم تحليلات ورؤى دقيقة باصرة في حقيقة الارهاب وماهية الخطوة المقبلة التي يرسمها الارهابيون ؟ وهل لدينا القدرة على التكهن بتحركاتهم وخططهم الستراتيجية ؟ وهل تلعب العلاقات الشخصية والتوجهات الحزبية والعرقية دورا في تقديم بعض الأسماء بوصفهم خبراء في شؤون الارهاب؟  ثم من يقدم المشورة إلى مؤسسات الدولة (التشريعية والتنفيذية) بخصوص الارهاب وازماته داخل العراق ؟
وهنا يبرز سؤال مهم جدا , هل لدينا مراكز بحوث يديرها خبراء متخصصون , تساهم بشكل او بآخر في تشكيل سياسة العراق العامة كما فعل قسم الأبحاث التابع لمعهد امريكان انتربرايز في ترسيخ الموقف الأمريكي من استخدام القوة العسكرية ضد العراق قبل بداية الحرب عام 2003 ام ان هيمنة الاحزاب والتوافقات والمحاصصات جعلت من هذا الامر ترفا يستغنى عنه وبالتالي ترك التعامل مع الارهاب وقضاياه الى ثقافة رد الفعل والتي تاتي دائما بعد تلقي الضربة الاولى وما حصل بالموصل دليل حي وشاخص لنا وللاجيال المقبلة ؟ ثم , مراكز البحوث هذه مع احترامنا وتقديرنا الشديدين لها وان وجدت هل تجاوزت نمطية وترهل الاوراق الاكاديمية وابتعدت عن السيناريوهات السياسية المرسومة , وهل استطاعت الايغال في دراستها وبحوثها بعيدا عن تاثيرات  الجهة الممولة لها ماديا  ؟ ثم ما هي الدراسات التي قدمتها هذه المراكز واحدثت فرقا لم تأتي به مثيلاتها ؟ وهل ان بحوثها قدمت توصيات عملية بمستوى الحاجة التي خلقتها الازمات المتتالية التي شهدها المجتمع العراقي خلال العقد الاخير ؟ واعتقد هنا اننا بحاجة الى خبراء في شؤون الارهاب ووفقا للتقسيمات التالية :
– التقسيم الاول، هم الأكاديميون المتخصصون في دراسة شؤون الارهاب الدولي والشرق اوسطي والمحلي؟
– التقسيم الثاني، الباحثون والخبراء العاملون في مراكز البحوث  ، وهم مزيج بين أساتذة الجامعات والمفكرين والمسئولين السابقين في الإدارات العراقية والتي لها صلة بشؤون الارهاب سواء عن طريق المعايشة الميدانية او عن طريق دراسات سابقة .
– التقسيم الثالث، يتكون من الناشطين السياسيين وأصحاب الأيدلوجيات المناهضة للارهاب بكافة اشكاله وصوره .
وهنا اعتقد اذا اُخذ بنظر الاعتبار هذه التقسيمات فاننا نستطيع الوقوف على مسافة واضحة من الارهاب ونفوت عليه فرصة المباغتة والضربة الاولى بل العكس هو الصحيح نحن من نباغت ونحن من نكون اصحاب الضربة الاولى .