23 ديسمبر، 2024 12:56 ص

هل لازالت امريكا دولة مؤسسات ؟؟؟

هل لازالت امريكا دولة مؤسسات ؟؟؟

طيلة حياتنا عرفنا أنّ الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات لاتتبدل أو تتغير الامور بتغير سيطرة الاحزاب بين الحزبين الرئيسين الجمهوري والديمقراطي ، وخلال كل انتخابات امريكية تتردد المقولة ( امريكا دولة مؤسسات ) سواء أفاز هذا الحزب أو ذاك ، لأن السلطات والصلاحيات في امريكا موزعة بين مجلس الشيوخ ومجلس النواب والحكومة الأتحادية ومراكز صناعة واتخاذ القرار ولأن الحدود الفاصلة واضحة جداً بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات .
إذا تغيير الرئيس أو بقي ، وإذا استقال هذا أو ذاك فان الأمور تسير بانتظام لعلو المأسسة على الشخصنة ، ولكن ماذا عن الوضع الحالي مع الرئيس دونالد ترامب ، هل لازالت امريكا دولة مؤسسات ؟
ترامب منذ حملته الانتخابية ولحد الآن ( وقد أوشك على إنهاء عامه الأول ) رفع شعار ” امريكا ودولارها أولاً ” ، لذلك عمد على شخصنة الامور وجعل الشخصنة تعلو على المأسسة، حيث قام بإبعاد وإقالة أي مسؤول تتعارض افكاره معه وبدأ بأقرب المقربين بل وبدأ بأعمدة الادارة الامريكية الذين لا يوافقونه الرأي ، ولعمري لو انه وجد أن صهره جاريد كوشنير اختلف معه لما ابقاه وزوجته ( ابنة ترامب ) ليلة واحدة في البيت الأبيض .
البعض يعتقد أنّ الشعب الامريكي يكره ترامب !!! وانا شخصياً راهنتُ على فوز ترامب رغم ان استطلاعات الرأي كلها كانت تشير الى فوز هيلاري كلنتون ، وأزيد وأقول لو حدثت انتخابات رئاسية امريكية مبكرة هذا الاسبوع فإن ترامب سيفوز وبإقتدار ، لماذا ؟ لأنّ الشعب الأمريكي سئم التدخلات الامريكية في الخارج وصرف بلايين الدولارات والمردود لاشيء ، لذلك المهم عند ترامب والمواطن الامريكي هو الوضع الاقتصادي ورفاهية الشعب وبس ، لذلك بادر ترامب للملمة قواته وسحبها من الخارج ، وطالب الاتحاد الأوربي وروسيا لأخذ دورهم ( إنْ أرادوا ) وترامب يعلم جيداً انه يريد وضعهم في مستنقعات ولهيب الصراعات .
نعم مقولة ( امريكا دولة مؤسسات ) في عهد ترامب تحتاج الى إعادة نظر ، ترامب لا يستشير مراكز الدراسات والبحوث ولا يستمع لمستشاريه ، بل ويتجرأ حتى على الكونغرس الامريكي !!!
سحب القوات الامريكية من سوريا وافغانستان تمّ دون استشارة احد ( لا بنتاغون ولا خارجية ولا أمن قومي )، بدليل استقالة وزير الدفاع (الجنرال ماتيس) والان استقالة مبعوث الرئيس الامريكي لمحاربة داعش ( بريت ماكغورك ) ، أليس هذا مؤشر على غلبة الشخصنة على المأسسة ؟
ثم يُصر ترامب على تخصيص ٤ مليار دولار لبناء جدار الفصل على الحدود مع المكسيك وفي حالة عدم التخصيص فانه سيعلق او يغلق دوائر وعمل قطاعات من الحكومة الفدرالية( إغلاق جزئي )، وفعلاً هذا اليوم السبت ١٢/٢٢ قام ترامب بغلق الكثير من مؤسسات الدولة وأوقف اعمالها .

هذه أمثلة تجعلني أقول إنّ قوة الشخصية للرئيس وافكارهُ الاقتصادية البحتة المبنية على خبرات طويلة لرئيس ملياردير تجعله يتجاوز على المؤسسات الامريكية ويفرض رؤاه الشخصية عليها ، والقادم ربما اكبر .