ابتداءً كل من الواجب والممتنع العقليان هما واجبان، فالواجب واجب الثبوت، والممتنع واجب الانتفاء. وجوابا على السؤال في العنوان، نقول من جهة نعم، ومن جهة لا، فالواجب، أي واجب الوجود ممكن، وإن كان ليس ممكنا، لأنه ممتنع العدم، والممكن ممكن العدم، كما هو ممكن الوجود. وهذا ليس من التناقض، بل إننا عندما نقول إن الواجب بما أنه واجب الوجود، وممتنع العدم، لا يمكن أن يكون ممكنا، لأن الممكن ليس واجب الوجود، ولا واجب العدم، بل هو ممكن الوجود، وممكن العدم. وبالتالي يكون الجواب نفيا بحكم امتناع التناقض، لأننا إذا قلنا إن الواجب ممكن، كأننا قلنا فيما قلنا إنه واجب الوجود لكونه واجبا، وليس واجب الوجود لكونه ممكنا. فهذا تناقض، وتناقض آخر يرد عندما نقول إن واجب الوجود موجود دائما، وممكن الوجود قد يكون موجودا، وقد يكون معدوما، أو يكون موجودا في زمن ومعدوما في آخر، نجد أن الوجود والعدم قد اجتمعا في وجوب الوجود وإمكان العدم، وبينا امتناع التناقض سابقا. ونفس الشيء يقال إذا تحدثنا عن ممتنع الوجود، أي واجب العدم. ولكن مع هذا قلنا أن الواجب ممكن، وادعينا ألا تناقض بين هذا القول وسابقه، بمعنى أن وجود ما يكون وجوده واجبا يمثل مقولة ممكنة التحقق، فإذا ثبتت امتنع أن يكون واجب الوجود ممكن العدم، وبالتالي حيث أن ممكن الوجود هو ممكن العدم في نفس الوقت، امتنع عندها أن يكون واجب الوجود ممكن الوجود بهذا المعنى.
ولذا فالقول بأن الممكن العام الذي هو أعم من الممكن الخاص يشتمل على الواجب والممكن، قد يصح من زاوية ما، لكنه قول غير دقيق، والأصح أن يقال: الممكن هو أن يكون الوجود إما وجودا واجبا وإما وجودا ممكنا، ولا يمكن أن يكون وجودا ممتنعا، لأن الممتنع معدوم دائما، لامتناع وجوده، وبالتالي لوجوب عدمه، وبتعبير آخر نقول إن الوجود إما كله ممكن وحادث، وإما هو ينقسم إلى وجود وجاب وأزلي، وإلى ممكن وكادث. ولذا فصحيح كما مر سلفا أن يقال بأن الواجب ممكن الوجود، بمعنى إمكان وجود موجود واجب الوجود. ولكن إذا توصلنا إلى تحقق وجود الواجب، لا يكون وجوده عندئذ ممكنا وحسب في الخارج، أي خارج الذهن، أي في الواقع، بل هو واجب، لأن ما كان ممكن الوجود فهو ممكن العدم، وإمكان العدم يتضمن تناقضا مع وجوب الوجود كما اتضح.