18 ديسمبر، 2024 9:52 م

هل كتب على “السنّة” دوماً عملاء للغرب ؟!

هل كتب على “السنّة” دوماً عملاء للغرب ؟!

بلد “علوي” أو بلد “شيعي” مُستقلّ خيرُ من بلد “سنّي” تابع أو “عميل” .. واستميحوا لي عذراً عزيزي القارئ الكريم أن أكون ببعض من الجرأة .. فإن كان “العلوي” أو الشيعي” أو حتّى البوذي قد “انحرف بدينه” كما يردّد ذلك “أهل السنّة والجماعة” لكنّه نجده متمنّع عن التبعيّة للغرب مثلاً وبالتالي فهو أمام الله وفق الشرع المحمّدي , والدولي , أفضل من “سنّي” متمسّك “بالنواجذ” على دينه مظهره الخارجي متطابق تماماً مع ما نقلته له “أمّه” عائشة أمّ المؤمنين بما سمعت ورأت ما عليه الرسول ؛ لكنّه ينصاع فوراً للمصالح الغربيّة يفتح لها أراضي بلاده لإقامة قواعدها العسكريّة عليها يشاركها مغامراتها العسكريّة تحت مسمّى المجتمع الدولي حتّى لو كان المستهدف بلد إسلامي أو عربي شقيق ! ..
بضعة أنظمة عربيّة فقط خرجن في العصر الحديث أو بالكاد عن “المألوف” السنّي في التبعيّة للغرب رغم بعض المآخذ من الأخطاء القاتلة أحياناً مع تفهّمنا للضغوط الهائلة الّتي كانت تهدّدها ؛ مصر عبد الناصر وليبيا القذّافي والجزائر وسوريّا واليمن والسودان ولبنان وعراق ثورة عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم وما تلاهما ..
في الحقيقة لا أستطيع كتم انفعالاتي عندما تصل الحالة لديّ حدّ ارتفاع ضغط الدمّ حين أرى “علم الانتداب الفرنسي على سوريا” يرفرف اليوم وسط “المعتصمون” يرفعه المتظاهرون فيها .. وحالتي هذه لم تأتي من فراغ ولا نابعة من عداء شخصي للشعوب الأوروبيّة تأثيرها الفكري من بعض جوانبه رائعة بل لأنّ هذه الدول تحتمي بها , وكما علّمتنا التجارب , شركات استعماريّة جشعة تمتصّ الطاقات البشريّة لمن يقع تحت رحمتها منها وتحيّدها وتشتّتها علاوةً على نهب ثرواتها في حين أنّ هذه الشركات لا تمثّل الشعوب الأوروبيّة بأيّ حال من الأحوال رغم تواجد مقرّاتها على أراضيها ومن هذا المنطلق نستشيط غيضاً ونحن نرى أعلام أنظمة عربيّة سابقة نصّبتها تلك الشركات لمصالحها الخاصّة تحاول إعادتها اليوم ما تسمّى بثورات الربيع العربي بعد أن أزالتها واقتلعتها الشعوب العربيّة فيما مضى بعد كفاح طويل وأنهار من الدماء  لذا شعوبنا اليوم تزداد حنقاً وغيضاً وهي ترى تلك الأعلام الاستعماريّة تعود مجدّداً على أيدي جهلة رضوا عن غباء العلم “السنوسي” مثلاً يعود يرفرف من جديد في ليبيا بأيدي بعض الشباب الغير مدرك ماذا يفعل ! بدل أنّ يهوّنوا على الناس قليلاً من هول الواقعة الّتي ألمّت بهم بمثل هذا النمط من الثوّار الّذين يأكل أصحابها أكباد الموتى ! وتبديد بعض من امتعاضهم حيالها وعليه أن يتذكّر هذا النوع من الثوّار ويتيقّن أنّ من يدفع لرفع مثل هذه الأعلام أنظمة خليجيّة تحديداً سبق لها وعملت وساعدت على تدمير العراق وعلى توصيله إلى وضعه البائس بعد غزوه وهي من وقفت خلف إطالة أمد حصاره لأكثر من 13 عاماً بسبب بعض القرارات الارتجاليّة القاتلة في السياسة العراقيّة كانت شدّة تأثيره المدمّر على البلد بقوّة تزيد عن ألف قنبلة نوويّة من قنابل اليوم ! بعكس متظاهرو الأمس الخالية رؤوسهم من “الريشة” عندما كانت مدينة الرمادي مثلاً كشقيقاتها مدن الشمال والوسط والجنوب ستينيّات وخمسينيّات وأربعينيّات القرن الماضي تلتهب حماسةً لنصرة فلسطين ولمعارك التحرير السوري في ميسلون وما حول بردى ( كانوا ثوّار الأمس الحقيقيّون يمزّقون علم ثوّار اليوم ) وليس أنا !  ..
لو أمعنّا  النظر جيّداً ودقّقنا خارطة الوطن العربي لما بعد سايكس ـ بيكو سنجدها جميعها بلدان “سنّيّة” بما فيها النظام السوري الّذي يدّعي البعض متذكّراً في السنتين الأخيرتين بأنّه نظام “شيعي علوي” ! وسنجدها تمتلئ بالقواعد العسكريّة الغربيّة ومن استثني منها فجغرافيّة بلده تساعد على الدعم اللوجستي لتلك القواعد .. يعني أنّ جميع إرادات الحكم في هذه البلدان العربيّة بعد تلك الاتّفاقيّة وجميع البلدان الإسلاميّة سياساتها منضبطة وإيقاع السياسات الغربيّة وهم اليوم جميعاً بدءاً من مملكة “حامي” الحرمين وباكستان وعمان والمغرب وتركيا وكشمير , وبعد التخلّص من بعض “الممانعين” لا يطيقون بلداً لا زال ينبض “بالممانعة” وتعتبره من مخلّفات الحقبة “اليساريّة” السوفيتيّة وحركات التحرّر “الكريهة” ! .. فاللص يحب أن يرى الجميع لصوص .. وكذلك القاتل .. هذه البلدان وكما بات الأمر مكشوفاً اليوم بعد أن كان يجري في الخفاء والّتي تذعن للسياسات الغربيّة عموماَ والأميركيّة خصوصاً نجدها “سنّيّة” دوماً ترفع شعارات الإسلام كالمملكة السعوديّة الّتي هي ومثيلاتها من وقفن ولا زلن وراء نشوء ما تسمّى بإسرائيل ولكن العمل بذلك كان يتمّ في الخفاء ومن بعيد واليوم جهاراّ وفي وضح النهار .. وقد علّمتنا التجارب وقراءاتنا للتاريخ أنّ أيّ نظام حكم بلد يُعلن الإسلام شريعةً لحكمه أو أيّ دين كمنهج للحكم , والدين والاستعمار أحدهما يكمّل الآخر فلا استعمار بدون دين , تكون عادةً توجّهاته بعكس ما ادّعي لذا يحاول إخفاء تبعيّته المشينة لغير بلده خارج نطاق منهج الإسلام ودعواته وخارج منهج الرسول وكفاحه ونضاله المعروف وبشتّى الوسائل وعلى رأسها إلحاح مثل هذه الأنظمة على ممارسة الشعائر الدينيّة ولا مانع أن تصل ممارساتها وتشجيعها لها حدّ المبالغة وحدّ الإسفاف والخروج عن أصول العبادات ومتطلّباتها البسيطة فلو كانت أنظمة وطنيّة حقيقيّةً سوف لن تكون بحاجة لمثل هذا النفاق الديني الباذخ على الإطلاق ولكنّ مثل ما يقال “إلِبْعِبّه عنز يْمَعْمِع” ! ..
لو ألقينا نظرةً خاطفة على مسيرة الإنفاق الباذخ الّذي ينتهجه شيوخ البترول “السنّة” على دور العبادة وعلى الدعاة مثلاً سنجدها غير متوازنة بالمرّة مع الممارسات الدعويّة الصحيحة الّتي كان عليها الرسول فكما يعلم الجميع كان كفاحه المرير منصبّاً ضدّ الطغاة الّذين يقفون خلف جميع المظالم ويدعمونها ؛ وهل كان الرسول إلاّ عدوّاً للظلم الروماني والكسروي وليس عدوّاً لامبراطوريّتيهما وقرآنه كلّه ينطق جهاداً ضدّهما وضدّ أعوانهما وأدواتهما من أعراب طغاة يتحكّمون بأموال الأمس كأبي سفيان وأبى لهب وأبا الحكم ومعاوية وغيرهم وما أشبه اليوم بالأمس ! ولكن والله يشهد طغاة الأمس العرب أولئك كانوا أكثر بكثير غيرة ونخوة ومروءة وشجاعة وإنصاف وشيمة وشهامة ورجولة من أعراب اليوم ومسلموهم وبما لا يقاس .. وكيف يكون القرآن “صالح لكلّ زمان” مالم نضع الظَلَمة صوب أعيننا ونكشف عنهم براقع التديّن الزائف ونفضح حالة إلحاح حماته المشبوهة في الانغماس في بناء دور العبادة ومسابقات تجري من ضمن حلقة نشر التديّن وصرف الغالي والنفيس عليها في حين شعوبهم “السنّيّة” تعيش الفاقة وتتحسّر على ثرواتها تضيع أمام أعينها وهي في أمسّ الحاجة للتعليم والبنى التحتيّة والتغذية والتصنيع والخطط النهضويّة وهم بحاجة أشدّ لقرارهم السياسي المستقلّ .. كلّ ذلك وغيره سبق أن حذّر منه القرآن بنصوص واجبة التطبيق لا ترفع فقط كشعارات على مساجد وجوامع ومآذن بالغة الإسراف في البهرجة وفي البذخ لتعمية عقول العامّة من “السنّة” لركسهم في الجهل أكثر ؛ ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر !؟ لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) ! .. يعني الّذي “يَعمر” مساجد الله  يعني يرتادها باستمرار لا أن يشغل نفسه رياءً ببنائها للتغطية على تآمره على المسلمين وعلى تخاذله عن نصرتهم , لذلك نرى اليوم كيف البذخ الطائل والّلا مسئول على مسجد الرسول وعلى الحرم المكّي في حين بإمكان المسلم الحقيقي أن تكفيه أرض نظيفة حتّى إن كانت رمليّة يتجمّعون على افتراشها جماعات فيما بينهم عند الحجّ يعدّون الطعام ويتسامرون ويتعبّدون كل مجموعة حول نيران يوقدونها في منظر خلاّب يتبادلون البضائع فيما بينهم من دون مطاعم فخمة وأرضيّات مرمر وعمارات شاهقة وأسيجة من حول الكعبة مرعبة وتبذير طاقة كهربائيّة تفوق الوصف وأسواق مكتظّة للتبذير !  في حين نجد المسلمون “السنّة” اليوم في أرذل أيّامهم مستعبدين مستحقرين .. وهي معادلة سماويّة .. فكلّما علا بنيان دور العبادة وزاد البذخ والانفاق في تشييدها انقلب حال المسلمين ضدّهم والعكس هو الصحيح ! .. فقد كان المسلمون فيما مضى يرون الكعبة من مسافات بعيدة وهم في طريقهم إليها تنشرح صدورهم لها من تلك المسافات لا يحتاجون فيها “هليكوبتر” ليروها كما اليوم .. والأرض الّتي تحيط بالحرم المكّي كانت رمليّة ترابيّة بسيطة لا حواجز “حكوميّة” تمنع المسلم من الذهاب إلى مكّة .. وهنا لا بدّ أنّ نلفت الانتباه كتشخيص لظاهرة “الاكتظاظ  بالحجيج” في عصرنا هو ليس سببها زيادة أعداد المسلمين عن الأمس بحسب رأيي الشخصي بل بسبب إجراءات المنع التعسّفيّة في جعل الحج وجبات ممّا يشوّق الناس أكثر للحج فكلّ ممنوع مرغوب كما نعلم !..
كان المسلمون “السنّة” أيّام الرسول وما بعده لمئة عام تهابهم جميع دول العالم وإمبراطوريّات العالم وتحسب لهم ألف حساب وترتعد منهم الأمم “مسافة شهر” في وقت كانت فيه أرض الحرم المكّي تراب من حولها أبنية بسيطة لا يتعدّى ارتفاع كلّ منها المترين إلى ثلاثة ! .. 
المشهد “الاسلامي” العام اليوم هو هكذا يبدو ( الأقطار العربيّة “السنّيّة” أنظمتها منافقة وعميلة للغرب بامتياز ) .. سنّة اليوم عكس سنّة رسول الله الحقيقيّة !  ..