14 أبريل، 2024 5:05 ص
Search
Close this search box.

هل كان غزو الكويت تقسيما للعراق !؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

السياسة من ساس الخيل روضها واعتنى بها واطعمها وساس الناس تولى رياستهم وقيادتهم وهي ادارة شؤون الدولة ورعاية المجتمع وتوفير العيش الكريم والامن والخدمة وحراسته من الاخطار والاضرار والاعداء وحمايته ، وهي تراكم للخبرة والمعلومات من دراسة تاريخ البشر وطباعهم للوصول الى اسلم الطرق وارقاها لادارة شؤونهم والوصول الى حياة سليمة متوافقة مع طبيعة الانسان . ولابد للحاكم ان يكون ملما بقضايا الاقتصاد التي اصبحت من الامور المهمة المعضدة للسياسة لنجاح ادارة الدولة وازدهارها وسط تحديات جديدة في اسعار النفط والسلع في عالم تطورت فيه الصناعة والتكنولوجيا والانتاج .
ان للسياسة معنى سام وهي تكليف لا تشريف ، تكليف من الشعب بادارة شوؤنه لا ان يتخذها المتصدي شرفا وسيادة وتعاليا وسلما الى الشهوات والنزوات وحبا للتملك ، والتسلط ، وكم الافواه والقتل وحبس كل من يريد ان يقوم مسيرته المنحرفة ، وهو خطأ وقع فيه اغلب الحكام على مر التاريخ ، وخصوصا في منطقتنا العربية الاسلامية اذ نسوا الهدف الاساس لها واعتبروها ملكا عضوضا ، ولعبا بممتلكات الدولة ، وثرواتها لتلبية ميولهم المنحرفة ، واحكامهم المجحفة ، وانهم المالكون للدواب والرقاب ، والناس خدم وخول .
فقدت السياسة الكثير من معناها ومفهومها الذي يصب في خدمة البشر ، وتوفير الامن ، والسعادة لصنع بلد آمن مستقر من حنكة وحذاقة الحاكم ، وسعة دائرة تفكيره ، والنظر الى بعيد في التعامل مع الاحداث والتحديات التي تواجه البلد ، وحلها بشكل سليم مع جلب المنفعة ، ودفع المضرة ، والوصول الى الحل الانسب الذي يكون لصالح البلاد والعباد وباقل الاضرار والاخطار ولعل الاهم في السياسة كون الحاكم مهتما بمصلحة الوطن اكثر من اي شئ اخر وهي سر نجاحه بعيدا عن المجازفة بامن البلد ، وناسة ، واقتصادة ، وبنيته ، ومستقبله ، وكرامته بين شعوب العالم فكم من دولة لم تكن ثم كانت وكم من اخرى كانت ثم لم تكن .
ولعل سياسات البعث الذي حكم العراق تحت سلطة القتل والحبس ، والتعذيب ، والاقصاء ، وحكم الفرد الواحد ، والقبيلة ، والمنطقة هي من اخطر التحديات التي واجهت البلد ، وادخلته في اتون ثلاث حروب لم يحصل منها الا الدمار ، والخراب ، والبوار ، وهدم البنية التحتية ، وتوليد الازمات ، وحالة الفوضى والبلوى وبالاخص اذا كانت سياسة الدول الكبرى مبنية على الخداع ، والنفاق ، والمصلحة ، والغاء الضمير ، بعيدة عن معاني الانسانية التي اصبحت رهن الكتب ، والاوراق ، ومجرد ستار ، وغطاء لاعمال اقل ما يقال عنها انها وضيعة اذ لديها الاستعداد ان تدمر شعوبا باكملها وتنفيها عن آخرها وترجعها الى ما قبل عصر الصناعة مستغلة بذلك حماقة وطيش وقصر نظر حكام تلك الدول واستدراجهم الى حروب قتلت الكثيرين
من البشر واحرقت الاخضر واليابس وهي حروب بالنيابة والحرب الثالثة حرب تدمير ما تبقى من العراق على يد بوش الابن اذ انقلبت اميركا على شرطيها صدام بعد ان دفعته الى حرب ايران في زمن رونالد ريكان ممثل الكاوبوي الاميركي وزودته بكل انواع الاسلحة التقليدية والكيماوية والجرثومية ومنها بكتيريا الانثراكس ، وبكتيريا كلوستريديوم تيتاني وغيرها من الانواع التي استعمل معظمها في الحرب ضد الايرانيين لاسقاط الثورة هناك واحتلال ايران بمدة زمنية قياسية قصيرة – حسب قياسات صدام – طالت بعدها ثماني سنين عجاف لم يجنِ منها الشعبان الا الدمار وآلاف الثكالى والارامل والايتام وخلفت اكثر من مليون ضحية .
كان صدام عدوانيا مشربا بحب الدماء منذ الوهلة الاولى من تسلمه السلطة في العراق بعد ان انقلب على البكر وقام بتصفية رفاقه في الحكومة بتهم ملفقة وحاضرة بل وعند هروبه الى مصر بعد محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم الفاشلة في يوم الاربعاء السادس من تشرين الاول سنة 1959 وزياراته المتكررة للسفارة الاميركية في القاهرة وتعامله مع السي آي ايه والمهتمين باسقاط الرئيس قاسم وبمساعدة جمال عبد الناصر والمخابرات المصرية وقتل الشعب العراقي برشاشات بور سعيد المصرية الصنع والتي دخلت العراق الى ان حصل الانقلاب ضد الرئيس قاسم ومقتله في منظر اجرامي مرعب يدل على دموية القائمين به وعرض على التلفزيون وقتئذ وهو اول انقلاب بعثي قال روبرت كومر مستشار الامن القومي الاميركي ومساعد الرئيس جون كندي : ( انه بالتاكيد مكسب لاميركا ) واستمرت الانقلابات بتدبير المخابرات المركزية الاميركية الى ان نجح البعثيون في الاستيلاء على الحكم في العراق سنة 1968 بمساعدتها وصار البكر رئيسا وصدام نائباً وهي الخطوة الاولى لدخول العراق في نفق مظلم طويل نتائجه ما نراه اليوم من دماء وقتل ونهب لاموال الدولة في وضع مزر لم تمر بها دولة في التاريخ الحديث .
اجتياح الكويت كان خطأً كارثيا مروعا دمر العباد والبلاد وقلب المنطقة رأسا على عقب وخلط كل الاوراق وزاد الضعف العربي ضعفا والتشرذم تشرذما وانزل الكرامة العربية الى الحضيض واباح المنطقة للقوى الكبرى تلعب بها ما تشاء ، وولّد مخلوقات غريبة جاءت من عصور ما قبل التاريخ والتحجر اتخذت القتل والاغتصاب شعارا والاسلام دثارا ذات مخالب تاكل البشر والحجر وتنتهك كل عرض وارض تسحق الحياة وكرامة الانسان منطلقة من فكر اسود عظلم تبنته واستفادت منه القوى الكبرى وثبتته في اذهانهم ودفعتهم ينتهكون ويدمرون ويقطعون ويشطرون الناس ويغلونهم غليا ويشوونهم شيا في مشاهد فاقت افلام الرعب والخوف لاشهر المخرجين في هوليود والخدع السينمائية ، هذا الفكر المخيف الناتج من تزاوج الفكر البعثي الصدامي والفكر الاستكباري العالمي برئاسة شيطانه الاميركي وان اختلفا في المظهر الا ان لهما نفس الجوهر . نقلت صحيفة (كومسومولسكايا برافدا ) عن البروفسور الاميركي الاقتصادي المشهور جيفري ساكس عن سبب بقاء داعش الى هذا الوقت دون القضاء عليه وهو لا يملك مقاتلين
كثر قال : (هو نتيجة الاخطاء الاستراتيجية الغربية وخاصة الولايات المتحدة وان بامكان الغرب الانتصار عليه ولكن هل ستعيد اميركا النظر في استراتيجيتها لبلوغ هذا الهدف ) .
اعتادت اميركا رائدة العولمة على كافة الاصعدة العسكرية ، والصناعية ، والثقافية وحليفاتها قبل القيام باي عمل كارثي اجرامي مدمر ان ترسم الخطة وتحبكها حبكا وتتقنها اتقاناً بشكل لا يتسرب اليه الشك والريب وتسّخر القرائن والاحداث والمستجدات وتزيف الحقائق وكل ما له علاقة من بعيد او قريب لصالحها لتزيدها تقبلا عند الاخرين وتوحي لهم بانها على حق والاخرون على باطل والمدافع الاول والاخير عن حقوق الانسان ومكافحة الارهاب والاجرام مستفيدة بذلك من قدراتها العسكرية وتسلطها العلمي والاعلامي وسلاح الترهيب والترغيب لتخدع العالم ولو وقت ادائها لانها ستنكشف ولو بعد حين مستندة الى اخبار غير صحيحة من عملاء السي آي ايه المنتشرين في السفارات الاميركية والعالم كالاورام السرطانية في الجسد .
كان ضرب الجيش العراقي وتدمير البنية التحتية للعراق امرا مفروغا منه وقضي الامر من قبل اميركا وحليفاتها بالحرب والتدمير في عملية اطلقوا عليها عاصفة الصحراء ، وسكت العالم وقتها عن قتل آلآف البشر وتدمير بلد عمر حضارته ثمانية الاف سنة . لقد كانت خطة مدبرة بليل ومؤامرة دولية ابطالها اسرائيل والولايات المتحدة واذنابها دول الخليج وعلى راسهم السعودية ، وصدام الذي هيأ الظروف بغبائه وقصر سياسته وولعه بالتسلط في تحد للعالم ناتج من شعور خائب بالعظمة وخلل واضح في الشخصية في تدمير هذا البلد التليد في التاريخ والحضارة ، وكانت السعودية من المتحمسين لاستعمال القوة من خلال المنحة المالية الضخمة التي اسكتت المارد السوفياتي المترنح انذاك ومقدارها ثلاثة مليارات دولار مقابل السماح باستعمال القوة ضد العراق وعدم مساعدته عسكريا ولا اعلاميا ولا معنويا ورضي بهذا العرض في زمن كان يعاني من انفراط عقده وضعفه واستقلال دوله الواحدة تلو الاخرى وانشغاله بقضاياه الداخلية .
اعطت اميركا والاتحاد السوفيتي الضوء الاخضر لصدام في اجتياح الكويت جاء ذلك على لسان السفيرة الاميركية في بغداد ابريل كلاسبي وكان هذا نص الرسالة : (اننا الولايات المتحدة الاميركية ليس لنا اي راي حول النزاع الحدودي بينكم وبين الكويت وقد حث وزير خارجيتنا جيمس بيكر المتحدث الرسمي للوزارة ان يركز على هذه المعلومة ) وقالت لصدام ليس هناك معاهدات تدافع عن دول الخليج فاوقعوه في مصيدة الحرب . لقد خدعت السفيرة صدام بهذا الكلام وما كان الا طعما اعطته لصيدها حتى يقع في الفخ صرح جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي قائلا : (الاميركان قالوا لصدام ادخل ونحن قلنا له ادخل ) وكانت تربطه علاقات وثيقة مع صدام واضاف : ( ان الروس والاميركان كانوا يعلمون ان صدام يريد غزو الكويت ) في وقت كانت تدعي اميركا بانها لا تعلم باحتلال الكويت من قبل صدام فان وراء الاكمة ما ورائها قال صدام ليفكيني
بريماكوف وزير الخارجية السوفيتي في ذلك الوقت : ( لماذا لم تنصحوني بدعم دخول الكويت ولما دخلتها جئتم لتطلبوا مني التخلي عن الحكم ) وهي اشارة واضحة ان الدول الكبرى تعرف عن دخوله الكويت .
كان الهدف الجوهري من عاصفة الصحراء تدمير كل قوة يستشم منها مسمى التهديد لاسرائيل اولا وتقسيم العراق ثانيا بعد ان امنت اميركا واسرائيل الجانب المصري في عدم شن اي هجوم او تشكيل اي خطر على الصهاينة من خلال كامب ديفيد والعلم الاسرائيلي الذي يرفرف في سماء القاهرة واسكتت هذا البلد الى الابد وبقي العراق الذي من الممكن ان يهدد امنها في المستقبل ، جاء في مذكرات نورمان شوارزكوف قائد الجيوش في حرب الكويت انه كان يعد لحرب العراق منذ 1988 وانه ذكر ثلاثة عشر خطرا يتهدد اميركا وكان العراق اخطرها فبادرت اميركا الى استغلال ضعف الجيش العراقي المنهك الخارج توا من حرب طويلة مع ايران لتوجه له الرمح الكويتي لتقضي عليه وعلى البلد والا فما معنى ضرب الجيش المنسحب في الموعد الذي حددته اميركا لصدام وهو قبل السادس عشر من يناير سنة 1991 بعد ان انسحبت فرقتين من الحرس الجمهوري وهما ترفعان الرايات البيضاء في الطريق الذي يربط بين الكويت والبصرة والذي سمي بطريق الموت ورفض الطيران البريطاني حينها ضرب القوات العراقية المنسحبة من الكويت ، – مع تغاضي القوات الاميركية عن ضرب داعش من خلال تحركه في سهول نينوى المكشوفة والاراضي السورية المفتوحة لطمس تاريخ وحضارة البلدين من خلال تحطيم اثار تدمر والموصل – وقامت القوات الاميركية بضرب الجسور في بغداد ومحطات تصفية الماء والكهرباء في الجنوب وكل مظاهر العمران والامان في البلد وملجأ العامرية الذي كان يضم المدنيين الهاربين من القصف الاميركي وهي تعرف بما لا يقبل الشك انه ملجا شيدته شركة فنلندية من خلال خرائط دقيقة جدا تضم ادق التفاصيل عن بغداد كانت تمتلكها وعن طريق الاقمار الصناعية التي ترصد كل صغيرة وكبيرة ورفض البنتاغون نشر هذه الحقائق المخيفة لكي لا يعرفها العالم علاوة على ذلك ضربها لمحطات توليد الطاقة في داخل الكويت نفسها واهداف مدنية اخرى صالحة للاستعمال ولما سئل الاميركيون عن سبب ذلك قالوا : ( نضربها لنعيد بنائها ونكسب المال ) .
لقد رفضت اميركا لجنة الوساطة بينها وبين صدام من الاساس ولم تعترف بها وكانت متكونة من رئيس نيكاراغوا دانيال اورتيغا وراجيف غاندي وياسر عرفات وبي نظير بوتو وكانت لجنة صورية لذر الرماد في العيون وتخدير العالم وكانت ظهورا اعلاميا لملئ مساحات في نشرات الاخبار ووسائل الاعلام ومضيعة للوقت لان اميركا والحلفاء اتخذوا قرارا لا رجعة فيه في شن الحرب وتدمير العراق ولم تكن الا مسرحية قد عرفت نهايتها وتصب في مصلحة اميركا لانها عاجزة لم تفلح في اقناع صدام في الانسحاب من الكويت مما يعزز من رجحان كفة الضربة وتصوير اميركا بانها المدافع عن النظام في هذه المنطقة المهمة واستتباب الامن في العالم والحامية للكوكب من الخروق والمروق على القانون .
اثمرت نتائج غزو الكويت نعرات الانفصال الكردية وصيحات الاستقلال السنية هذا بحجة عدم التعايش مع العرب وعدم كفاءة وضعف الحكومة ولجعل شمالي العراق مزرعة لآل صهيون يزرعون بها الموت والدمار وذاك بحجة التهميش والاهمال بدفع وحث اميركي صهيوني لتطبيق خطة التقسيم لبرنارد لويس اليهودي التي تهدف الى تفتيت المنطقة الى اكثر من ثلاثين دولة قومية واثنية ودينية تطحن بعضها وتاكل نفسها بنزاعات وخلافات في حالة انتحار واضح ككومة حطب عندما تشب بها النار لتوفير الامن لاسرائيل التي ستصبح يوما ما السيد على المنطقة وسط سياسة وادارة عربية مخجلة من قبل زعامات قصيرة لا ترقى الى الحد الادنى من القبول والاعتبار لانها ادوات طيعة لتنفيذ خارطة التقسيم الجديدة للمنطقة والتي بدات باسقاط احداثياتها على الارض بعدما كانت على الخارطة من خلال احداث سوريا والعراق وليبيا واليمن .
مما لا شك فيه ان العالم يدار من قبل منظمات سرية خطيرة والتي تعتبر حكومات للعالم ذكرت صحيفة ( اكسبرس ) البريطانية اخطر خمس منظمات عالمية سرية منذ قرون طويلة تحكم العالم لتحقيق اهدافها الخفية قالت الصحيفة : (تعتبر جمعية الماسونيين ( البناؤون الاحرار ) التي تشكلت في بريطانيا عام 1717 هي الجمعية الام التي تفرعت عنها كل الجمعيات السرية التي تتحكم بالعالم واضافت الصحيفة بعد ان استعرضت اسماء الجمعيات : ان جمعية ( بيلدر بيرغ ) التي تشكلت في هولندا هي الاقوى وتعتبر حكومة العالم السرية لانها تضم اكثر من 150 شخصا من كبار القادة السياسيين ورجال الاعمال والاقتصاد في اوربا واميركا ومن اشهر اعضائها المستشارة الالمانية انجيلا ميركل وهنري كيسنجر وتوني بلير وديفد كاميرون وماركريت تاتجر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة وهذه الجمعية هي التي تخطط وتضع سياسات النظام العالمي الجديد وتحاول فرض حكومة عالمية واحدة ) فهل ستنبعث الامة من جديد لمقاومة هذا المشروع الخطير ام تبقى ميتة وسط موجة الاخطار التي تجتاح المنطقة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب