23 ديسمبر، 2024 5:14 ص

هل كان خروج الحكيم من المجلس الأعلى استعراضاً سياسياً؟

هل كان خروج الحكيم من المجلس الأعلى استعراضاً سياسياً؟

الإعلان في بغداد عن تشكيل تيار الحكمة الوطني، برئاسة عمار الحكيم كان حدثاً هاماً بالنسبة للنخب السياسية العراقية، وأمراً مشوشاً بالنسبة للمواطنين العراقيين، فهذا الإعلان حمل معه نبأ خروج الحكيم من المجلس الإسلامي الأعلى، الذي أسسه عمه الراحل السيد محمد باقر الحكيم في العام 1982م. والذي ترأس المجلس حتى استشهاده في العام 2003م. وبعدها تولى السيد عبد العزيز الحكيم، رئاسة المجلس حتى وفاته العام 2009م. ومن ثم تسنم عمار الحكيم الرئاسة، بعد انتخابه من قبل الهيئة القيادية للمجلس، السؤال هنا: لماذا ترك الحكيم المجلس الإسلامي الأعلى، الذي يعد أحد أهم الأحزاب السياسية العراقية، وأكثرها توازناً وتأثيراً؟

لا أظن أن الحكيم هانت عليه جهود والده وعمه، ولا القادة المؤسسين للمجلس، لكن كان توجهه منذ تصديه لقيادة المجلس الأعلى، هو التغيير الذي تتطلبه المرحلة، فلكل مرحلة رجالها ومشاريعها، فمرحلة تأسيس المجلس مختلفة تماماً عن المرحلة الحالية، ولو بقي الحكيم يتعامل بنفس الاسلوب، وبنفس النظرة للقضايا العراقية، فهذا يعني أنه قد تخلف عن هذه المرحلة، ودخل مرحلة الجمود السياسي والفكري، بمعنى أنه يتعامل مع واقع جديد، باسلوب قديم.

مراراً وتكراراً، كان عمار الحكيم يعلن عن دعمه لتمكين الشباب في إدارة الدولة، وقد زج بهم فعلاً في الهيئات القيادية لتيار شهيد المحراب، الذي كان يرأسه سابقاً، هنا واجهته بعض التحديات، والتي يراها أغلب المختصين والمحللين السياسيين،أنها هي المرحلة التي مهدت لخروج الحكيم من المجلس، وليؤسس تيار الحكمة الوطني.

الإزاحة الجيلية، سماها بعض المختصين، وهي تعني أن تمكين الشباب في القيادة، أزاح الكهول أو القادة المؤسسين من مواقعهم القيادية وهمشهم، ولكن هناك مصطلح آخر، رد فيه المعترضون على الإزاحة الجيلية، وسموا تلك المرحلة بالتكامل، وهي أن تمكين الشباب، مع خبرة الكهول، تعني تكامل المشروع.

ظل الحكيم ملازماً مشروعه الجديد، والذي لم يلق الدعم من القادة المخضرمين في المجلس، وبطبيعة الحال، لم تكن معارضتهم لمشاريعه أمراً يسيراً بالنسبة له، فمع كل خطوة يخطوها تحد كبير، فهو يخوض غمّار العملية السياسية، بدون أن يلقى دعم شرّكاءه وبعض من قادة تياره.

 

الحكيم يعلن خروجه من المجلس الإسلامي الأعلى، كان هذا مفاجئاً للمحّللين والمختصين، وحتى القادة المخضرمين في المجلس، الذين عارضوا أغلب مشاريعه السياسية، لم يكن ترك المجلس بالنسبة للحكيم عبثياً أو استعراضاً سياسياً لجذب الأنظار، أو تحدياً لشيوخ المجلس الأعلى، بل أن عمار الحكيم، عَلّم أن مشروعه الجديد الداعي لتمكين الشباب، والعمل مع القوى الوطنية، لانتشال العراق من الواقع المرير الذي يعيشه، يحتاج لخطوة جريئة، وشجاعة كبيرة تكون بحجم المشروع، ولتكون هي البداية الفعلية له.

خطى الحكيم خطوّته العملية الأولى، وقد التفت حوله جماهيره، التي أعلنت تأيّدها لتيار الحكمة الوطني، وقد حصل على دعم الجماهير من جهة، وتخلص من المعارضين لخطواته السياسية، الذين كانوا متواجدين في الهيئة القيادية لتياره القديم من جهة أخرى، وهنا نرى أنه كان حكيماً في تعامله مع الأزمة، فهو حافظ على المجلس الأعلى وقادته المخضرمين، واستمر بمشروعه الداعي لدور أكبر للشباب في قيادة وطنهم، وأسس تياراً جديداً بفريق منسجم، مؤمن بقيادته ومشروعه.