لا شك ان الانتصارات النوعية التي تحققت في حملة ” كسر الارهاب ” بقيادة قوات مكافحة الارهاب ، ومساندة الاتحادية البطلة ، والحشد الشعبي ، كانت انتصارات مهمة ، واستطاعت القوات الامنية من الدخول الى المجمع ألحكومي في وقت قياسي غير متوقع ، اذ كان من المتوقع ان تستمر العملية الى نهاية شهر رمضان او بداية عيد الفطر ، ولكن العوامل المهمة التي ساعدت على تخطي الدفاع ، والتحول الى عنصرالهجوم ، كانت الاسلوب الجديد الذي اتبعته القوات الامنية في حملتها في تحرير مدينة الفلوجة من بطش داعش الارهابي ، اذ كان للجهدالاستخباري الدور البارز في متابعة تحركات الارهابيين ، وتوجيه ضربات مركزة نحو جيوب الارهابيين والتي كانت سبباً غير مباشر في حسم المعركة مبكرا .
نعم ما تحقق شي جيد ، ويديم زخم المعركة ، ولكن علينا ان نقف جيداً عند نقاط الخلل ، ونضع ألحلول المناسبة خصوصاً ونحن على اعتاب تحرير مدينة الموصل ، إذ كان من المفترض ان تكون مدينة الفلوجة هي مقبرة الأغراب ، ونهايتهم على ارض العراق ، لان ماحصل في معركة الفلوجة ، كان بتدخل قوى إقليمية ودولية ، وفي مقدمتها السفارة الامريكية التي ساعدت كثيراً في اجلاء عدد من القيادات البعثية والداعشية المهمة ، عبر طائرات تحركت قبل بدأ معركة التحرير ، مما جعل المدينة نقتصر على الارهابيين الأجانب ، والاحزمة والسيارات المفخخة ، الى جانب تفخيخ المنازل والأبنية الرسمية ، خصوصاً وان عملية التحرير سترافقها خطوات مهمة ،لان عندما تتحرر الفلوجة و يتم القاء القبض على العرب و العراقيين من الداعشيين و البعثيين و يدلون باعترافاتهم حول الجهات العربية و السياسيين السنة المعروفين بطائفيتهم وعندما تقع الوثائق السرية الموجودة في مقرات داعش في الفلوجة بايدي الاجهزة الامنية والحشد الشعبي عندها ستنكشف مؤامرات دول عربية و كيف انها دفعت الارهابيين وكيف قامت بدعمهم بمختلف اشكال الدعم و ستسقط ورقة التوت عن عورات الملوك و الامراء والرؤساء العرب اما سياسيو الفتنة في العراق من فسيفتضحون ايضا وعندها سوف يلقى القبض على بعضهم ويهرب الاخرون ، فتحرير الفلوجة سيحقق الانتصارات المختلفة و المذهلة .
خطاب السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي غداة التقدم النوعي في مدينة الفلوجة ،لم يقرأ الموقف جيداً ، ولم يضع خارطة طريق للقادم ، بل كان خطاباً مكانياً اكثر منه زمانياً ، وتحدث آنياً اكثر من رؤية مستقبلية وحقيقة للفلوجة ، لان الاخيرة لايمكن لها ان تكون كما كانت يوم امس ، ولا يمكن للحكومة العراقية ان تسمح بعودة سلطة البعثيين والارهابيين اليها ، وسيادة لغة التخويف والقتل بحق الأبرياء والعزل ، إذ من المفترض ان يحمل خطاب السيد العبادي خارطة واضحة لمستقبل المدينة ، وقطع النوايا الخبيثة التي تسعى الى تقسيم البلاد ، وفق كانتونات طائفية ، كما ان الخطر لا يمكن في الارهابين انفسهم ، لانهم أدوات لتنفيذ مخطط ، أُعد في فنادق عمان والإمارات ، وصُرفت عليه الأموال الطائلة ، وما زالت تضخ من اجل اعادة الحياة في جسده النتن .يبقى على قادة السنة ان ينتبهوا ، ويعوا ان ثمة محاولات لجرهم الى سجالات طائفية ، مدعومة بأجندات إقليمية ، من خلال الايحاء بان محاربة داعش هي حرب طائفية بين السنة والشيعة وهو ما يعني بان داعش يمثلون السنة ويدافعون من اجلهم بينما الواقع اثبت ان داعش اساء للسنة اكثر مما اساء لغيرهم فهم بلا وطن ولا سكن وعانوا من اساليب الترويع والتجويع ولذلك فان السنة بريئة من داعش ومن يريد الايحاء في بياناته الطائفية بالدفاع عن السنة فهو الذي يسيء للسنة قبل غيرهم ، لذا على السنة الانتباه ويجب الحذر من الوقوع في شباك الشد الطائفي الذي لا ينجو منه احد ، وان يعوا الدرس جيداً ويكون لهم دور رئيسي في حماية مدينتهم ، ومنع تكرار مأساتهم تحت وطأة داعش الارهابي ، كما على ساسة ونواب الانبار ان يشعروا بالانتماء الوطني ، وان يحافظوا على مناطقهم وجمهورهم الذي انتخبهم ، فان حماية مصالح الناس لا يكون بالتأجيج والضجيج الطائفي ، وان يحفظوا دماء السنة في مدنهم لانهم اصبحوا يثقون بداعش اكثر مما يثقون بالاجهزة الامنية من خلال بياناتكم التحريضية التخويفية لابناء الفلوجة خصوصاً ، ولا تنسوا ان المادة (7) من الدستور تنص على ادانة من يحرض على الترويج للطائفية والكراهية ، لهذا فان هذا الخطاب وأصواته النشاز ستكون في مزبلة التاريخ عاجلاً ام آجلاً ، والتاريخ لايرحم الخونة .