من كان ابوه مُتسلماً عرش الخلافة وأجداده من قبله بسيوفهم أستجلبوا مُلك السيادة وبأقنعة الإسلام وقرابة النبي قد استنهضوا جُل الرعية، فهل يُعقل انهم بجيوشهم خافوا كلام الكاظم في السياسة؟ أو نام قلقاً ابا المأمون أن ينبري بجموعِهِ ليهدُمَ موسى قصر الخلافة؟.ما من منطق يدفع بهذا الاتجاه، ما خوفُ مَن جيوشِهِ وصلت أصقاع أوربا مِن رجلٍ أصبح اقربائه ثلة وأصحابهُ يزورونَه عُتمة ، وليس لديه ماينفقه ليُنشأ جيشَه؟…لماذا يوهمونا بأن الأئمة نازعوا الملك او طالبوا بالخلافة؟ أو على الأقل أنهم يُشيرون بأنهم سيشرَعون بثورة؟ و أن الحاكم مافتأ مترقباً في أن يأمر الامام اصحابه بالهجمة؟ اين هم هؤلاء الاصحاب الذين لديهم القدرة على النهوض في عصر متأخر كعصر الامام الكاظم ع ، فأني لم أرهم حتى في تشييعه وهي أقصى درجات التأجيج في الصراعات التي تدور بين الحاكم الظالم و رموز الشعب أو الدين ، ان لم يكونوا هنا فأين هم؟. كرر التاريخ مواقف اشبه بالمنسوخة بين الخلفاء السياسيين بشقيهم الاموي والعباسي و الأئمة المعاصرين لهم من نسل رسول الله، مواقف ودية يذكر بها الخلفاء دوماً محاسن الأئمة و يعتبرونهم وزرائهم وقد أحرجوهم غير مرة في مجالسهم وبالنتيجة لم يُقتل أمام جهاراً نهاراً صراحةً غير الامام الحسين ع، اما الباقين فالكل قُتل بنظرية المؤامرة ، والعجيب ان هؤلاء الخلفاء كانوا من القسوة والبطش بمكان أنهم لا يهابون أحداً ولا يخشون شعباً لعدة اسباب ابرزها فتوى الخروج على طاعة ولي الأمر غير جائز وامور اخرى ، وفي الضفة المقابلة لايوجد اتباع حقيقيين بمعنى قيادات وقواعد شعبية آنذاك مع الائمة لتكون مخيفة لدرجة خشيتها من قبل الخليفة، وهنا نسأل لماذا كانوا أذاً يُقتلون غيلة وخِلسة؟ وللجواب هنا يتفق أمران الأول ان الأساس الاموي للحكم أكد عملياً سلب الإسلام مفهوماً وتطبيقا فأصبح خاوياً ينتهج الخط الروماني البيزنطي في رسم ملامح وكتابة أسلام جديد يتوافق مع النظرة البيزنطية والحاجة اليهودية في عمق الدولة الأسلامية الممتدة حينذاك بين بلاد فارس والدولة الرومانية، ومستشاري بيزنطا كانوا في اصل الخلافة وقصورها والثاني المصلحة في بقاء الاسلام مشوها ، أي أستمراره مشوها لا بل زيادة تشويه معالمه بمرور الزمن، لكي تبقى تلك الهيمنة مستمرة والى يومنا هذا فلعبة خلط الأوراق وسياسة المصالح المتغيرة فالدخول الى عقول المجتمعات الإسلامية وتحريك سلوكها الجمعي بتوافقية مع حركة وتوجهات ملوكهم أمر نجحت فيه الدولة البيزنطية نجاحاً يكاد يكون تاماً،فأصبح من السهل تحريك العصا بعد ان قبض على رأسها،فشوه الأسلام الى درجة أصبح من السهل جداً أن تقنع أي مسلم بخطأ ثلاثة ارباع المفاهيم الإسلامية وأزيد،وتلك هي المرحلة الثانية من مراحل عودة الحكم البيزنطي وما أشبه اليوم بالأمس. فهذا ما كان يقاومه الائمة وهذه هي ثورة الائمة وليس كرسي الرئاسة.فكانوا يحاربون لتثبيت صورة أسلام حقيقي وأبعاد تلك التشويهات تقويماً لمنهج إنساني متكامل جاء به محمد ابن عبد الله ولم يكن غيرهم في كل عصر من يحمل تلك النقاوة أباً عن جد لذلك كانوا خطراً على الدوائر الاستعمارية التي كانت تحكم كل حين فبقتل الامام لايحرمون الناس من شخصه أنما يقتلون المجتمع بحرمانه من علمه ، لذلك كانت مكائد قتلهم سرا يحيكها المستعمر(مستشار البلاط) و يغمض عيناً عنها الخليفة، وما تنَقل الامام الكاظم ع بين السجون خوفا من دعوته للخروج على هارون إنما خوفاً من زجه علماً حقاً ومنهجاً محمدياً صحيحاً يلتفت له الناس في عصرٍ كانت العلوم حاضرة في أوج مجدها ، أبداً لم يكونوا مقاومين حربيين بل كانوا قادة علميين، فلا خوفاً من حفنة ثوار إنما رعباً من شعلة انوار أُغتيل أبناء الكرار .