كومةٌ من رماد، لكنها عادت للاتقاد، هي كتلة التحالف الوطني العراقي، صاحبة الثقل الاكبر في البرلمان العراقي، والتي كان من المفترض ان تحمل على عاتقها احلام الملايين من ابناء الشعب العراقي المحروم، مِن مَن صوتوا لها، ووضعوا ثقتهم بها، كي ينعموا بشيء من خيرات بلدهم، بعد حرمان طويل.
لايخفى عن المتابعين للوضع السياسي العراقي، ان ادارة التحالف الوطني، وعلى مدى السنين الماضية، قد فشلت فشلا ذريعا، وعلى كافة الصعد، الامر الذي ولد سخطا شعبيا، وجماهيريا كبيرا، وذلك بسبب التراجع في الوضع الاقتصادي، والفساد المستشري، وانعدام الخدمات، وكثرة البطالة، في بلدٍ تكاد لاتحصى ثرواته، ناهيك عن الوضع الامني المتدني، ووقوع بعض المناطق تحت سطوة العصابات الارهابية، نتيجةً لسياسة الحزب الواحد، والقائد الواحد، واستئثاره بالسلطة، واقصائه للاخرين.
حينما اصبح لابد من التغيير، وانتشال ماتبقى من حطام التحالف الوطني، تصدى سماحة السيد عمار الحكيم الى مسؤولية قيادة التحالف الوطني، على الرغم من الوضع المتهالك، والتركة الكبيرة، التي خلفتها الرئاسة السابقة، من اهمال واضح لمشروع التحالف الذي تأسس لأجله، والتقاطعات التي حصلت بين مكونات التحالف نفسها، وكذلك مع الكتل والاحزاب العراقية الاخرى، مما جعل منه عنوانا للعجز والاخفاق.
استطاع الحكيم وبفترة وجيزة، ان يجعل من التحالف الوطني، مؤسسة سياسية، نابضة وفعالة، مفعمة بالحيوية والنشاط، حيث لاتقاطع بين فرقائها، ولاتخاصم كما في السابق، مطلقا مشاريعه الوطنية المعروفة، وموظِفا مقبوليته الجماهيرية، في توحيد الكلمة، وتغيير لغة الخطاب، معلنا ان الحوار هو الحل، والفرقاء هم شركاء الوطن، فلايمكن اقصائهم، او تهميشهم، فتجلى هذا بالاستجابة الواضحة، والتأييد الشعبي، والرسمي، من داخل وخارج العراق، لمشروع التسوية الوطنية، الذي اطلقه لاعادة للملمة الوضع العراقي، وانهاء الحقبة المظلمة، التي مرت على البلاد في الاعوام السابقة، ووضع حلولا جذرية، لمشكلات من الممكن ان تعصف بالبلاد مرة اخرى.
فيا ترى عندما اعلن السيد الحكيم، وقبل انتهاء فترته الرئاسية، ان على الشركاء في التحالف ان يبدؤوا بالبحث عن بديل عنه، ماذا اراد ان يصنع..؟ اعتقد جازما، انه اراد ان يعطيهم درسا، مفاده ان الديمقراطية تعني ان تتشارك مع الآخرين، لا ان تغفو على كرسي الرئاسة، وتغرق في نومك مستلهما افكارك من البعث الصامد، ودولة القائد الضرورة.
ان من اخرج التحالف الوطني من خندقة التحزب الضيقة، وجعله اسمٌ للعراق، يصدع في اذان الدول، هو نفسه من يستطيع ان يكمل ما بدأه، ويرسو في سفينتكم على شاطئ النجاح، فيا حكماء التحالف، هل فيكم حكيم..؟