امس بالصدفة شاهدت شرطية فرنسية تتخلىعن خوفها
وتتقدم من المتظاهرين طالبة منهم وهي تبكي وتتوسل
قائلة : ( اقتلوني ولاتخربوا باريس ) اقتلوني ولاتكونوا
مثل العرب يوم خربوا اوطانهم وهكذا اصبح العرب مضرب
الامثال في السوء وفات هذه الشرطية ومن على شاكلتها
اننا معشر العرب لا اوطان لنا اذ ما ان يصل احدهم للسلطة
حتى يحول كل شي في الوطن الى ملكية خاصة ونحن البشر
الى عبيد وخدم واتباع نسبح بحمده ونعد بمكارمه على طريقة
الحاكم ( كافور ) يوم قال فيه المتنبي الشاعر الطامح لمواطنة
حقيقية : ( جوعان يأكل من زادي ويمنعني
كي مايقال عظيم الاجر مقصود )
وهكذا تستمر حال المواطن في البلدان العربية الى ان ينقضي
الاجل وسواء انت مات الحاكم وورثه ابنه رغم انفه او مات
برصاص طامح اخر نزى على الدبابة والقصر الجمهوري في
ليلة واحدة وذبح سلفه او اعتقله وامرنا بالنزول للشارع لتاييد
الثورة التي اسقطت عروش الجبابرة والعملاء وجاءت من اجل
الشعب الصابر والطامح الى الاستقلال والحرية والكرامة
والديمقراطية وما ان تمر ايام قليلة حتى يكشر الجديد عن
انيابه ويأتي بابناء عمومته واقربائه واهل قريته ويسلطهم
على رقاب الاخرين ويعمل على انشاء فارق طبقي جديد بين
بطانته وباقي المواطنين . فكيف يشعر من لا الفة له مع وطن
يتصارع عليه الاقوياء ويفقد فيه الضعفاء كل مايخص علاقتهم
به واولها المواطنة ؟ حقا لو عرفت تلك الشرطية وضع المواطن
العربي في وطنه لما ضربت به المثل بالتخريب وانما استغربت
من بقاؤه فيه وعدم تفضيل الموت بسلاح حراس السواحل او غرقا
في بحار الهروب من وطن تحول الى ملكية خاصة يتوارثها
الاقوياء بقوة السلاح .