23 ديسمبر، 2024 12:45 م

هل فشل علي بن ابي طالب سياسيا؟

هل فشل علي بن ابي طالب سياسيا؟

جلجل الحب في المسيحي حتى، عُد من فرط حبه علويا،
المسيحي بولس سلامة، بعد ان راح متصفحا حياة ذلك الشخص، الذي حكم بلاد المسلمين في الاربعين من الهجرة، ذلك الحاكم الذي قضى سنين حكمه في حروب داخلية، حيث تفجرت عليه اكثر من جبهة، بعد ان تسنم مقاليد الحكم، ليدخل حرب (صفين، والنهروان، والجمل).

حروب علي بن ابي طالب”عليه السلام” اختلفت عن حروب المسلمين والرسول محمد (ص) من قبله، اذ راح يتقاتل المسلمون فيما بينهم، هذه المرة، وكل يدعوا الى جهته، حتى وصف بأنه “فشل سياسيا”، وهي في الحقيقة كلمة من احمق لا يفقه من رؤى السياسة شيئ، فجوابها كما قال هو “ع” “ليس معاوية بأدهى مني، ولكنها شيطنة”.

طبيعي ان كل شخص له مرتبة، وهذا عرف اجتماعي سائد بين البشر، ومن يريد ان يسلب الناس مراتبهم، ومكاناتهم، ويختلف عن العقل الجمعي لما هو سائد، فأنه سيضع نفسه بين المطرقة والسندان، فالناس اعداء لكل شيء يسلب منهم ما يملكون، فكيف اذا كان احد المسلوبات المال، والجاه؟!

اتجه المسلمون بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان، واجتمعوا على دار علي بن ابي طالب”ع” ليبايعوه، رفض ذلك في بادئ الامر، وقبله كرها -هذا ما صرح به في عدة مناسبات حين كان يخطب بالمسلمين- ولكن ما ان باشر في منصبه السياسي الجديد حتى قامت القائمة!

“الناس سواسية فلا فرق بينهم الا بالتقوى”، القاعدة الاولى، لتسيير امور بيت مال المسلمين، فلا فرق بين عربي او اعجمي، حديث العهد بالاسلام ام من السابقين، قائد كان ام جندي، فالعطاء واحد! بين الجندي وامير المؤمنين، حاكم الدولة!

“”الناس صنفان؛ اما اخٌ لك في الدين، او نظير لك في الخلق” فلا فرق بين مسيحي، او يهودي، او صابئي، او مسلم، فالدولة تحفظ حقوق الجميع!
“سلوني قبل ان تفقدوني” سل ما شئت وبأي امر اردت فليس القائد مالكا لرقاب الناس او مستعبدهم!

هذه والكثير غيرها من القضايا التي اثارت حفيضة الاخرين، وجعلتهم يخرجو ليسلوا سيوفهم ضده، مطالبين بالامتيازات والطبقية، وبأنهم مختلفين عن غيرهم.

حكم علي بن ابي طالب”ع” وهو لا يملك غير رداء واحد، حكم الفقراء والمساكين، كي لا يقال ان هنالك طائر في حكم علي جاع؟ “او نملة اسلبها جلب شعير، لما فعلت”.
فهل نسمي إقامة العدل بين الناس، وإرساء دعائم العدالة في دولة يحفظ فيها الجميع حقوقه، وواجباته، ويعيشون بحرية مطلقة، رغم اختلاف اجناسهم، واعراقهم؟ انه لمن البلاهة قول ذلك، بل هي السياسة والحكمة بعينها.

ضُرب في محراب الكوفة، صباحا علي يدي عبد الرحمن بن ملجم”لعنة الله عليه” وما ضربته هذه الا تصرف طبيعي لكل من يريد ان يستعبد الناس، ويخرجهم من انوار المعرفة الى ظلمات الجهل، ليعيد البشرية الى حقبها الاولى من التناحر والتقاتل، والظلم والجور والعدوان.

رحل علي “ع” بيقين مطلق وجوهر رباني مناديا، “فزت ورب الكعبة” ليخط على جبين التاريخ مجدٌ هيهات ان يُسلب.