22 ديسمبر، 2024 10:34 م

هل فشلت ثورة اكتوبر ؟!!

هل فشلت ثورة اكتوبر ؟!!

أكثر او اقل من 180 يوما مرت على انتفاضة تشرين ، التي تعد اول انتفاضة عراقية ، حشد لها جماهيريا ، قلبا ،وقالبا . واتخذت مسار الثورة السلمية على الفساد ، والمفسدين . وقدمت الكثير من الدماء الزكية قربانا للعراق . اكثر من 600 شهيد والآف الجرحى والمعاقين . واستطاعت تلك الثورة بأصرار شبابها على محاولة التغيير . وان تحدث زلزالا مدويا هز اركان المفسدين ، ومنظومة الفساد ، بدعم شعبي كبير ، ومرجعية رشيدة ووطنيين يشعرون بنبض الوطن وأوجاعه . وعلى الرغم من ذلك الا ان السياسيين حاولوا مرارا وتكرارا من محاولة خداع الشعب والتسويف الا ان الصوت الشعبي يعلو على ذلك ويكشف زيف محاولاتهم وإفشالها .
وفي ظل الظروف الراهنة الخاصة بانتشار فايروس كورونا وانشغال العالم بهذا الوباء . تحاول الكتل السياسية من تفعيل بعض القرارات الخاصة بتمرير شخصية جدلية لتولي منصب رئيس الوزراء . وهذا العمل الذي واجه ويواجه رفضا شعبيا كبيرا في ساحات التظاهر . ولكن الكتل السياسية مصرة على عدم الاذعان للمطاليب الشعبية وتجاهلها بعناد يتسم بالغباء والجهل . معتبرة ان الوقت كفيل بقتل جذوة الانتفاضة وروحها . وهنالك محاولات من لصوص الثورات ان يسرقوا هذه الثورة من بين ايادي ثوارها الحقيقيين .
ان قراءة متأنية لتاريخ المظاهرات في العراق . نجد ان تلك التظاهرات التي رفعت شعلتها عاليا قبل سنوات تتبلور اليوم وتنضج لتصبح ثورة .وان تاريخ الثورات في العالم شاهد عيان على ذلك . اذ تؤكد التجارب ان ثورة اكتوبر سوف تكبر مثل كرة الثلج كلما تدحرجت اكثر تكبر اكثر في حجمها وفي قوتها. وعلى الرغم من مرور 180 يوما الا ان الثورة ستحقق اهدافها عاجلا ام آجلا . وان اليأس في داخل الانسان العراقي هو بحد ذاته ثورة مضادة . وهنالك ثورات في العالم طالت مدة قيامها لسنوات مثل الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1789 واستمرت لمدة عشر سنوات إلى عام 1799 . داعية الى المساواة الاجتماعية والاقتصادية كما هو حاليا يحصل في العراق . ونتج عن الثورة الفرنسية العديد من الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن تغيير الحكم من الملكي إلى الديموقراطي . وهنالك ثورات عالمية مشابهة للثورة العراقية حققت اهدافها بجهود وتضحيات ابناءها .
ان الذين يراهنون على فشل ثورة اكتوبر هم قراء غير جيدين للتاريخ ولصوص ليل . ويتصفون بقصر النظر وضعف الرؤية تجاه المستقبل . لاسيما ان الشعب اليوم في حالة وعي تام فقد ولدت ثورته في عقله ومشاعره وقلوبه قبل كل شيء . فلا يستطيع احد من هؤلاء السياسيين من خداعه بالكلام المعسول والوعود الجوفاء كما كان يحصل في السابق . اليوم الجماهير تريد التغيير ، بل تصر على ذلك . وتتحدى كل انواع العنف الحاصل في ساحات التظاهر من قتل وخطف . قد يقوم الارهاب بتأخير الثورة الا انه يجعلها أمرا محتوما. وان الغضب الجماهيري يستعر ويتأجج يوما بعد يوم . وستجد الكيانات السياسية نفسها مرغمة على ترك الساحة حتى وان طال الوقت والا فأن تحول الثورة من السلمية الى العنف امرا واردا وفق المعطيات المرهونة على ارض الواقع . وفي ادبيات الثورات تكشف انه لا يمكن أن تنجح ثورة سلمية إلا في دولة منزوعة السلاح . وهذا ما تفعله المليشيات والجهات الداعمة للطرف الآخر لمصادرة الثورة . ” انني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الايمان اقوى من كل سلاح “( عمر المختار ).
وان الحراك الشعبي سيتجدد ويعيد صولاته وجولاته . وعلى الحكومة ان تعي الامر وان الثورة اعمق من كل ما نرى حولنا .. و أن هذه موجة اخرى ستتلوها موجات. ان الثورة مستمرة وان طال الزمن . فلم تكن هذه الانتفاضة هي انتفاضة الجياع وانما انتفاضة شعب انتابه الغضب جراء حجم الفساد والاهمال ومصادرة الحياة منه . إن الإصلاح الجاد يستحق التضحية وليس الخسارة لأنه أفضل طريق تكافح به الثورة . وان على الشباب المتظاهر ان ينظم صفوفه لان العفوية وانعدام التنظيم قد يقضيان على الثورة .