سنة 100 قبل الميلاد ظهر في روما رجل – سقاء- يدعى ” لينوس كراسوس” كان يمتلك عربات عدة لنقل المياه الى الأحياء الشعبية الفقيرة، وكان الناس يهرعون إليه كلما نشب حريق في منازلهم أو محالهم ، للمساعدة في إطفائها وكان الرجل يشترط عليهم شراء تلك المنازل بثمن بخس قبل الشروع في إخماد الحريق الناشب فيها ، حتى أصبح لديه وبمرور الوقت عشرات المنازل التي استولى عليها بهذه الطريقة الانتهازية البشعة، وأصبحت لديه فرقة لإطفاء الحرائق مكونة من 500 رجل بكامل تجهيزاتهم هي الأولى من نوعها في العالم!! .
وبهذه الطريقة -الكراسوسية- البشعة، تعامل الكثير من ساستنا ، مع معاناتنا، وحرائقنا المشتعلة في كل مكان، مع شديد الأسف واخص منهم بالذكر أولئك الذي يزعمون الكشف عن ملفات الفساد وملاحقة المتورطين به عبر الفضائيات فيما هم غارقون الى الأذقان في بركه الآسنة .
الى هؤلاء فضلا عمن يظهرون عبر الشاشات الفضائية اذكرهم بملف التحقيق بفقدان الأموال المخصصة لإعادة الأعمار اين وصل به الحال ؟ ، وكذلك الحال مع ملف التحقيق بحادثة جسر الأئمة ، أحداث مايسمى بجند السماء ،اختطاف أعضاء اللجنة الأولمبية ، اختطاف موظفي وزارة التعليم العالي ، ملف حرائق الوزارات ، ملف تفجيرات السبت والأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس الدامية ، ملف اغتيال الكفاءات ،ملف حرائق الأسواق الشعبية “الشورجة وجميلة وبغداد الجديدة ” ، ملف تهريب النفط ، ملف صفقة الأسلحة الروسية ، الصفقة الأوكرانية الفاسدة ، الصفقة الصربية التالفة ،ملف صفقة أجهزة الكشف عن المتفجرات الفاشل ، التحقيق في هدر أموال وزارة الكهرباء ، هدر أموال القمة العربية في بغداد ، هدر الأموال المخصصة لبغداد عاصمة للثقافة العربية ، هدر الأموال المخصصة للنجف عاصمة للثقافة الإسلامية ، هدر أموال المدينة الرياضية في البصرة ،صفقة الطائرات الكندية – المضحكة – ، ملف تهريب وسرقة الآثار ، ملف شراء المناصب العليا ،ملف الفساد الهائل في أمانة العاصمة ،ملف الشهادات المزورة في مجلس النواب ، وغيرها الكثير مما لايتسع المجال لاستعراضها …أين هي نتائج التحقيق السابقة وفي أي ملف من الملفات الشائكة لتضيفوا إليها ملفا آخر جديد سيركن على الرفوف كنظيراته بانتظار من ..سيحرقه بتماس كهربائي يقيد ضد مجهول !!
وأضيف ومن باب الاطلاع انه وفي الوقت الذي كشف فيه النقاب عن تخصيص 24 مليار دينار “نثرية” لثلاث نواب لرئيس الوزراء العراقي بمعدل 8 مليارات لكل نائب، تعاني الميزانية من عجز كبير لاسيما مع هبوط اسعار النفط المفاجئ والمستمر والذي سبب ارباكاً في عملية اعدادها وسياسات التقشف الصارمة بحق الفقراء والعاطلين واصحاب العقود والأجور اليومية والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والحصة التموينية ، كما اذكركم برواتب حكام وملوك العالم، فبرغم حرص الرئيس الصيني “شي جين بينج”، على الظهور بملابس أنيقة، والذي تعد زوجته “بينج ليوان” رمزا للأناقة الا ان “دَخْل” الرئيس الصيني لايتعدى 22 ألف دولار سنويا بمعدل اقل من الفي دولار شهريا .
اما في فرنسا فيبلغ راتب الرئيس فرنسوا هولاند 19 ألف يورو شهريا، بعد خفض 30% من راتب الرئيس السابق ساركوزي، أما ماريو مونتي رئيس وزراء إيطاليا فيتقاضى نحو 19 ألف يورو شهريا ، فيما رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يتقاضى 142 ألف يورو سنويا واضافت مجلة إكسبريس الاقتصادية الفرنسية، ان ” المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتقاضى 23 ألف يورو شهريا، أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيتقاضى 115 ألف دولار في السنة” .
و اما عن الرئيس الموريتاني ، سيدي محمد ولد شيخ عبد الله ، فيتقاضى أعلى راتب لرئيس دولة عربية، يبلغ 30 ألف دولار شهريا، يتبعه راتب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بـ26 مليون دينار ما يعادل تقريبا 14000 دولار” .
فيا أيها الكراساسيون السياسيون كفوا عن مطاردة الفساد ” فضائيا ” وأبحثوا عن فساد مؤسساتكم اولا بعد الهبوط على ارض الواقع ومن ثم ابحثوا في فساد الآخرين حقيقة لا أمام الكاميرا فقط من باب ” صورني وآني ما أدري “.