لنبدا بسؤال يطرح نفسه : هل هذه الاجراءات التي تقوم بها الحكومة تدخل في باب الاصلاحات ؟
وتاتي الإجابة المنطقية أن ما يحصل فعلاً هو مجموعة إجراءات لترشيق الدولة وتنظيم وتفعيل عمل بعض المؤسسات التي تعاني من الركود والكسل ، اي بمعنى اخر محاولة القيام باجراءات تقشفية الغرض منها سد العجز الكبير في الميزانية السنوية سواء للاعوام التي مضت او ميزانية ٢٠١٦ والذي قد يبلغ اكثر من ٢٥ مليار دولار ، الامر الذي ينذر بدق ناقوس الخطر في الوضع الاقتصادي للبلاد .
لم تكن الإصلاحات جدية في تطبيقاتها العلمية ، بل تركزت على دمج وزراء دون الوزارات ، واجراءات تقشف لم تلامس الواقع الاقتصادي الحقيقي للبلاد ، بل لجات في اغلب الأحيان الى التفرد بالقرارات المصيرية دون اللجوء الى التحالف الوطني ، والذي كان يفترض ان يكون خيمة القرار السياسي العراقي ، ومصنع القرارات الاستراتيجية لمؤسسات الدولة كافة .
اغلب الإجراءات التي قام السيد العبادي لم تلامس الواقع اليومي للمواطن ، بل هي كانت ترقيعية تحاول تهدئة الأوضاع الداخلية ، مع عدم الضرر بالحزب الحاكم ، المستحوذ على اغلب المناصب الحكومية ، خصوصا مع وجود عقبات واضحة أمام الإصلاحات من قبل اعضاء حزب الدعوة انفسهم ، ومع البيان الاخير واعلان البراءة من السيدالعبادي ، بات الاخير في منطقة حرجة بل صعبة للغاية، خصوصاً مع العقبات الإدارية والدستورية لإجراء الإصلاحات، في ظرف عصيب يمر به العراق، يتمثل بالتهديد الأمني الخطير الذي يتهدد وجوده بالكامل، متمثلا بالحرب الكبيرة التي يخوضها العراقيون ضد تنظيم داعش الإرهابي.
الخطاب الاخير لدولة القانون كان بمثابة انقلاب ابيض على السيد العبادي ، وأنها خطوة باتجاه السعي للإطاحة به ، خصوصاً وان التقارير تشير الى ان دولة القانون بدأت مشاورات مكثفة مع الكتل السياسية المنضوية في التحالف الوطني من اجل تغيير العبادي ، واعلان بديله المتوقع في حال نجاح المشاورات الا وهو “طارق نجم ” احد قيادات حزب الدعوة والمقرب من المالكي .
السيد العبادي من جهته ربما سيسعى الى تفويت الفرصة على شركائه الدعوجية ، والخروج من حزب الدعوة ومن دولة القانون ، واعلان تشكيل تكتل سياسي جديد يضم بعض قيادات حزب الدعوة الذين وقفوا معه في ترشيحه لرئاسة الوزراء، وبذلك يكون قد سحب البساط من تحت أقدام شركاءه ، ولكن في نفس الوقت يحتاج الى غطاء لعمله كرئيس للوزراء ، وهذا ما جعله يعتمد على الدعم الامريكي سياسياً كان ام أمنيا ً ، وبذلك فرصة تغييره تكون في حكم المستحيل ، وفي نفس السياق فان المستفيد الأكبر من هذه الرمال المتحركة هو السيد المالكي الذي يسعى الى العودة بقوة الى رئاسة الوزراء ، ولكن هذه المرة مع تغيير جوهري للدستور ، خصوصاً مع وجود الدعم الايراني والأمريكي في نفس الوقت ، الامر الذي ينذر بمستقبل مجهول ، ولحظات غاية في الحساسية في تاريخ العراق الحديث .