قبل أن يتسلم الدبلوماسي المصري أحمد أبو الغيط مهمته أمينا عاما للجامعة العربية من سلفه الدبلوماسي نبيل العربي إنتعشت الأمال عند البعض بأنه سيكون ( المنقذ ) للجامعة العربية وسيتقدم بها خطوات كبيرة الى أمام ، وستعيش الدول العربية في ولايته عصرا ذهبيا ، وتتحول الارض العربية الى دوحة خضراء وورشة عمل واحدة ، وواحة أمن وأمان وينتعش التكامل العربي والاخوة العربية بكل معانيها القومية والانسانية ، وستفتح الدول العربية أبوابها أمام المواطن العربي مُهللا ومُرحبا به بدون قيود وحدود….. أمنيات جميلة إستند المتفائلون فيها على ما يتمتع به الرجل من خبرة دبلوماسية كبيرة ، وهي حقيقة معروفة ، جمعت بين العمل في المنظمات العالمية ممثلا ، أو مفاوضا لبلاده أو سفيرا أو وزيرا للخارجية لسنوات طويلة إستنفدت سنوات عمره التي تجاوزت السبعين … ولكن الخبرة الدبلوماسية العالية والمهنية الراقية ، والكفاءة المتميزة ، ليست ميزة انفرد بها ( ابو الغيط ) وحده ودون اسلافه لكي يحقق للجامعة ما عجز فيه غيره ، وتحولت بمرور الزمن الى مجرد ملتقى للاجتماعات ، و مبنى ضخم وعلم يتوسط القاهرة بدون روح …. فمن سبقه كان بمستواه في العمل الدبلوماسي ، ومروا بالمراحل المهنية نفسها وهم في أعمار متقاربة …
فلماذا نجحوا في بلادهم ، ولم تسعفهم خبرتهم في بعث الحياة في الجامعة العربية ، وهم بهذه الاعماروالكفاءة ؟…. تلك هي المفارقة وفيها يكمن السبب ، وهو خارج إمكانات الأمين العام مهما علت ، وترتبط باعضاء منظمته وهم اصحاب القرار والحل والعقد … وما كان في نيتي أن أكتب عن الموضوع فقد كتبت فيه الكثير، رغم وضوحه ، ولم اجد ما أقوله للمتفائلين بقدوم الرجل غير أن أكرر ما سبق أن قلته ، ويعرفه الجميع .. أن الجامعة العربية مجموعة ارادات ، وليس ارادة واحدة ، ولم يكن الامين العام ارادة من بينها ، لان عمله لا يتعدى تنظيم الاجتماعات والمؤتمرات والمخاطبات والقاء الكلمات ، وطرح الاراء والمقترحات .. فكيف له أن يبعث الحياة فيها ، ومن أين له القدرة لان يعزز العمل العربي المشترك ، ويجعل الحياة تجري في عروق جفت الدماء في بعضها ، ويوقف نزيف الدم في أخرى ، ويعيد إعمار ما تخرب فيها ، ومن بين العرب من كان سببا فيها … مهمة بلا شك عسيرة ، ولكنها ليست مستحيلة ، أن تتحول الجامعة العربية الى ملتقى عمل لترجمة شعارات التضامن وتجسيد مبادىء العمل العربي المشترك وتحويلها من أمنيات الى مفردات حياتية والى عمل حقيقي يشعر بمردوده الايجابي المواطن العربي الذي تسحقه البطالة والهجرة والقتل بفعل الارهاب ، ويشعر بالمذلة والمهانة على حدود بلدان عربية تغلق بوجهه ، ويمنع دخولها برفع الحواجز عاليا ، وتتعسف معه في منحه التأشيرة او الاقامة بينما
تفتح ابوابها وصدرها للاجنبي ..ولم يكن أمام العربي غير أن يلجأ الى دول أجنبية ، حتى وان تعرض للموت في طريق الهجرة اليها ، لتشمله برعايتها ، وتعامله كأنه مواطن فيها … وتلك هي أبسط خطوات التضامن والتكامل والتعاون العربي … فهل بمقدور ابو الغيط ذلك ، وهي خارجة عن حدود أمنيته، وقدرته وصلاحياته ..؟.. إذا ما تحقق ذلك عندها يكون للامين العام دور وللجامعة العربية معنى وللشعارات قيمة ، وتكون الاخوة حقيقة ..