بغض النظر عن الماضي خصوصاً ما بعد عام 2003 م وما جرى من بعده على يد الإحتلال الأميركي ، وبغض النظر عن مذكرات بول بريمر وما ذكره من طبيعة العلاقة بينه وبين السيستاني فقد أوضح أن رؤيتهم لسير الأمور في العراق اتحدت مع رؤية السيستاني وهو ما سهَّل عليهم العمل معاً وكان لذلك الأثر الكبير في إحكام السيطرة على العراق !! وبغض النظر عن مذكرات رامس فيلد وزير الدفاع الأميركي السابق وما ذكره في مذكراته خصوصاً حادثة 200 مليون دولار وقوله المشهور (إن علاقة صداقة قديمة قامت بيني وبين السيستاني ترجع إلى علم 1987 أثناء إعداد السيستاني لتسنم مهام المرجعية بعد الخوئي)!! ، وبغض النظر عن ما ذكره الجنرال البريطاني ريتشارد دانات .
نعم ، فليكن النسيان – ولا ننسى – لمواقف المرجعية المحايدة مع الإحتلال الأميركي طوال تلك السنين العجاف عندما كان الأميركيون متواجدين بشكل واقعي قبل إجلائهم عام 2011 م ، وكما يقول المرجع الصرخي ” الجميع يراهن على الجهل عند المقابل، الغباء عند المقابل، على النسيان عند المقابل وعلى الحاجة عند المقابل ويراهنون على الزمن” ونبدأ بداية جديدة ومن حقنا نتساءل ما موقف السيستاني حيال رجوع الإحتلال الأميركي مرة أخرى ؟ هل سيفاجئ السيستاني الجميع بل ويفاجئ نفسه ويعلن جهاد ضد الأميركان ويجعله جهاداً عينياً ؟؟
هل سيفعلها ويدخل التأريخ من أوسع أبوابه ليعيد ماء الوجه للشيعة الذين اتهمهم الآخرون أنهم متهادنون مع الإحتلال الأميركي وحلفائه ؟ وهل سيقلب الطاولة على عملاء أميركا ويجعلها ثورة شيعية لها صداها في أرجاء المعمورة ؟؟ هل سيغيّر السيستاني سياسته مع الأميركان ويترك السكوت كما فعلها من قبل خصوصاً حادثة الدستور البرايمري والتي ذكرها المرجع الصرخي في محاضراته وشخص هذا التعامل بقوله “عندما تتعامل مع سلطة الإحتلال لا تؤمن دستور برايمر من يجبرك على هذا؟ هم الأميركان غاية ما يطلبون أن تسكت هذه الغاية القصوى لكن لا يتوقعون أن تنبطح وتمضي تلك القوانين”
نعم ، مازالت تلك الصور العارية المهينة من سجن أبي غريب لم تغب عن ذاكرة العراقي الأصيل الغيور ولم يغب أيضا السكوت الرهيب للمرجعية وغيرهم على هذه الإعتداءات الوحشية البهيمية البربرية على المساجين المساكين ، فهل سيطلقها صرخة بوجه المحتل الأميركي ويعلن جهاده العيني أو الكفائي وبالتالي ستنكفئ أميركا وداعش وتغرب عن وجه العراق ؟ فالمعروف أن داعش منظمة إرهابية برعاية الإستخبارات الأميركية (CIA) فهل سيفعلها السيستاني كخطوة أولى قبل جهاده أن يشجب ويستنكر الضربات الأميركية التي يقولون عنها إنها بالخطأ على المقاتلين العراقيين ولأكثر من مرة ؟
أم أن الإنسحاب المفاجئ من الإدلاء برأيه للعملية السياسية هو الخطوة الأولى لغض النظر عن رجوع أميركا للعراق ؟؟ أي أن مازال مفعول 200 مليون دولار ساري إلى هذه اللحظة !! نحن لا نريد أن نسبق الأحداث (ولو أن النتيجة معروفة) ولكننا ننتظر ونراهن على ما سبق ليعلم الفاهمون اللعبة .
الكثير يستفسرون ما هذا الترابط العميق والوثيق بين السيستاني وأميركا ؟ ولماذا لا يوجد إلى الآن موقف صريح وبيّن ضد أميركا ؟ على كل حال ننتظر المفاجآت مع دخول القوات الأميركية أو العربية أو الأسلامية خصوصاً وأن أنظار العالم تتوجه إلى الحوزة في النجف وينتظرون الموقف من المرجعية ، فهل يا ترى تتغير تلك المواقف أم تبقى نفسها .