حزب الدعوة , ذلك الحزب الذي كان معارضاً للعملية السياسية المولودة ضعيفة , نتيجة لأرباكات تلك المرحلة وطبيعة الرأي العام الموجه بواسطة أجهزة تابعة للسلطة الشمولية , ضعف تلك العملية أُستغل من قبل الدعاة أيما أستغلال .. فكان ثمن أستقطابهم هو الكرسي !!
ومن خلال السلطة أستطاع الحزب تكوين ذاته وبناء مؤسسات قائمة على المال العام , تعتبر مصدر قوة بعيد الأمد بنظرهم , لم يكن همهم بناء دولة مدنية بقدر بناء سلطتهم ونفوذهم عبر هذه الفرصة التاريخية والغير متوقعة .
يبدو أنّ الصعود وصل مرحلته الأخيرة , لقد أتضحت نتائج الأنتخابات سلفاً , ولا أعني بذلك أن القراءات ستكون دقيقة .. لكن ما يحصل يومياً من تراجع واضح هو بمثابة المقدمة لأمر هام سيغير المشهد السياسي العراقي في المستقبل المنظور . وأعتقد أن الهبوط هذه المرة سيكون مختلفاً عن الصعود , حيث أن فوز دولة القانون سابقاً كان فوز مفاجئ , بينما الهبوط سيكون تدريجي أي بمثابة المريض الذي يفقد خلاياه شيئاً فشيئاً وعندها لا علاج له .
من يتحمل هذه الخسارة الأولية التي ستجر إلى الهزيمة الكبرى (فقدان الكرسي) هو منهج الحزب في التعاطي مع الأحداث ومدخلات الوضع العراقي بشكل غير مسؤول لاسيما الأنفراد الذي جعل الهوة تتسع لدرجة يصعب ردمها , المالكي بدوره أفرط في أستخدام هذا المنهج بصورة غير متوقعة وغير مدروسة , وأفراطه هذا ناتج من تفاقم شهوة السلطة وأدمانها , الأمر الذي جعله يعتمد على رجال يبتعدون عن حزبه أو يقتربون , بشرط الولاء لشخصه فقط ..ولعلنا هنا نجد التفسير الحقيقي لتربع قيادات بعثية كبيرة على مواقع مهمة نتيجة قربها للمالكي .
لم تعد أسباب النجاح الأنتخابي متوفرة لدى رئيس الوزرء وقائمته المؤلفة من أغلب الوزراء , وبألقاء نظرة بسيطة على خطابه الأنتخابي نجد الأفلاس هو حصيلة السنوات الثمانية التي قضاها في الحكم .. لذا رّكز على موضوع التظاهرات ومن زاويته الضيقية التي تظهره الرجل القوي القادر(علامياً ) , وما عدا هذا لم يطرح برنامجاً أنتخابياً سوى الوعود والكلمات الفضفاضة التي عنوانها (سنفعل و سنقوم وسيكون ) قافزاً على حقيقة مرة مفدها (ثمان سنوات وهو يحكم العراق , وتسعة محافظات ولم يقدّم شيء ) … ثمة سبب أخير ستستخدمه السلطة لتجاوز هذه الأنتخابات الا وهو (التزوير ) , لكنه سوف لن يغير من سير المعادلة التي قضت بهبوط دولة القانون (تدريجا) .
في خضم ما سيحدث ستتفكك تلك القوة … عندها لن يجلس المالكي على كرسي الأمانة العامة لحزب الدعوة , بل سيرغمه البعض على تقديم أعتذار للحزب الخارج من أنتكاسه صيرته دون أي ثقل جماهيري أضافة إلى فقدان الثقة به من قبل أغلب الأحزاب و الحركات السياسية وهذا يجهز على ثقله السياسي , قد يتحول إلى منظمة مجتمع مدني لها دور هامشي …. ويبقى سؤال مهم عالقاً بإذهان الجميع (هل يكون المالكي شبيهاً بإياد علاوي في تحقيق حلم الوصول بكل الوسائل مستقبلاً؟؟) .