بتساؤل بسيط قد يجده بعضهم غريبا وهو, بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي المتواجد الآن في المحافظات الشمالية والغربية, هل سيظهر تنظيم إرهابي جديد على غرار تنظيم داعش في الوسط والجنوب العراقي ؟ وإذا ظهر فما هو سبب ظهوره ياترى ؟ وقد يجيب بعضهم على إن لا يمكن أن يظهر تنظيم إرهابي في وسط وجنوب العراق لعدم وجود حاضنة وكذلك حدود المحافظات الوسطى والجنوبية محصنة أمنياً أكثر من غيرها بالإضافة إلى تواجد مليشيا الحشد, لكن هذا الإعتراض أو الجواب هو الذي يجعلنا نتوقع ونرجح أن يظهر تنظيم إرهابي في الوسط والجنوب العراق, بل إنه موجود الآن فعلاً ويمارس نشاطات إرهابية كبيرة لكن ما حصل عليه هذا التنظيم من غطاء شرعي وقانوني جعل الجميع بين غاضِ للطرف عن جرائمه وبين متخوف من الإفصاح عنه, وهذا التنظيم هو ” مليشيا حشد السيستاني “.
فالآن حتى على الصعيد الحكومي المحلي هناك تخوف من هذه المليشيا, وهذا ما أبداه محافظو العديد من محافظات الوسط والجنوب في إجتماعهم السري الذي عقد في مدينة النجف بإستثاء محافظي بغداد والعمارة لكونهم من التيار الصدري فلم تتم دعوتهم لذلك الإجتماع والذي عقد بمنتهى السرية وتحت ذريعة زيارة المراقد المقدسة في محافظة النجف, , وقد أبدى المجتمعون تخوفهم من رجوع مليشيا الحشد إلى محافظاتهم بعد إنتهاء المعارك مع داعش, وهذا الإجتماع بحد ذاته يعطينا قراءة مستقبلية لوجود ” داعش جديد ” في وسط وجنوب العراق ونبين ذلك من خلال ما يلي :
-عقد إجتماع بين محافظي الوسط والجنوب, والجميع يعلم إن كل المحافظين هم ينتمون للكتل والأحزاب السياسية الحاكمة, وقد تم استثناء المحافظين الذين يمثلون التيار الصدري وهما محافظ بغداد ومحافظ العمارة, وهذا إن دل على شيء فأنه يدل على إن هناك عمليات إرهابية ستقع في وسط وجنوب العراق بشكل كبير وموسع وسيكون المتهم بإرتكاب تلك العمليات هم التيار الصدري, وهذا بسبب الخلافات الحادة الحاصلة الآن بين قادة هذا التيار وقيادات التحالف الشيعي, وذلك لغرض إيجاد ذريعة لقمع هذا التيار المتصارع معهم على كعكة الحكم في العراق, وكذلك معاقبته على ما فعله بإقتحام وتهديد المنطقة الخضراء, وإلا لماذا تم استثناء المحافظان الذين يمثلان التيار الصدري من هذا الإجتماع السري خصوصاً وإنه يناقش قضية تخص كل المحافظات بدون إستثناء.
-بغض النظر عما إذا كان هناك مخطط من وراء هذا الإجتماع ضد جهة أو تيار معين, فإنه يوحي إلى إن الجميع متخوف من عودة مليشيا الحشد كون جميع المحافظات الآن قد جربت الأفعال الإجرامية لتلك المليشيات المتواجدة الآن في تلك المحافظات, حيث إن أمرها هو النافذ, وقد شهدت العديد من محافظات الجنوب العديد من الخروقات الأمنية على يد تلك المليشيات دون أن تتخذ الأجهزة الأمنية أي أجراء قانوني بحقها, وذلك للخوف من تلك المليشيات ومن يمثلها, ومحافظة البصرة هي صاحبة القسم الأكبر من تلك التجاوزات.
-عودة تلك المليشيات من المعارك مع داعش, وإنتهاء المبرر لتواجدها وتشكيلها يدفع بالقائمين عليها وبالتحديد إيران يدفعهم على إيجاد مبرر وذريعة أخرى من أجل الإبقاء عليها وعدم تسريحها, وذلك لأن هذه المليشيات تمثل خط الدفاع الإيراني الأول في العراق, لآن إيران وبحسب تصريح قادة الحرس الثوري تقوم الآن بحماية أمنها القومي والوطني خارج حدوها بألفين كيلو متر والعراق يقع ضمن تلك المنطقة وتلك المليشيا هي خط الصد الإيراني الأول.
-عودة تلك المليشيا إلى المناطق الجنوبية والوسطى سيخلق حالة من الفوضى والتمرد, وذلك لأمرين وهما, الأول المطالبة بالمستحقات المالية التي لم تدفع للعديد من أفرادها, الأمر الثاني, الغالبية العظمى من أفراد تلك المليشيا قد تطبع على القتل وتمرس عمليات السرقة والإجرام وبغطاء مشرعن, فهل يستطيع من أدمن على تلك الأمور أن يكف يده عن الناس حتى وإن كانوا من المقربين له ؟ علماً إن أفراد هذه المليشيا المتواجدون الآن في المحافظات الجنوبية وفي هذه الظروف يمارسون أفعال إجرامية من إختطاف وسرقة وإبتزاز وقتل وهم الآن يملكون مصدر التمويل سواء كان من الحكومة أو من السرقات التي يقوم بها أفرادها في المناطق الشمالية والغربية والتي يطلقون عليها إسم ” غنائم حرب ” فما بالك إذا إنقطع مصدر تمويلها ؟ فهل ستترك وعلى سبيل المثال ميناء البصرة ؟ أو تترك الحدود العراقية بيد القوات الأمنية التي تمنع عمليات تهريب المخدرات والممنوعات ؟.
-الأمر الآخر إن كل الأحزاب لها مليشيات مسلحه تمثلها ومما لا شك فيه إن تلك المليشيات تمثل إرادة قادتها السياسيين, وبما إن الصراع والخلاف السياسي في العراق موجود دائماَ فهذا يعني إن له تبعات أمنية على المشهد العراقي وهذا أمر عشناه منذ عام 2003 والى اليوم فكلما حدث خلاف وصراع سياسي بين السياسيين تعقبه مباشرة جملة من العمليات الإرهابية, هذا في زمن لم تكن لتلك الأحزاب مليشيات معلن عنها وصريحة كالآن, فتصوروا كيف سيكون الوضع في ظل وجود أجنحة مليشياوية لتلك الأحزاب, فكم من عمل إرهابي على غرار مجزرة الكرادة سيشهد الوسط والجنوب العراقي ؟.
وهنا نرجع إلى السبب الرئيس في خلق تلك الفوضى التي تحصل الآن لكن تحت التغطية الإعلامية وما سيحصل في المستقبل تحت عنوان ” الحرب الشيعية – الشيعية ” فسبب ذلك هو السيستاني ومرجعيته ومؤسسته التي أوجدت تلك المليشيات وأسست لها من خلال فتوى الجهاد الكفائي, وبسبب سكوته وإمضاءه كل الجرائم التي ترتكبها تلك المليشيا في المحافظات الشمالية والغربية والوسطى والجنوبية ولم يصدر منه أي ردع إزاء تلك الممارسات بحق العراقيين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب, فالسيستاني أشعل عود ثقاب في كومة قش بتلك الفتوى, فهل تتصورون أن تخمد النار قبل أن تأكل تلك الكومة بأجمعها ؟ كذا هي فتوى السيستاني بالنسبة للعراق, وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الثانية من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” والتي تقع ضمن سلسلة محاضرات التحليل الموضوعي للعقائد والتاريخ الإسلامي, حيث قال …
{{… من المرجعية من السيستاني من معتمدي السيستاني من ممثلي السيستاني خرجت الفتنة, قتل الأبرياء, مثل بالجثث, حرقت الجثث, سحلت الجثث, وقعت مجزرة كربلاء,وقعت المجازر في كل المحافظات تحت اسم المرجع, تحت اسم السيستاني, تحت فتوى السيستاني, تحت عباءة السيستاني, سرقت الأموال, فُسد وأفسد في الأرض تحت اسم المرجعية وتحت فتوى المرجعية وتحت غطاء المرجعية وتحت عباءة المرجعية وتحت حماية المرجعية, تحت حماية السيستاني واسم السيستاني ومرجعية السيستاني, قلتنا بإمضاء وبقيادة السيستاني وبفتوى السيستاني كما يقتل الآن الأبرياء كما ترتكب الآن الجرائم في المحافظات الغربية ومحافظات الشمال والمحافظات الشرقية والمحافظات الجنوبية باسم المرجع, باسم السيستاني بفتوى السيستاني و يُغرر بشبابنا بأبنائنا, تُسلب إرادة الشباب, تسلب إرادة الناس البسطاء…}}.
وبالمحصلة النهائية والقطعية إن إنتهاء معركة تحرير الموصل ونهاية داعش في العراق لا يعني إنتهاء الإرهاب بل هي مقدمة لإرهاب جديد تقوده مليشيا حشد السيستاني وسيجني العراق وبالتحديد أبناء المحافظات الوسطى والجنوبية ثمار هذا الحشد وفتوى السيستاني.