19 ديسمبر، 2024 1:52 ص

هل سيطال النموذج العسكري المصريتركيا ايضاً ؟!

هل سيطال النموذج العسكري المصريتركيا ايضاً ؟!

هل ماحدث في مصر إنقلاب عسكري أم ثورة ؟ سؤال يدور  على كل لسان .من الطبيعي ان يفسره كل انسان من الزاوية التي ينظر منها الى الحدث. قطعا ان تداعيات الحدث ومايجري الان على الساحة المصرية وما سيحدث في المستقبلهو شأن مصري داخلي. ولكن ماحدث أمر خطيرسيمتد ليطال كثير من الدول ويعطي الذريعة لجيوش الدول القلقة، أو التي تعيش صراعا سياسيا واجتماعيا، حرية التحرك والتصرف وخاصة بعد الموقف الامريكي والاوروبي الهلامي لما جرى في مصر العزيزة.بعد أن صدعترؤوسنا بضرورة نشرالديموقراطية والاحتكام الى صانديق الاقتراع.
وتاسيسا على الموقفين الامريكي والاوروبي  بعد الاحداث في مصر وحسمها من قبل الجيش فان باستطاعة أي الجيش في أي بلد ان يستولي على السلطة ويعتقل رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء وقادة الحزب الحاكم بمجرد تحريك عدة آلالاف من المناهضين والمعارضينللحكومة بالتظاهر ضدهاثم يتحرك الجيشليغير السلطة بحجة انهم ينفذون ارادة الشعب الثورية.
وبعد هذه السابقة المصرية، فإن جميع الحكومات المنتخبةمهددةبالسقوط بيد الجيش بانقلاب ثوري ناعم!!!
يقودنا الحدث المصري الى طرح السؤال الاتي: هل حكومة السيد رجب طيب اوردوغان مرشحة للسقوط بفعل عسكري مشابه؟!! ربما هذاالسؤال هو سؤال نظري ثقيل، ولكن غير مستبعد لأسباب عديدة من ابرزها:
1- إن الصعود الاقتصادي التركي المذهل خلال عشر السنوات الماضية.أذهل الجميع، ولو نظرنا الىالمشاريع المقترحة تنفيذها خلال العامين القاديمنلوجدنا انها كافية لإغاظة البعض في الخارج وإقلاقهم ودفعهم للتوحد ضد تركيا ومصالحها ومن هذه المشاريع العملاقة : انشاء مطار اسطنبول الدولي الثالث بتكلفة 46 مليار دولار وابرام عقود إنشاء محطة ثالثة للطاقة النووية بقيمة 22 مليار دولار وبناء جسر ثالث معلق ( جسر ياووز سلطان سليم) بمبلغ 2.5 مليار دولار. رفع ارقام البورصة الى اعلى مستوياتها 93 نقطة. تسديد ديون البنك الدولي ورفض توقيع عقود جديدة بصفة دائن بل مدين. ارتفاع فائض المصرف المركزي التركي الى 135 مليار دولار.رفع المؤسسات الاقتصادية والتجارية العالمية مستوى آمان الاستثمار في تركيا الى تصنيف بي أي أي 2 وهي الاعلى في التصنيف العالمي. اليس ملفتا للنظر اندلاع احتجاجات ساحة تقسيم بعد اسبوع واحد فقط من تسديد تركيا أخر دفعة من ديونها لصندوق النقد الدولي؟!!
2- التوصل الى حل سلمي للقضية الكردية في تركيا التي كانت تستخدمها الصهيونية وأمريكا كلما دعت الضرورة لزعزعة الاستقرار في تركيا.
3- حقد الجيش التركيعلى السيد رجب طيب اوردوغان وحزبه وتضامن القوى العلمانية و القضاء والاعلام مع الجيش.
4- عدم نجاحالاحزاب المعارضة التركية في الفوزبالسلطة في الانتخابين العامين السابقين. فقامتباستغلال الطائفة العلوية في تركيا ( نسبتهم 8% من الشعب التركي )بتأجيجالنعرة الطائفية لديها مستغلة اطلاق اسم ا”لسلطان ياووز سليم” الذي دحر الصفويين والعلويين قبل 500 عاما.
5-استغلال حزب الشعب الجمهوري القوى اليسارية والعلمانيةوالطائفية ودفعها للتظاهر ضد الحزب الحاكملسبب تافه هو تغيير معالم “ساحة تقسيم” واقتلاع بعض الاشجار في الحديقة المجاورة لها والتي أصبحت مكانالتجمع السواح المثليين من أوروبا بهدف نشر هذا الشر بين شباب وشابات تركيا. والشعار الذي رفعوه هو ” ارحل يارأس المال المعولم” و “ارحل يااوردوغان”…..!
6- رأس أوردوغان مطلوب اسرائيليا وأمريكيا وغربيا ومعه رأس تركيا ايضا.بعد ان غدت تركيا القوة الاقتصادية رقم 17 في العالم والمخطط ان تصل الى الرقم 10-12 في عام 2023. أسرائيل لن تنسى إهانة أوردوغان لشمعون بيريز في دافوس وإجباره اسرائيل على تقديم الاعتذار عن حادثة ماوي مرمرة. وهو الاعتذار الوحيد الذي قدمته اسرائيل لاية دولة في تاريخها.
7- سعي تركيا لتاسيس الولايات المتحدة التركية التي تمتد من البحر الاسود الى حدود منغوليا ( تشمل كل من أوزبكستان وقيرغيزستان وطاجاكستان وتركمانستان وأذربيجان وتركيا). والتي ستكون قوة إقتصادية وعسكرية كبيرة ترعب الاتحاد الاوروبي الهش وأمريكا. وكما هو ليس مسموح للامة العربية ان تتوحد كذلك ممنوع على الامة التركية ان تسير بهذا الاتجاه.
8- أن عقيدة المؤسسة العسكرية التركية واساليب عملها لاتختلف جذريا عن عقيدة المؤسسة العسكرية المصرية، وخاصة بعد معاهدة كامب ديفيد المهينة. فكلاهما أقرب بالعلاقات مع أمريكا خاصة والغرب بصورة عامة. وكما هو معروف ان معظم القيادات العسكرية للجيشين تدربت في أمريكا وأوروبا وتسلمت السلاح منها ووقعت على عقودها. ولهذا السبب ربما أن أي عمل عسكري في تركيايمكن ان تبرره أمريكا والغربكما بررت بخجل ما حدث في مصر.
أن التظاهرات والاحتجاجات لن تتوقف في تركيا بل على العكس ربما ستزداد وخاصة أن الحرب المعلنة ضد حزب العدالة والتنمية تدور رحاها تحت شعارات أهمها: «أسلمة الدولة» و«تقييد الحريات الفردية» وتقييد بيع الخمور وهي نفس الشعارات التي رفعها ” تمرد” مصر!!!!
وتاسيسا على ما تقدم،ان الاحزاب المعارضة في تركيا تستطيع وخاصة حزب الشعب الجمهوري تحشيد مئات الالاف من انصاره ومن اليساريين والعلويين والعلمانيين في تجديد التظاهرات ضد السيد أوردوغان في “ساحة تقسيم ” أوفي المدن التركية الاخرى وعندهايطالب المتظاهرونمن الجيش التدخل لحمايتهممن أجل إسقاط حكومة أوردوغان،بنفس الحجة التي تذرع بها الجيش المصري.
إن لم يتدارك السيد أوردوغان الامر سريعا ربما سيطيح الجيش به وحكومته وفق النموذج المصري  رغما عن أنف صناديق الاقتراع وديموقراطية الكيل بالمكيالين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات