بعد عِدة دورات إنتخابية تحاول بعض الكتل السياسية بجميع إنتماءاتها لملمة أوراقها؛ وإعادة قراءة الواقع السياسي بما ينسجم ومخاطر المرحلة المقبلة، فالحكومات السابقة فشلت بتوفير أبسط متطلبات العيش للمواطن العراقي، وإعمار البنى التحتية التي دُمرت إبان الحروب المتتالية التي عصفت بالعراق وشعبه؛ وربما تقصدت الولايات المتحدة تسيير شخصيات غير مؤهلة لقيادة بلد مثل العراق؛ لتكون هي الرأس الحاكم والمسيطر من خلال أدوات ساقتهم الظروف ليكونوا حكاماً.
عندما نقارن بين دولتين دخلتا الحرب سويةً، وكانت الخسائر متكافئة ونقصد هنا حرب الثمانِ سنوات بين العراق والجارة الشرقية إيران، إنتهت الحرب عام 1988 وهنا سنبدأ المقارنة بين شعبين وحكومات متعاقبة؛ عن المنجزات والمكتسبات والخضوع لإبتزاز الدول التي تُسمى بالعظمى.
توجهت جمهورية إيران الإسلامية إلى مرحلة الإعمار، والإعمار هنا شمل الإنسان والعقل وتهيئة متطلبات مرحلة ما بعد الحرب؛ ودخلت إيران حرباً إقتصادية، وإستطاعت بناء مؤسسات أمنية في الداخل والخارج ناهيك عن بناء ترسانة عسكرية قوية، تستطيع مجابهة أعتى الجيوش وأقواها، الأهم هنا هو البناء العقائدي لشعب محاصر منذ عام 1979 وهو العام الذي شَهِد إنطلاقة الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الراحل الموسوي الخميني “قده”.
هنا عندما نحاول الدخول بمقارنة بين شعبين وحكومات خاضا حرباً ضروس، وبظروف متشابهة لا نقصد التقليل من عراقة شعبنا وإمكانية تذليل الصعوبات لبناء بلدهم، بل نُعاتب الشعب كيف سمح لمن سولت له نفسه، تخريب الإنتماء الوطني والتغلغل بالملذات والشهوات والأطماع؛ ونجح العدو بتنصيب اللصوص قادة؛ لسرقة خيرات البلد وإهمال الشعب وقتله.
بعد حادثة إسقاط طائرة التجسس الأمريكية المُسيرة ” RQ-4 Global Hawk ” من قبل الحرس الثوري الإيراني، إستطاعت إيران فرض هيبتها كدولة عظمى في المنطقة، ولم يتجرأ ترامب بالردّ لأنه يعلم علم اليقين من هي إيران وما حجم إيران، كذلك يعلم من هو العراق وحجم العراق ! فالمؤسسات الأمنية ربما تكون مخترقة ولا تعمل لصالح أمن البلد وحماية أرضه وسماءه، ونقول هنا ربما ولا نجزم، نتيجة للخروقات الأمنية الكثيرة التي نشهدها، والإعتداءات المتكررة التي تؤرق المواطن وتضطره للهجرة ونبذ إنتماءه الوطني.
خلاصة مقالنا : لنتعلم من جيراننا ماهو الوطن؛ ولنتعلم كيف نحمي الوطن، ولنتعلم من جيراننا كيف يخشانا الأعداء، لنكن خير أمة ونحذر بأن المخططات المقبلة، ستدمر ما تبقى من إنسانية وعقائدية وإنتماء الشعب العراقي الذي هو الآن على شفا حفرة، على الجميع العمل لإنقاذه من الإنزلاق داخلها، وأن لا يعتقد البعض بأن الولايات المتحدة وحلفاؤها، ستكون ملاكاً ينقذهم من الشياطين.