23 ديسمبر، 2024 11:10 ص

هل سيسحب الدب الروسي البساط من تحت أقدام العم سام في الشرق الأوسط

هل سيسحب الدب الروسي البساط من تحت أقدام العم سام في الشرق الأوسط

الحرب الباردة تسخن شيئا فشيئا من شدة الضربات التي توجهها القوات الروسية التي إتخذت من الأراضي السورية مقرا لها، لتضع بذلك توازنا للقوى في الشرق الأوسط، كذلك بإعلانهم أي إعلان الروس بأنهم مازالوا قوة عالمية عظمى، يجب حساب الحساب لها من قبل دول المنطقة والولايات المتحدة الأمريكية، فتمركز الجيوش الروسية وإطلاق الصواريخ البعيدة المدى على مقرات وتجمعات ومراكز مناوئة للنظام السوري، هو دليل على عرض للقوة تقوم بها روسيا في المنطقة، وأيضا للحيلولة دون تقسيم المنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كما أعلنتها وسائل الإعلام الغربية بتقسيم المنطقة، قبل دخول ومشاركة الجيش الروسي في كعكة الشرق الأوسط الحلوة المذاق.

ويبدو أن الضربات الجوية والتحشدات الروسية جنبا الى جنب قوات النظام السوري، هي رسالة واضحة لجميع الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية مفادها أن المنطقة حتى وإن تم تقسيمها فيجب أن يكون للروس حصة ما في رسم تلك الخارطة الجديدة للمنطقة، لأن توازن القوى يشمل جميع الإجراءات في شتى المجالات، عسكرية كانت أم إقتصادية، فقضية الفيفتي فيفتي ليست وليدة اليوم بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بل هي قائمة منذ عشرات السنين، بين تلك القوتين العظميين، التي تقاسمت الكرة الأرضية مع حلفائها من كلا الجانبين.

وفيما يتعلق بحلفاء الدولتين العظميين، وخاصة في قضية سوريا التي تعد ملتقى ملفات وقضايا الشيعة والسنة والكورد والتنظيمات الإرهابية والمتشددة والإسلامية والأحزاب الأجنبية، التي دخلت الى سوريا من دول الجوار بأجندات دولية متنوعة، كما أن المصالح التي يعلمها ويعرفها سياسيوا المنطقة على حقيقتها، كما يعرفها ويعلمها الأمريكان والروس هي حلف معسكرين تجدد عهدهما مهمتها المصالح، ولأن هاتين الدولتين هي الوحيدة التي تستطيع من خلال تلك المجموعات والتنظيمات والأحزاب الموجودة في سوريا والعراق حاليا، تعتبر تصفية حسابات قديمة كانت أم جديدة، ودخول كوريا الشمالية والصين ودولا أخرى في الحلف الروسي لهو دليل أيضا على ظهور جبهة قوية ضد جبهة الولايات المتحدة الامريكية، لأن الجبهتين من أهم قضايا العصر بسبب تجميع وإستقدام جميع التيارات المتشددة والإرهابية والمافيوية من كافة دول العالم الى ساحة الصراع في سوريا والعراق والمنطقة.

كما إن تذبذب أسعار النفط ونزولها الى أدنى المستويات، يعتبر دليلا آخر على أن الدول العظمى إكتفت من ما تفرضه منطقة الشرق الأوسط ودولها، من تحكم بالنفط العالمي المصدر الى جميع دول العالم بأسعار كانت خيالية فيما سبق، كذلك محاولة تقسيم المنطقة وإلغاء إتفاقية سايكس بيكو من جهة، وقضية النفط من جهة اخرى، وبقاء بعض الرؤساء لبعض الدول العربية في مناصبهم، عكس ما حدث في دول مثل ليبيا والعراق ومصر ودول أخرى، كلها أسبابا كافية لتدخلهما في قضايا الشرق الأوسط، إذا فأجندات كثيرة إجتمعت مع بعضها لتخلق تدخلا روسيا موازيا لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بحجة نشر الديمقراطية في المنطقة والقضاء على الإرهاب، وبنظر الروس فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تترك لهم أو الدول المتحالفة معها شيئا ليستفادوا منه، والاهم من ذلك هو تجميع تلك الحركات المتطرفة والإرهابية والإسلامية المتشددة من دول العالم وإعادتها للشرق الأوسط والى دولها الأم.

وقد بانت بعض المؤشرات التي تظهر بأن الحرب الأمريكية على الإرهاب، لم يكن بالمستوى المطلوب، وذلك تبين بعد غارات الروس بطائراتهم وصورايخهم على أوكار الإرهابيين في سوريا، والتي ألحقت بهم خسائر فادحة تقدر بضعف خسائر الإرهابيين، الذين تلقوا ضربات في فترة ليست بالقصيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حين كانت تقصف مواقع أؤلئك الإرهابيين بالطائرات والصواريخ، كذلك وجود قوة عظمى أخرى في المنطقة تتمثل في الجارة إيران لما لها من دور فعال في احداث وقضايا المنطقة، ووقوفها الى جانب معسكر الروس والنظام السوري، وإمتلاكها لتكنلوجيا الطاقة النووية، ، والتي تعتبر أحد الأسباب القوية لقدوم الأمريكان الى المنطقة، بجانب القضايا الأخرى السالفة الذكر.

وهنا لا بد من الإشارة أيضا، الى ان الوعود المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، لدول منطقة الشرق الأوسط بأنها، ستقضي على الإرهاب وعلى تمويله، ووعودها بخلق الديمقراطية في المنطقة، وإرجاع الحق لأصحابه، كما هو الحال مع شعب كوردستان الذي إستطاع بتضحياته التي قدمها من دماء وشهداء في سبيل تحرير الديمقراطية من أيدي الأنظمة الظالمة والديكتاتورية، منذ بداية الحركة التحررية الكوردية مرورا بإنتفاضة عام 1991 ضد النظام البعثي البائد، الى تصدي البيشمركة الأبطال لهجمات داعش الإرهابية وإيقاف زحفه، كل هذه القضايا وقضايا أخرى، تحتم على الولايات المتحدة الأمريكية في ان تقوم بعمل جدي وواضح وسريع، في تطبيق الرسم الجديد للخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة، لأن الدب الروسي دخل الساحة التي إذا ما إستمر بقائه فيها ستكون هناك تحالفات جديدة وتغييرات جديدة في السياسات بالنسبة للمنطقة، بالرغم من تحركات العم سام في هذه

الساحة، ويبدو أن الأمور تتعقد أكثر فأكثر ويوما بعد يوم والمخاوف المتزايدة من قبل الجميع بسبب غموض الصورة المستقبلية، في أنه هل ستكون هناك حرب عالمية ثالثة حتى وإن كانت باردة، وهل سيسحب الدب الروسي البساط من تحت أقدام العم سام في الشرق الأوسط ؟؟؟؟