19 ديسمبر، 2024 12:47 ص

هل سيستقيل عبدالمهدي؟

هل سيستقيل عبدالمهدي؟

سؤال يتبادر الى ذهن المتابعين للشأن العراق حول امكانية استقالة رئيس الوزراء الجديد السيد عادل عبد المهدي من عدمها وخاصة أنه لوّح عدة مرات بذلك وهو له سابقتان بذلك ,وقبل التكهن بالاجابة على هذا السؤال يجب أن نحلل أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة ثم نستنبط الاجابة عن هذا السؤال.
أول التحديات وأخطرها أمام السيد عبدالمهدي هي وصول المواطن العراقي الى حالة اليأس من الطبقة السياسية بأكملها وأصبحت هناك فجوة كبيرة بين المواطن والسياسي ليس من السهل احتوائها حيث اصبح المواطن لايثق مطلقاً بأي سياسي مهما كانت خلفيته وهذه الحالة من اليأس والاحباط جائت من تراكم حالات الفشل في الأداء السياسي منذ عام 2003 ولحد الآن, وأصبح الشارع العراقي بحالة من الغليان وما انتفاضة الشعب والتي انطلقت في البصرة وامتدت الى عدة محافظات الا حالة طبيعية لهذا الاحباط, وان توقف هذه الانتفاضة والتظاهرات الشعبية لايعني انتهائها وإنما هي عملية هدنة وتأجيل من الشارع حيث ينتظر الشعب ويراقب ما سـتؤول اليه عملية تشكيل الحكومة الجديدة وما الذي ستفعله بشأن المطالب الشعبية وبعدها ستقرر ماذا تفعل, ومن التحديات الأخرى العقوبات الأمريكية على ايران وكيفية التعامل معها وحراجة الموقف مع ايران وكذلك انتشار الفساد بشكل يفوق كل التصورات وخاصة انه وصل الى صناديق الاقتراع وشاب العملية الانتخابية بألف علامة استفهام ووصل الى الحقائب الوزارية والمناصب المهمة في الدولة حيث لايخفى على أحد الصفقات المشبوهة والمخزية التي يتم فضحها يومياً عبر وسائل الاعلام عن تورط كبار السياسيين بهذه الصفقات التي يندى لها الجبين وكلّ هذا يحدث في ظل سكوت الجهات الأمنية والقضاء العراقي والادعاء العام, هذا اضافة الى المشاكل الاقتصادية المتفاقمة والديون الخارجية وفوائدها المستحقة التسديد وانتشار البطالة والفقر والأمراض والأميّة وغيرها, وكذلك الاختلافات والتناحرات السياسية بين الكتل والأحزاب على المكاسب والمصالح وعدم تعاونهم معه في تمرير الحقائب الوزارية تُعـدّ من التحديات الخطيرة وهذا اضافة الى التدخلات والضغوطات الدولية والاقليمية التي يتم ممارساتها على كل الحكومات العراقية ومنها حكومة عبد المهدي, وأخيراً وليس آخر استمرار ظاهرة تواجد السلاح في الشارع خارج سيطرة الدولة ونفوذ الأحزاب والميليشيات وماتشكله من تهديد لأمن واستقرار المواطن وضياع لهيبة الدولة.
مما تقدم فان التحديات التي تواجه السيد عبدالمهدي هي تحديات خطيرة وكبيرة وتجعله في موقف لايُحسد عليه ولوتمعنّا جيداً في هذه التحديات بمنظار ثاقب لوجدناها تحديات خطيرة فعلى السيد عادل عبدالمهدي أن يفكر ألف مرة بكل الاحتمالات وبكل تحدي على حدة ويفكر بالوسائل المتاحة بيده ويزنها بحكمة وعقل راجح ويقرر بنفسه وبكل واقعية هل سيتمكن من النجاح خلال فترة أربعة سنوات من تخطي كل هذه التحديات والمخاطر وهل سيتمكن من تحقيق مطالب الجماهير الثائرة التي وصلت الى مفترق طرق مع العملية السياسية ويستطيع اقناعها من العدول عن الثورة, وهل سيتمكن من ارضاء أمريكا وايران بنفس الوقت بشأن ملف العقوبات, وهل سيوقف الفساد الذي استشرى وأصبح يمارس علنياً من قبل رفاقه السياسيين في كل الكتل السياسية , وهل سيتمكن من ارضاء كل الكتل والأحزاب بشأن تقسيم الحقائب والمناصب الحكومية وهل سيتمكن من خلال خبرته الاقتصادية والسياسية من انقاذ الاقتصاد العراقي من حالته البائسة وحل المشاكل الاقتصادية المتفاقمة وهل سيتمكن من ارضاء كل الدول الاقليمية والخارجية؟
أنا على يقين بأن السيد رئيس الوزراء في هذه اللحظة يفكر بكل هذه الاحتمالات ويفكر في اتخاذ القرار المناسب الذي يحدد مستقبله السياسي.
في اعتقادي المتواضع ومن خلال كل المعطيات المتاحة و كل التحديات الموجودة على الساحة فان خيار السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي سيكون الاستقالة وبنسبة كبيرة لأن الأمر معقد وشائك ولا يمكن لأي شخص مهما كانت قوته وحنكته السياسية أن يتجاوز كل هذه التحديات وهو بمفرده, وأنا لوكنت مكانه لن أتردد لحظة واحدة في الاستقالة وتجنب الفشل الأكيد الذي ينتظرني.