23 ديسمبر، 2024 2:42 م

هل سيرجع عمار الحكيم بخفي حنين من مصر وتونس؟

هل سيرجع عمار الحكيم بخفي حنين من مصر وتونس؟

(( لقد اكد عمار الحكيم للمسئولين في مصر وتونس حرصه على عروبة العراق ناسيا انهم ذراع ايران القوية لقتل العرب السنة في العراق ومحو عروبة ثلاث دول اخرى وهي سوريا ولبنان واليمن )).

خلال الاربع عشر سنة الماضية صدع عمار الحكيم راس العراقيين بالحديث عن موائد مستديرة وتسويات تاريخية عظمى كان مصيرها ارشيف ادبيات المجلس الاعلى للثورة الاسلامية لتركن على رفوفها كونها لا تعدو اكثر من سفسطة كلامية وانشاء ممل غير قابل للتطبيق , وان كان العراقيون مجبرين على تحمل هذا العبث فما ذنب اخواننا في مصر او تونس ان يسمعوا هذا الهراء ؟

زار عمار الحكيم مصر وهو عازم على ان يثبت لنفسه و للعراقيين بانه سياسي محنك ليس على الصعيد المحلي فحسب بل على صعيد المنطقة ايضا , وان ما فشل فيه في العراق يمكن ان ينجح فيه في مصر على مبدا مغني الحي لا يطرب (الا في حي اخر) . وهكذا وفور وصوله للقاهرة اطلق العنان لقريحته في الحديث عن عظائم الامور .. فعمار هذا لا يتناول من الامور الا عظيمها , واخذ يحذر من فواجع الدهور .. فهو لا يتكلم عن الفواجع الا امرها , داعيا الى عقد اجتماع اقليمي تحضره مصر وايران وتركيا , والجلوس الى مائدة مستديرة لفك جميع المشكلات , والبحث عن تسويات تاريخية لحل اخطر المعضلات .. هكذا هو الرجل لا يفتي الا في القضايا الكبيرة .

معتمدا على اسلوبة الخطابي الممزوج بلحن الموسيقى الفارسية , وعارضا قدراته الانشائية والخطابية المتخمة بكل شيء الا ما يمكن ان نسميها سياسة .. جذب عمار انتباه الاخوة المصريين الى هذا الشخص الاتي من العراق والذي يلقي عليهم طروحات لم يسمعوها من احد سابقا ولم تخطر على بال بشر … فالحديث عن مؤتمر اقليمي لحل مشاكل المنطقة هو حديث مغري يعجب المتلقي للمرة الاولى , والكلام عن مائده مستديرة يجري البحث حولها عن مشاكل المنطقة والعالم العربي هو شيء اكثر اغراءا , دون ان يعرف الاخوة في مصر الكنانة ان عمار الحكيم لا يعرف ما الهدف من دعوته الى المؤتمر الاقليمي , ولا الامور التي يمكن التباحث فيها حول تلك المائدة .. وفي احسن الاحوال يمكن له ان يتكلم عما يجب ان يوضع على تلك المائدة من اطعمة شهية . ما اقوله ليست مبالغة ولا تجني على الرجل , لان الاحداث والتطورات في العراق اثبتت بان هؤلاء لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا , ولا يعرفون في السياسة الا ما ترسمه لهم ايران ودورهم هو التنفيذ فقط , وهو الدور المناط اليهم لا اكثر ..

فخلال الاربع عشر سنة الماضية قام الكثير من الساسة الشيعة بزيارات الى الدول العربية , وكل تلك الزيارات سخرت للاجندات الايرانية وسبل تلطيف الاجواء بينها وبين الدول العربية , دون ان يحضى الشان العراقي فيها باي اهتمام , مرتضين لانفسهم ان يكونوا مندوبين ومبعوثين للجمهمورية الاسلامية , وزيارة عمار هذه لا تشذ عن تلك القاعدة .

السؤال هنا … ما هي الملفات التي يمكن لرئيس حزب عراقي ان يتباحث حولها مع المسئولين المصريين والعلاقات بينهما لا تخرج عن نطاق ملف النفط , والسياحة , والتجارة , والامن ؟ وكلها ملفات تتعلق بوزارات الحكومتين ومؤسساتها ليس باحزابها , فان كانت الحكومة العراقية لاتحترم مؤسساتها ووزاراتها , فان الحكومة المصرية لا يمكن لها ان تتباحث حول هذه الملفات مع رئيس حزب عراقي , ثم ان ملفي التجارة والسياحة هما ملفان ذات اتجاه واحد ( من مصر الى العراق وليس العكس) , ومن المفترض ان تكون مصر هي من تحرص عليهما وليس العراق ؟ رغم ذلك فان عمار ادلى بلدوة المثقوب في موضوع السياحة حينما ذكر بان السائح العراقي كريم ويدفع الاموال ببذخ في السياحة.. هكذا يغري عمار الجانب المصري في ملف السياحة وهذا مبلغ علمه بها .

لذلك وكما قلنا فان الزيارة هذه هي زيارة موفد او مبعوث ايراني (وليس عراقي) الى مصر وتونس , وما توقيت الزيارة ومكانها الا تاكيد على ما نقول . فتونس تمثل الخط المعتدل بين الدول العربية في الصراع المذهبي المحتدم في المنطقة , ويمكن التنسيق معها باتجاه فك الحصار السياسي على ايران . اما مصر فقد اتت الزيارة قبيل زيارة الرئيس المصري الى المملكة العربية السعودية . وايران تعاني اليوم من ضغوطات امريكية ودولية كثيرة استطاعت دول الخليج من استغلالها لمصلحتها في الصراع بينها وبين ايران , وتحاول دول الخليج اليوم راب الصدع الذي حصل في علاقاتها مع مصر في المرحلة السابقة . لذلك فزيارة المندوب الايراني عمار تاتي لثني مصر عن التقارب مع الخليج , والتباحث معها حول تقديم المزيد من الاغراءات تضاف الى الاغراءات السابقة التي قدمها العراق اليها نيابة عن ايران , خاصة في صفقة النفط الخام العراقية التي حلت بديلا للخام السعودي . وفي حال فشل عمار في عرقلة التقارب السعودي المصري فعلى الاقل يمكن ان تكون مصر الطرف الذي يلطف الاجواء بين ايران والسعودية ويخفف من وطاءة الحصار السياسي عليها .

من خلال تصريحات عمار الحكيم في مصر فان زيارته لم تات اكلها ويظهر انه سيرجع الى العراق بخفي حنين , فقد صرح بان عرضه لعقد مؤتمر اقليمي تحضره مصر وايران وتركيا لم يلق اذانا صاغية عند الحكومة المصرية ولم يتلق جوابا حولها .

ان كان عمار لا يفقه المتغيرات التي طرات على السياسية الدولية والاقليمية مؤخرا , فعليه ان ياخذ من عدم الرد المصري معيارا بان دول المنطقة والمجتمع الدولي عازمة على السير قدما في محاصرة ايران اكثر , وان اغراء مصر ببضع براميل نفط عراقية (يمكن تعويضها من الخليج) لن يثنيها عن الذهاب في التحالف مع الخليج خاصة وان امريكا تقف على نفس خط المواجهة , تلك المواجهة التي سيكون عمار وحزبه وبقية الاحزاب الشيعية العراقية كبش الفداء الاول لها , حينها لن تنفع موائد العالم المستديرة كلها ولا التسويات التاريخية من انقاذهم من المصير المحتوم الذي ينتظرهم

[email protected]