برز اسم رئيس الوزراء المالكي وارتفع رصيده في الشارع عندما قام وبمساعدة حلفاءه (المجلس الاعلى والاكراد ) بضرب المجاميع الارهابية والخارجة عن القانون الامر الذي اتاح للعراقيين العيش الامن والحياة المستقرة بعض الشيء , وقد قويت شوكة المالكي وحكومته الى ان اصابها الغرور والتسليم المطلق لمستشارين وصوليين اشاروا عليه بفض كل تحالفاته على اعتبار ان الجماهير ستطالب به كحامي وحافظ لوحدة العراق المنقذ من لهيب الصراع والاقتتال الطائفي , ودائما الناس لا تعبأ بالتفاصيل بل تأخذ النتائج وهذا ما استفاد منه الرئيس وجيره لصالحه حيث صدر المنجز الامني على انه منجز خاص به حصرا . ورغم مرارة تلك الحقبة الطائفية التي جرفت معها دماء كثيرة استطاع البلد ان ينهض وقد توفرت بيئة صالحة لبناء سبل الحياة الطبيعية المفقودة في العراق لكنها لم تستثمر , حيث اصبح المنجز الوحيد (الامن النسبي ) بمثابة العقدة النفسية التي جعلتهم يصابون بالغرور والعظمة مما ادى الى ترهل الاداء الحكومي وترجعه في كافة الجوانب الخدمية وحتى الامنية , والغريب ان الخروقات الامنية التي حدثت بعد عمليات فرض القانون كانت كاشفة للضعف الامني وهشاشة الوضع لكنهم لم يغادروا حالة الغرور وظلوا يتغنون بصولة الفرسان التي اردوا ان تتوقف الحياة والتاريخ عندها !!
ومن الجدير بالإشارة ان الاستقرار النسبي كشف العجز الحكومي عن معالجة الكثير من الملفات وهذا ما نتج عنه تراجع كبير في شعبية المالكي وحكومته وقد عُولج هذا التراجع بالية احداث الازمة , بدأت الازمات تترا وكلها قائمة على اسس التحشيد والتمحور الطائفي تارة والقومي اخرى , تأجيج حالات الصراع استثار عواطف الناس ,ادى استمرار العمل بهذه السياسة الى اضافة التعقيدات الكثيرة لها بحيث اصبحت خطرا حقيقيا يواجه البلد , وما بعض الحوادث التصادمية الا دليل واضح على ذلك .. قد تعتبر هذه الاحداث بدايات العودة للصراع الطائفي البغيض الذي ان حصل (لا سامح الله ) فسيدفع العراق الثمن غاليا هذه المرة ولا يعلم الا الله بسقف انتهاء هذا الصراع , ساحة الصراع ستكون مفتوحة لكل القوى الداخلية والخارجية خصوصا مع معطيات الوضع القائم في سوريا ومتغيراته اليومية . لم تعد الساحة تحتمل اكثر وان حصل طارئ سيكون المسؤول الرئيسي هو السيد رئيس الوزراء الذي سيخرج من الحياة السياسية بعد ان اعاد العراق مرحلة القتال الطائفي بعد ان اضاف من عنده تعقيدات كثيرة اججت الوضع , كأنه يكرر ما قاله طاغية العراق السابق بعبارته الشهيرة (سأسلم العراق ترابا ) . ان البعض يرى للأزمة اطرافا عديدة وبعضها مدعوم خارجيا وهذا رأي دقيق وصحيح , لكن عند الحديث عن السيد المالكي فنعني به رئيس وزراء جمهورية العراق والذي يجب ان يعمل على تفادي حصول الازمات ودرء المخاطر والفتن وان لا يكون طرفا في صراع ينزل الى الشارع بل عليه ان يتعامل بمرونة تجعله قادر على حفظ الدماء والمكتسبات .
مؤشرات كثيرة اوضحت صورة القادم من الايام نتمنى ان يتم تجاوزها من قبل العقلاء , ونعتقد ان الشعب هو الاقدر على حفظ دماءه ان اراد ذلك بعدم التفاعل مع المنهج الحالي لأدراة الازمة وان خرجت الاوضاع عن السيطرة فسنكون نحن الضحية ويومها لا ينفع الندم .
سيرحلون جميعا لكن طرق الرحيل مختلفة وقد يخرج السيد المالكي او يهبط من نفس الباب الذي صعد منه , و بعد ان يحدث الخراب ليتراكم فوق الدمار لتكتمل لوحة الدم والمعاناة العراقية , ليس مهما عندها رحل او بقي .