بعد التجارب السابقة مع الحكومات التي تشكلت عقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، ليس من الصعب تخمين ما ستؤول إليه الحالة التركمانية في الكابينة الحكومية المقبلة. فبالرغم من السعي التركماني الحثيث لتمثيل التركمان في الكابينات السابقة تمثيلاً يليق بوجود هذه القومية القديمة ودورها التاريخي في إغناء الحضارة على أرض العراق، إلاّ أن أغلب تلك المحاولات باءت بالفشل وبقي التركمان دون تمثيل يذكر. حتى وإن كانت بعض الحكومات قد التفتت للمطلب التركماني، إلاّ ان تلبية هذه المطالب لم تكن سوى تقليدية لا تغني عن جوع. حيث لم تتجاوز الحقائب الوزارية الممنوحة للتركمان حدود حقيبة وزارة دولة والتي تعني بمفهومها الآخر وزيراً بلا وزارة.
الأمر ملفت للنظر بالنسبة للبعض ومثير للدهشة بالنسبة لأخرين. فتمثيل جميع المكونات في الحكومة واعطائهم حقائب وزارية واستثناء التركمان من ذلك، أمر يدعو إلى الدراسة والتمحيص والخوض في الأسباب والمسببات. رغم أن التركمان لم يكن لهم غاية في الاضرار بالوطن وكانوا وما زالوا يدعون إلى وحدة العراق أرضاً وشعباً، إلاّ أن التعامل معهم كان مركزاً على التهميش وإلغاء الوجود. تم التعامل معهم بشكل منافي لكل الدسر السماوية والقوانين الوضعية ولم ينبري أحدهم في اسعاف التركمان والعمل بالديمقراطية التي جاءوا يدعونها.
الأمر ملفت للنظر حقاً لكنه ليس صعب التحليل والتأويل. فلكل من يقرأ التأريخ خصوصاً بعد الاحتلال الإنكليزي للعراق والاتفاقات التي ابرمت بين تركيا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأول وعلى رأسها اتفاقية لوزان، له أن يدرك تماماً حقيقة ما يجري على الأرض وسبب استهداف التركمان كل هذا والعمل على صهرهم. لمن يتمعن في التاريخ يسهل عليه تفسير الوضع الرمادي الذي عاشه التركمان في العراق.
وبما أن الأحداث التاريخية نافذة المفعول لغاية يومنا هذا وليس هناك تغيير ما، فمن الممكن القول أن التركمان سيكونون في نفس المعترك السياسي السابق وسيكون هنالك غبن جديد يطول التركمان ويجعلهم بين المد والجزر من جديد.
لا شك لنا بأن من يمثلون التركمان سوف يبذلون قصارى جهدهم في سبيل احقاق الحق التركماني وايصال صوته، لكننا لسنا على ثقة بأن الطرف الآخر سينزل عند الرغبة التركمانية. لست متفائلاً ومن المتوقع أن يعاني التركمان التهميش وهضم الحقوق من جديد في ممارسة قسرية غير منصفة ومناهضة لكل الأعراف الديمقراطية.