22 ديسمبر، 2024 11:34 م

هل سيتم محو العراق فعلا؟!

هل سيتم محو العراق فعلا؟!

قد يتفق معي الكثيرين بأنه وعلى ضوء ما جرى ويجري بالعراق من أحداث كبيرة وكثيرة ومتعددة وخطيرة وعلى كافة الأصعدة من بعد الأحتلال الأمريكي والبريطاني الغاشم للعراق عام 2003 ولحد الان وفي ظل التدخلات الكثيرة بالشأن العراقي ليس من قبل أمريكا فحسب بل من كل الدول المجاورة والمحيطة به ، صار من الصعب معرفة مصير العراق وماذا سيحل به وكيف سينتهي؟! ، بعد أن وصل التدخل الخارجي حتى في أجراء الأنتخابات! والتلاعب بنتائجها ، وتجييرها لصالح هذا الحزب وذاك الأئتلاف ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد من قبل هذه الأطراف الخارجية التي تتحكم بالمشهد العراقي بل وصل الأمر الى التدخل في أختيار رئيس الحكومة! ، وبالتالي في تشكيل حكومته وأختيار الوزراء ووكلائهم وحتى أختيار الموظف من بدرجة مدير عام! 0 أن مستقبل العراق ومصيره يزداد غموضا وضبابية أكثر ، بسبب صراع الأطراف الخارجية المتدخلة بالشأن العراقي الدولية والأقليمية منها وباقي دول المنطقة فيما بينها أضافة الى صراع الأحزاب والتيارات السياسية في الداخل، فكل يريد العراق على شاكلته ومرامه ويسحبه الى جهته ومعسكره ومحيطه! ، في ظل واضح ومؤلم لغياب الأرادة الوطنية العراقية للطبقة السياسية الحاكمة! ، ومن الطبيعي أن هذه الحالة أضفت على العراق المزيد من الضعف والتمزق وعدم الأستقرار والأنفلات الأمني! وبالتالي أزدادت مشاكله وأزماته 0 فلم يعد خافيا على أحد والعالم كله يعرف ذلك بأن أحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا جاء بطريقة عنجهية ومتغطرسة وبلا أية وجه حق ، والأحتلال لم يكن حدثا عاديا ، بل كان أشبه بزلزال ضرب المنطقة كلها وقلبها راسا على عقب! ، لذا قرأنا وسمعنا وشاهدنا تصريحات وندوات ومحاظرات كثيرة من قبل كتاب ومحللين ومن مراكز دراسات وأبحاث أمريكية وبريطانية وغربية كلها تتحدث عن العراق وعن مستقبله ومصيره في ظل هذا التكالب الدولي والأقليمي عليه ، كما وظهرت الكثير من الكتب وكتبت الكثير من المقالات كلها تتحدث عن سيناريوهات متعددة عما سيكون عليه العراق! ، فمرة يقولون بأن العراق سيقسم الى 3 أقاليم (سنية ، شيعية ، كردية) ، ومرة يقولون بأنه سيقسم الى 5 أقاليم وأكثر على أسس عرقية وأثنية ومذهبية ليتقاتلوا بينهم ، المهم أن تقسيم العراق هو الأساس في كل ماتم طرحه! ، ويبدوا أن هذا الأمر متفق عليه تماما من قبل الجميع رغم الأختلافات الكثيرة فيما بينهم! ، وهناك تقارير تتحدث عن أبقاء العراق بهذا الحال ضعيفا فاقد الأهلية! وفاقدا لهويته الوطنية ( فقط يتم تصدير نفطه ، وواردات تصدير النفط تكون بيد وأشراف أمريكا وهي التي تتحكم بها!) 0 ومهما أختلفت السيناريوهات والتوقعات وكثرة وتعددت ، ألا أنها بالنهاية لا توحي بأعادة نهوض العراق وأزدهاره مجددا ، فهذا هو المستحيل بعينه ، فلا نهوض للعراق من جديد!0 ونأتي الآن الى عنوان مقالنا والذي هو عنوان لكتاب صدر عام 2013، يتحدث عن العراق وعن مستقبل العراق ومصيره وعنوان الكتاب هو (محو العراق ، الثمن الأنساني للمذبحة) كتب عام 2013 ومن تأليف 3 من الكتاب الأمريكان! ( مايكل أترومان ، ريتشارد هيل ، بول ويلسون ) ، مضمون الكتاب وجوهره يقوم على مفهوم (( أقتلاع العراق وزرع بديل آخر عنه ، حيث لم يعاد بناء العراق كما كان قبل حرب 2003 ، بل سيمحى ويختفي وستظهر مكانه صالة عرض للأقتصاد))!0 وللأمانة أقول بأنه لم تسعفني الظروف أن أقرأ الكتاب حيث لم أجده في الأسواق حينما بحثت عنه ، ولكن قرأت عنه أكثر من ملخص وصارت لدي فكرة طيبة عن مضمون الكتب0 وحقيقة وجدت أن هذا الكتاب هو الأقرب والأكثر واقعية ووضوح لبيان ما سيكون عليه مصير العراق! ، وقد أستنتجت ذلك من خلال ما جرى بالعراق من عام 2003 ولحد الآن! ، فما تعرض له العراق وما جرى ويجري عليه لحد الان منذ الأحتلال الأمريكي والبريطاني الغاشم هو أبادة مجتمعية لمجتمع كامل ، حجر وبشر، وزع وضرع! ، ولا زال الأمر يسير ضمن المخطط الجهنمي لتدمير الوطن وتفتيته وأقتلاعه من جذوره ثم بالتالي محوه! ، فقد نهبت ثرواته وكنوزه الأثرية ومخطوطاته التاريخية المهمة والثمينة ، وأرشيفه الوطني والتاريخي الذي يعود الى 7000 ألاف سنة ودمرت مكتباته وسرقت متاحفه بكل ما فيها من كنوز وأثار ، كما تم تدمير وحرق كل شيء يتحدث عن تاريخ هذا البلد الموغل في التاريخ وما حدث أثناء أحتلال الموصل من تدمير مقصود وواضح لتاريخ هذه المحافظة وما تحويه من كنوز تاريخية وأثارية كان خير دليل وشاهد بأن الأمر هو محاولة واضحة لمحو وألغاء تاريخ لبلد أسمه العراق!0 ناهيك عن الأبادة البشرية للمجتمع! ، من خلال أشعال الحروب والأقتتال الداخلي المذهبي والقومي والعرقي والأثني بين العراقيين ، ونشر الأوبئة والأمراض المزمنة والخطيرة وخاصة مرض السرطان الذي يحصد أرواح العراقيين بالجملة وخاصة سكان جنوب ووسط العراق ، يرافق كل ذلك سياسة تجويع واضحة للشعب وأنهاك أقتصاده والتشجيع على السرقة والفساد بأكثر من طريقة وطريقة وأضعاف القضاء وأستبداله بقانون العشيرة! ، وجعل البلد يعيش بأستمرار بحالة من الأضطراب وعدم الأستقرار السياسي والأقتصادي ، والقصص والحوادث عن ذلك كثيرة وعديدة وكل يوم نحن في حدث ومصيبة وأزمة ومشكلة! ، والأخطر والأهم في كل ذلك هو قتل العراق وخنقه مائيا بتجفيف أنهاره وكل موارده المائية ومحاصرته من كل جانب ، حيث تعاونت كل الدول المجاورة والمحيطة بالعراق مع أمريكا من أجل تدمير العراق وتحجيمه وأنهاكه ، فأعداء الداخل تعاونوا مع أعداء الخارج لتنفيذ مخطط أنهاء العراق ومحوه! ، وحتى تكتمل صورة الألغاء والمحو لابد من قتل الوعي لدى المواطن وذلك من خلال تجهيل المجتمع ونشر الخرافات والأباطيل الدينية ، وقتل التعليم بكل مراحله ، فلا تعليم ولا مدارس ولا مناهج ، وبالتالي ضياع هيبة العلم والمعرفة ، وذلك بوضع الشخص الغير المناسب بالمكان غير المناسب ، والعمل على نشر الفوضى وتشجيع الفساد وعدم محاسبة الفاسدين والسراق في كل مرفق من مرافق الدولة ووزاراتها ومؤوسساتها العسكرية والمدنية! وغيرها الكثير من هذه الأمور حتى بات المواطن يشعر وكأنه يعيش في غابة لا مكان فيها للأنسان الضعيف والطيب والمستقيم! 0فعلى سبيل المثال لم يشهد العراق ومنذ 2003 ولحد الآن أية عملية أكساء وتبليط لشوارع العاصمة بغداد! ( أخذت تبليط وأكساء الشوارع مثلا لانها أسهل وأبسط مايكون وليس فيها محاصصة بين الأحزاب؟! فلم أطالب بفتح مصنع او معمل؟ على سبيل المثال) ، فما بالك ببقية المحافظات وتحديدا محافظات الوسط والجنوب التي تغلي كالبركان!؟ بسبب ما آلت أليه اوضاعها من حرمان وجوع وفقر وبطالة وانتشار الأمراض والمخدرات! ، بالوقت التي تطفوا هذه المحافظات على بحار من الثروات النفطية والمعدنية! ، فترى العراق يسير فعلا نحو الألغاء والمحو من خارطة العالم! ، أما ما يمتلكه العراق من ثروة نفطية ومعدنية وغازية كبيرة فقد أصبحت تحت سيطرة الشركات العالمية الكبرى ، الأمريكية والبريطانية والفرنسية والصينية ( وحتى لا ننسى ولابد من التذكير، بأن الأمريكان عندما غزو العراق أباحوا للناس نهب وسرقة وحرق كل شيء، وزارات الدولة ودوائرها ومؤوسساتها ومنشأتها ومتاحفها ، (فقط طوقوا وزارة النفط ومنعوا الأقتراب منها وكذلك وزارة الداخلية لأهمية ما تحتويه من ملفات!) 0ومن المفيد هنا الأشارة بأن أسرائيل ساهمت وتساهم وبشكل فاعل في سيناريوا محو العراق هذا ولكن من خلف الستار! ، فأسرائيل لاعب مهم ومؤثر ومباشر في صورة المشهد العراقي منذ الأحتلال ولحد الآن ولكنها لا تظهر بالصورة!؟ ، فهي المستفيد الأول والأخير من أحتلال العراق ، فالسيطرة على العراق وألغاء وجود وطن وأرض كان أسمه العراق مسألة تدخل ضمن الحلم اليهودي لأقامة دولة أسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات! 0 ولربما يسأل سائل كيف سيتم الألغاء ومحو العراق؟ ، الجواب: كما تم محو الأتحاد السوفيتي السابق!، فهل توجد بخارطىة العالم اليوم دولة أسمها الأتحاد السوفيتي؟ الجواب كلا فقد تم محوه وتفكيك جمهورياته ، كل جمهورية أصبحت دولة، وكذلك المثال نفسه عن يوغسلافيا ، فهل هناك في خارطة العالم دولة أسمها يوغسلافيا ؟ الجواب كلا ، حيث تم محوها وتفكيكها الى 6 دول! 0 وعلى ضوء هذا الأمر لا أستبعد أن تكون نهاية العراق هكذا؟! ، وذلك بتفكيك محافظاته الشمالية والوسطى والجنوبية ، أو تقسيمه الى الى أكثر من دولة وأقليم ، وهكذا يتم محو العراق! ، لا سيما أنه لم يكن هناك عراق قبل قرن من الزمان! ، بل كان 3 ولايات ( بغداد ، الموصل ، البصرة) 0 أن مخطط محو العراق يسير وبنجاح! ووفق ما مخطط له بسبب وجود طبقة سياسية وأحزاب فاسدة ، وهذا لم يعد خافيا ، وكذلك وجود شعب سلبي مفكك مقسم لا تجمعه أية جامعة ! ، تعرض الى أبادة فكرية وعقلية وأجتماعية مدمرة لا سيما وأنه مصاب أصلا بالأحباط واليأس منذ عقود وعقود من الزمن ، بسبب ما مر به من حروب وحصار وضيم وويلات فأستسلم للأمر الواقع فصار يبحث عن الخلاص مما هو فيه وبأية صورة وشكل فلم يعد يهمه أي شيء ، بعد أن أوصلته الطبقة السياسية وأحزابها الحاكمة الى حالة من الكفر والألحاد! ، وخاصة بعد أجهاض أنتفاضة تشرين وتحويلها الى مجرد ذكرى مؤلمة ! هذه الأنتفاضة التي كانت تمثل للشعب بصيص الأمل في أسترجاع الوطن المسلوب ، ولله الأمر من قبل ومن بعد0