الحقد اوالعنف والتمييز والإجتثاث والأخذ بالثأر…. تصرفات شخصية لازمت الأنسان منذ بدء الخليقة , وهو صورة من صور الفشل الذي يصيب من ليس له القدرة على فهم واقناع الأخر , واسبابه كثيرة كثيرة جوهرها اخفاق في المعرفة و سوء في التقدير مع تدني في الثقافة الإنسانية العامة وفساد في الخلق العام , وهذا بالطبع يساهم في تكوين انسان مهزوز يحمل ثقافة فاشلة تنعكس تلقائيا من خلال تصرفاته على المجتمع لتشكل لاحقا سلوكا عاما { يسرطن } مفاصل المجتمع ! والحقد والثأر والكراهية وتوابعها هذه كما نسمعها و نقرأها و نشاهدها باتت تشكل ظاهرة خطرة في اسلوب العلاقة بين القوى التي قدمت الى العراق بحجة تحرير شعب العراق من الدكتاتورية مضافا اهدافا سامية أخرى بشرت بها وهي القضاء على كل اشكال التمييز الطائفي والقومي والديني والفئوي ! واكيد بات العراقيون اليوم مفتحين باللبن ويعلمون كل شئ عن انتماءات جميع هؤلاء فاما هي انتماءات دينية مذهبية او انتماءات قومية وهناك القليل منهم انتماءاتهم وطنية عراقية , والمصيبة ان غالبيتهم مغلفون و مزورون و غير صادقون ..
وان إنفردنا بالمجموعة التي عينت في البداية لتحكم العراق واستفسرنا منهم عن مدى فهمهم والتزامهم بالموازنة المطلوبة بين حبهم و دفاعهم عن عراقيتهم انتمائهم الوطني ! وبين حبهم و دفاعهم وولائهم لأحزابهم بكل مسمياتها وتوجهاتها!! فاننا نستطيع تحديد الأسباب التي ادت الى تفشي الفساد والعنف و الثأر الذي نراه اليوم في العراق والذي وصل مداه المخيف وهو اباحة قتل العراقي لأخيه العراقي في سبيل تحقيق مصالحهم الحزبية والفئوية .
على الشرفاء القادمين الجدد جميعا البحث في كيفية اعادة الثقة لأبناء العراق ليعيدوا ترتيب امرهم خاصة اذا ما علمنا ان الإنتخابات على الأبواب وان الأغلبية الحاكمة في العراق مسلمون و يبشرون باسلامهم الحنيف ليل نهار عبر الفضائيات او عبر وسائل الأعلام الأخرى فمن المفروض ان نرى هذا الإسلام الحنيف في النجف و مدينة الصدر و الفلوجة و الرمادي و بغداد و تلعفر و دهوك والسليمانية والطيفية و البصرة وطوزخورماتو وديالى…. بل و في كل ارض العراق , اوليس الإسلام محبة البشر اوليس الأسلام تعاون و تسامح و بناء علاقات يسودها التفاهم و التصالح اليس الإسلام مودة و رحمة , اليس الإسلام { إن اكرمكم عند الله اتقاكم } ام ان شكل الإسلام تغير الى الحد الذي يجعل البعض من البشر ان يتخيله شيطاناً ارهابياً وباسمه يلغى الآخر او يهجر ! ثم هل يقبل القادمون الجدد المسلمون الشرفاء ان تهدم المدن باسم الإسلام كما نراه اليوم في ديالى وطوزخورماتو وتلعفر وكركوك والفلوجة و النجف و الكاظمية والبصرة الفيحاء وغيرها من مدن العراق , وهل سيقبل القائمون الجدد هذا التوصيف للإسلام , ان العراق المتعدد الأديان و القوميات يفرض على القادمون الجدد ان يكون نشاطهم وهدفهم وهمهم الوحيد هو سعادة وأمن شعبهم واديانهم وقومياتهم المتعددة دون تمييز او اجتثاث , ولا يخفى ايضا ان غالبية هؤلاء القادمون الجدد { مسلمون } هكذا شاء القدر ان يولدوا مسلمين و رضعوا الحليب من ثدي امهاتهم نقياً و خاليا من مكروب الطائفية او العنصرية , ثم ترعرعوا في ربوع عشائرهم وقومهم وتتلمذوا على حب البشر غير متناسين يحبوا من جاورهم في العيش على ارض العراق من غير المسلمين , عليهم تخيل شاب عاطل عن العمل او امرأة ارملة او مشهد طفل مقتول او جثة مغدورة مرمية على الطريق او منظر دار وقد هوى سقفها على رؤوس ساكنيها الآمنين من هول الأمطار , غير متناسين ايضا عن صورة ماذا حدث في 2003 حين انهالت الطائرات بالقنابل على مدن ومساكن الآمنين العراقيين , وغير متناسين ايضا ما جرى لكنائسنا وجوامعنا ومساجدنا ودور العبادة الأخرى , هل فهم احدهم معنى انتهاك الجندي الأجنبي حرمة بيوتنا ماذا تعني ؟
عشر سنوات والعنف والفساد يضرب وطننا وشعبنا دون ان نرى واحدا شهما يقف وينتفض ليعلن انهاء هذا الوضع الفاسد القائم والخراب المستمر ! اهكذا تبنى الأمم يا سادة يا كرام , حاولوا اعادة مجد نحن اشرف امة اخرجت للناس حيث لا يمكن ان نكون خير امة ونحن ابتلينا بالعنف وبالفساد وبانتهاك حقوق الناس , تذكروا ايها السادة القادمون الجدد ان الحقد او العنف او الفساد بكل اشكاله اذا ما شجع فانه سيؤدي الى تراجع بلدنا الى مستويات اكثر متدنية من وضعها المزري الحالي , عليكم بالتصدي لكل من يعتبر ان العنف او الإجتثاث او التمييز هو شكل من اشكال الدفاع عن الدين اوالوجود ان مثل هكذا تصرفات مرفوضة دينيا وعقليا ومنطقيا ، وهي مقامرة بحد ذاتها خاصة اذا اعتمدت سلوكاً للتفاخر به امام اأخرين على انه الوحيد الجبار القادر على اخذ حقوقه دون الحاجة للجوء الى القانون .
ختاما وبعد عشر سنوات اقول ان الفساد والكراهية والعنف اصبحت ثقافة مترسخة في اذهان البعض ومن واجب القادمون الجدد استئصالها بدأنا بانفسهم ليكونوا نوذجا مقنعا للعراقيين والإعتراف والتأكيد على ان ثقافة الحقد و العنف والتمييز والإجتثاث لا تنفع بل هي التي أخرت تقدم ورفاهية شعبنا ولأنها تعيق تطورنا للحاق بالبشرية الصاعدة نحو الرفاهية . وهل سيبقى شعبنا العراقي هو الضحية في هذا العالم الشرس , أم سنرى قادمون جدد اصحاء !!