23 ديسمبر، 2024 1:48 ص

هل ستنصاع أمريكا لقرار مجلس النواب بإنهاء الوجود الأجنبي من العراق ؟

هل ستنصاع أمريكا لقرار مجلس النواب بإنهاء الوجود الأجنبي من العراق ؟

رغم ان للوجود الأجنبي في العراق له أسبابه، وجاء بفترة دخل فيها البلد في مخاض عسير وضغوط، تمثلت بإستهدافات غير شريفة من جيرانه ومن قبل الولايات المتحدة الامريكية نفسها التي خلقت داعش وروجت له وزرعته في عدد من الدول المناهضة لوجدها، الا ان هذا المخاض كله كان يمثل رسالة واحدة، تعبر عن لسان حال الولايات المتحدة، وطبيعة لإدارة العالم من قبل القطب الأوحد.

لا اريد ان ادخل هنا في متاهات المشاعر، التي تحتم على كل شريف بان يرفض أي وجود او تدخل اجنبي في بلاده، وبخلافه فهو خائن لشعبه وارضه وسماءه، لكن بنفس الوقت ان الحديث عن المشاعر وإعلان المواقف غير مجدي في ظل الظروف الحالية التي يعيشها البلد.

فالمنطقة تعيش في حالة حروب النفوذ للقوى العظمى في مقدمتها أمريكا، وفرض الارادات وابتزاز الشعوب المستضعفة وشراء لذمم حكامها، حتى سادت لغة القتل وأصبحت الدماء كالأنهار، كل هذا من اجل شعار امريكي واحد، وهو : ان الشرق الأوسط لابد له ان يكون تحت السيطرة الامريكية، مع الإشارة الى ان أي دول في المنطقة لا تملك من القوة للوقوف بوجه أمريكا ومخططاتها وسياستها، والعراقيون اكثر من غيرهم يعرفون مستوى النذالة والدناءة الامريكية ومستوى مخططاتها الإرهابية.

مجلس النواب يوم امس (بشقه الشيعي)، صوت على اخراج كافة القوات الأجنبية من العراق، وبالتأكيد انه قرار مهم جدا يعبر عن ان العراقيون ذاقوا ذرعا من الوجود الأجنبي وخاصة الأمريكي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل العراق قادر على اخراج القوات الامريكية من العراق؟ تعالو معنا لنعرف هذا الامر من خلال تصريح وزير خارجية أمريكا مايك بومبيو الذي تحدث بكل اريحية، بان “واشنطن مقتنعة بأن شعب العراق يريد بقاء قوات الولايات المتحدة في أراضيه، بغض النظر عن اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بغارة أمريكية في بغداد”.

وامتنع بومبيو عن الرد على سؤال عما إذا كانت واشنطن ستفعله، إذا طالبها العراق كدولة ذات سيادة بسحب قواتها من أراضيه، قائلا: “على الشعب الأمريكي أن يعرف أننا سنتخذ قرارا صائبا، وسنقوم بخطوات رفضت الإدارة السابقة اتخاذها”.

وأضاف، إن “رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي الذي طلب من مجلس النواب وضع جدول زمني لإخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد، هو مجرد “رئيس وزراء مستقيل” وهو القائم بأعمال رئيس الحكومة ويواجه تهديدات هائلة من قبل قيادة إيران”.

اما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهو لا يعرف أي سبيل للدبلوماسية في تصريحاته، وكالعادة كانت تصريحاته مباشرة، وبدأ بالتهديد بفرض عقوبات على العراق في حالة طرد القوات الأمريكية من البلاد، وقال “إذا طلبوا منا المغادرة، إذا لم نفعل ذلك بطريقة ودية للغاية، سوف نفرض عليهم عقوبات، لم يسبق لها مثيل من قبل، مضيفًا ستجعل العقوبات الإيرانية تبدو هينة بعض الشيء، وأن تكاليف الحفاظ على وجود القوات الأمريكية في البلاد على مدى السنوات العديدة الماضية يجب أن يسددها العراق إذا اختارت البلاد إلغاء الاتفاقية التي تسمح لهم بالبقاء، مشيرا الى ان “لدى أمريكا قاعدة جوية باهظة التكلفة للغاية لقد كلف بنائها مليارات الدولارات، قبل وقت طويل من وصولي للرئاسة .. نحن لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا مقابل ذلك”.

اذن الأمور لا تحتاج الى رأي جهابذة التحليل السياسي، ليحللوا موقف أمريكا من هذا التصويت، فهي قللت من أهمية هذا القرار، بل قللت من أهمية رئيس وزراء العراق، ووصفته بالمستقيل، في إشارة الى عدم شرعية القرار، فضلا عن تهديدات ترامب التي لو نفذها فانها (ستدوخ) العراق ولا تعطيه مجالا للتفكير او التقاط أنفاسه.

الا ان الذي يهمنا هنا، هي النظرة السياسية لما سيحدث بعد هذا القرار، وما إمكانية تطبيقه من قبل أمريكا، ومدى قدرة العراق على إخراجها من العراق.

أقول : ان الذين صوتوا والذين لم يصوتوا على القرار، يعلمون جيدا بهذه النتائج، ويعلمون بان أمريكا لا يمكن لها ان تخرج من العراق، ولا يمكن ان تدعه يعيش بسلام بعيدا عن نفوذها وسطوتها وظلمها، ويعلمون ان تصويتهم على القرار ليس من اجل تنفيذه، انما من اجل الوقوف بموقف “وطني” امام الشعب العراقي .. فقط لا غير

وعليه .. أتوقع بان هذا القرار سيبقى حبر على ورق، وستكون الأيام المقبلة كفيلة بنسيانه، في ادراج رئاسة الوزراء.