23 ديسمبر، 2024 6:31 م

هل ستغيّر اميركا استراتيجيتها بعد تغير قواعد اللعبة في العراق

هل ستغيّر اميركا استراتيجيتها بعد تغير قواعد اللعبة في العراق

لم تكن الاستراتيجية الاميركية الجديدة المزعومة لمكافحة الارهاب الا استراتيجية قديمة ولكن بعناوين وشعارات جديدة، و بعبارة اخرى هي استخدام ادوات ووسائل جديدة لتحقيق اهداف وغايات اميركية قديمة.
استراتيجية لبست لباس الدواعش ورفعت شعارات التكفير والتدمير، وصاحبتها صور القتل والتفجير، من اجل احداث تغيير في موازين القوى المستجد وتعديل مسار التوازنات الدولية والمصالح العالمية.

كان الهدف التكتيكي من اطلاق العنان لوحش داعش ليعيث خرابا وفسادا في العراق وينشر الرعب والخوف في ارجاءه، هو احداث خلط للأوراق الاقليمية والدولية يوفر لواشنطن فرصة استراتيجية كبيرة لفرض الامر الواقع بمقاسات مصالحها السياسية والاقتصادية.

العراق بدأ يتفلت من الزاوية التي اراد الاميركي ان يحشره فيها والتي كان الهدف منها هو عودة النفوذ الاميركي العسكري والمخابراتي تحت غطاء عراقي حكومي ساهموا بقوة في خلقه، وإلا فحرب الاستنزاف الطويلة هي قدر العراقيين بحسب قارئ الكف الاميركي. هذا التفلت بدا واضحا بعد معركة جرف الصخر التي سيكون لها ارتدادات كبيرة، اولها انها اكدت بعد نصر آمرلي حسم المعركة لصالح الشعب العراقي ومكونات محور الممانعة، واثبتت حجم الامكانات والقوة التي تمتلكها المنظومة العراقية العسكرية الجديدة وقدرتها على الحسم، فضلا عن توفر الرؤية الثاقبة والخطة المحكمة والقيادة المركزية والأفق العسكري الذي يقرأ مسار المواجهات العسكرية بحكمة وحرفية عالية، فبعد مرحلة صد الاندفاعة الداعشية واحتواء هجمتها البربرية باشرت هذه المنظومة بمرحلة الدفاع الحيوي الذي حدد مسار حركة العصابات الداعشية لتنتقل مع معركة آمرلي، وبعدها بقوة في معركة جرف الصخر الى مرحلة الهجوم الاستراتيجي الذي يقوم على محاصرة المدن المدنسة داعشيا ويضع الخطط الكفيلة بتطهيرها باقل الخسائر واقصر الاوقات كما حدث في المعركتين المذكورتين، وخصوصا معركة جرف الصخر التي تعد نقطة تحول مفصلية لا في معركة العراق فقط بل في معركة المنطقة التي تلتهب ساحاتها، فقد كانت اهم رسائل جرف النصر العراقية هي تحديد حجم ومدى التدخل العسكري والمخابراتي الاميركي في العراق والمنطقة.

اميركا ستجد نفسها مضطرة ــ بعد تغيّر قواعد اللعبة في معارك العراق بغير صالح مرتزقتها الجدد ــ الى تغيير استراتيجيتها المدعاة لمكافحة الارهاب اذ كان الهدف التكتيكي الثاني بعد فتح الباب العراقي للدواعش وقضم محافظات ومدن كبيرة منه هو التظاهر بمكافحته من اجل توظيفه للسيطرة على مسار المواجهات العسكرية والتحكم بها عبر غطائها الجوي بما يوفر لها اسباب الحضور البري المباشر.

فهل ستعمد اميركا الى احداث ارباك ميداني جديد يخلق لها توازنات على الارض بعد ان اثبت العراقيون انهم المضاد الحيوي الفعال الخالي من المضاعفات الثانوية ضد فايروس داعش المصنع في المختبرات السرية  للمخابرات الاميركية.