10 أبريل، 2024 2:54 م
Search
Close this search box.

هل ستغير البصرة مجرى تاريخ العراق كما هي عادتها؟

Facebook
Twitter
LinkedIn
البصرة لاتصنع خبز العراق فحسب بل تصنع تاريخه، فمن البصرة دخل الانكليز لطرد العثمانيين واحتلال العراق 1914- 1932، ومن البصرة انطلقت شرارة انتفاضة آذار عام 1991 ( يسميها الاسلامويون الانتفاضة الشعبانية) ضد النظام المهزوم فساهمت بسقوطه ولو بعد حين, ومن البصرة دخل الجيش الامريكي لاسقاط نظام صدام حسين عام 2003, ومن البصرة بدأت اول انتفاضة ضد فساد الحكومات “الديمقراطية” الجديدة وفشلها في توفير الحد الادنى من الخدمات الأساسية وأهمها الماء والكهرباء في صيف 2010، ومن البصرة- قضاء المدينة انطلقت التظاهرات في السابع من تموز الحالي ضد فساد وفشل الحكومات “الديمقراطية” المتلاحقة لتمتد شرارتها الى كل محافظات الجنوب صعودا الى بغداد.

كيف لاينتفض البصريون وهم ابناء الارض التي تعادل ذرات ترابها ذهبا يحمله ابنائها على ظهورهم ليقدموه الى ابناء الطبقة السياسية -الغافين مع جواريهم وغلمانهم في قصور من سبقهم على ضفاف دجلة والفرات- مثلهم بهذا كمثل الابل التي تحمل ذهبا وتأكل عاقولا. فشلت الحكومات “الديمقراطية” المتلاحقة في تحلية مياه الانهار كي تصلح للشرب في البصرة وحكومات جيراننا دول دول الخليج نجحت في تحلية مياه البحار منذ عشرات السنيين.

في كل مرة ينتفض البصريون توجه اجهزة أمن الحكومات الديمقراطية ، مدعومة بميليشيات العامري والخزعلي وابو مهدي وهلم جرى من سقط المتاع، اسلحتها الى صدور ابناء البصرة العارية فترديهم قتلى وفي نفس الليلة تعرض قناة العراقية المدفوعة رواتب موظفيها من خير البصرة تعرض افلاما عن جرائم البعث في رسالة مغزاها ان ميليشيات المأبونين الاسلامويين اكثر رحمة عليكم من البعثيين.

منذ ان تسلم حزب الدعوة ( العميل كما كان يتهمه البعثيون وكانوا صادقين) الحكم بالعراق وماكنته الاعلامية وجيشه الالكتروني -هو الآخر مدفوعة رواتبه من خير البصرة- تصدع رؤوسنا بجرائم البعث وخطط ومؤامرات البعثيين للعودة الى الحكم حتى بدأ تأثيرها ينحو منحى معاكسا ولا استبعد اذا مااستمر فساد حزب الدعوة وطغيانه واستهتاره بارواحنا ومقدراتنا اين يقف ابناء الجنوب مع البعثيين لاحبا فيهم ولكن نكاية بحزب الدعوة.

قد يقول قائل ماهذا التحامل على حزب الدعوة والكل مشارك في الحكم، ولهؤلاء اقول ان كل حكومات مابعد 2003 قادها حزب الدعوة باستثناء عشرة اشهر قاد الحكومة فيها أياد علاوي (28 حزيران 2004 إلى 6 نيسان (2005– لم يكن بافضل حالا من اقرانه ” الدعوجية” – ففساد من شاركهم في الحكم جاء بمباركتهم ان لم يكن بمبادرة منهم لاسكات المعارضين او لشراء اصواتهم والا لاستقالوا حينما رأوا الفساد يستشري وعجزوا عن لجمه. لا بل على العكس فقد دأبوا على حفظ ملفات الفساد في ادراج مكاتبهم وهددوا بفضحها لابتزاز شركائهم في العملية السياسية.

كان حيدر العبادي رئيس الجنة المالية في مجلس النواب عندما كان كارتيل فساد العالم نوري كامل المالكي رئيسا للوزراء فأمام اعينه سرق قادة حزبه مئات الملايين من المال العام- عبد الفلاح السوداني سلمته الانتربول الى العبادي منذ عام ولم نعرف عنه شيئا من يدري لعله اعيد الى لندن معززرا مكرما- ورغم ان مكافحة الفساد كانت ولازالت اهم اسبقيات حكومة العبادي – كما يدعي- لكن يشاع انه وقع تعهدا بحماية سراق المال العام من حزبه والا ماهو تفسير طمطمة فضيحة السوداني وعدم ذكر –وليس محاكمة- ولو اسم فاسد واحد من حزب الدعوة. انتقد يوم أمس كارتيل الفساد الأول نوري كامل المالكي انتقد اللجان الاقتصادية للاحزاب وكأنه اكتشف اليوم تأسيس هكذا لجان ولا كأنه من مباركي ان لم يكن من مؤسسي خزائن نهب المال العام ابان حكمه لتقاسم الغنيمه او لكسب اصوات قادة بقية الكتل.

عودة لتظاهرات الجنوب، لقد صار قادتها اكثر حذرا لانهم تعلموا الدرس من سابقيهم من قادة التظاهرات الذين اغتالهم او اختطفهم وكلاء حزب الدعوة من عملاء فيلق القدس الايراني -عصائب اهل الحق او كتائب حزب الله ومن جبل على خيانة اهله- فلم يكشفوا هذه المرة عن انفسهم وهذا مااغاظ ماكنة حزب الدعوة الاعلامية فاطلقت عليهم تسمية “المندسين” في حملة بائسة لتجريدهم من امتداداتهم الشعبية الساندة.

على الاحزاب الاسلامية ان تحذر فالتظاهرات تتسع وقادتها يتعلمون الدرس بسرعة وقد تتحول الى عصيان مدني وان تم تفريقه بالقوة فلااستبعد ان يكون القادم حركات معارضة مسلحة سرية ونعود جميعا لحمل السلاح ضد حزب الدعوة وفيلق القدس مثلما حملناه وقاتلنا ضد نظام صدام حسين فصبر العراقيين محدود واستهتار الاحزاب الاسلاموية الشيعية – وعلى راسها حزب الدعوة – بارواح الشعب ومقدرات الدولة يقترب من حدود الصبر، فلاتختبروا صبر العراقيين وتجنبوا مشاهد السحل بالشوارع.

السيد حيدر العبادي: لاتخدر الناس بحلول ترقيعية فسوف لن تجدي نفعا ولن ترضي المتظاهرين بل لاحل الا باعلان حالة الطواريء وتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة وتجريد الحكومة المركزية من سلطاتها و تحويلها الى السلطات المحلية ،مع الابقاء على دور الاشراف والمراقبة على اداء المحافظات، وتوزيع ريع صادرات النفط والغاز على المحافظات وحسب نسب سكانها والغاء اللجان الاقتصادية في الاحزاب وتفعيل دور القضاء ودعم وتنشيط الادعاء العام واجراء محاكمات علنية للفاسدين وعلى راسهم وزراء وقادة حزب الدعوة المتهمين بالفساد لامتصاص غضب الشارع والغاء منافع السياسيين بضمنهم اعضاء البرلمان وتقليص حجم الحكومة من خلال دمج او الغاء بعض وزاراتها وتقليص عدد اعضاء البرلمان الى النصف واجبار الاحزاب عن الكشف عن مصادر تمويلها ومنعها من الوصول الى المال العام واجبارها على اخلاء المباني الحكومية التي تحتلها واعادة الاحترام للدستور. ان لم تتحقق هذه الاهداف فلعل التظاهرات ماضية ومن يدري فلعلنا سنقول بعد سنوات ان نهاية حكم الاسلام السياسي إبتدأت من البصرة.

 

نعيم مرواني

النجف الاشرف

21 تموز 2018

  

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب