23 ديسمبر، 2024 12:39 م

هل ستغير الانتخابات البرلمانية القادمة من الوضع السياسي في العراق

هل ستغير الانتخابات البرلمانية القادمة من الوضع السياسي في العراق

خاض العراق منذ الأحتلال ولغاية الآن ٣ جولات إنتخابيه وخلال الدورات الثلاث كان التغيير في المجلس النيابي لايتعدى نسبة ٤٠٪‏ أي ان ٦٠ ٪‏ من البرلمانيين حافظوا على مقاعدهم البرلمانية خلال الدورات البرلمانية الثلاث .
رأي الولايات المتحدة والغرب بالانتخابات
قد يعول البعض على ان الولايات المتحده وكمسؤولية اعتبارية هي العامل المتحكم الأقوى في إمكانية تغيير الخارطة السياسية ويمكنها فرض حكومة او فرض نظام حكم جديد يخرج العراق من مأزقه كونها هي المسؤول الأول عن عملية التغيير القسري لنظام الحكم في العراق وهذا الرأي يحمل الكثير من المغالطات فالولايات المتحده تعتبر مهمتها في العراق قد أنجزت ولن تتدخل في اختيارات الشعب العراقي وهي ستقوم بدعم الحكومة العراقية كيفما تكون والسبب هو ان اهداف الولايات المتحده في غزو العراق قد تحققت ولعلكم تذكرون التصريح المباشر للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش حينما قال ان المهمه أنجزت وانه قد أمن الاقتصاد الأمريكي للأجيال القادمه وهو قيمة العقد المبرم بين العملاء الذين نصبهم حكاماً على العراق وبين الأدارة الأمريكيه فقد كان ثمن التغيير وتسليم الحكم الى هؤلاء سيطرة الولايات المتحده على ثاني أكبر إحتياطي نفطي في العالم وهي قادرة على ذلك بغض النظر عن نوع وشكل الحكومة في العراق ولذلك لا يمكن للعراق مطلقاً التقرب من إحتياطه النفطي في مكامنه المخزونه لأنه ثمن للغزو وتنصيب العملاء للحكم . الأمر الثاني والذي لمسناه من خلال الكثير من النقاشات مع السياسيين في الغرب وحتى مع البرلمان الأوربي ان اركان الديمقراطية في العراق قد تحققت بوجود مثلث الديمقراطيه وهو قانون انتخابات ومفوضية مستقله وعملية انتخابية تجري في ظل دستور ومهما حاولت التشكيك بأي من تلك الأركان لا يمكن لصوتك ان يصل فهم يصدقون مراقبيهم ومشرفيهم وكلنا نذكر ان عدد من مراقبي الانتخابات في الدورة السابقة ثبتوا أخطاء حمراء وتجاوزات وتزوير في حين ان المفوضية نالت كتاب شكر من الأمم المتحده وأول المهنئين كانت الولايات المتحده مشيدة بنزاهتها واستقلاليتها وهي نفس المفوضيه التي اقالها البرلمان قبل اشهر لعدم حياديتها وتبعيتها للأحزاب .
يرى الغرب ان الديمقراطية قد لا تؤدي الى حكم رشيد والانتخابات ليست بالضرورة تكون مخرجاتها حكومة وطنية رشيده بل ان الكثير من الدورات الانتخابيه حتى في الغرب قد افضت الى حكومات انتجت أزمات وانتكاسات ومن يملك مفتاح التغيير هو الشعب لذلك حينما تطالب الغرب بالوقوف الى جانب الشعب العراقي وتخليصه من السلطة الفاسدة يأتيك الجواب مباشراً اذهب وأسس قاعدة جماهيرية قادرة على التغيير من خلال صناديق الأقتراع !
بعد هذه المقدمه لنبدأ بتحليل مخرجات انتخاباتنا في العراق ولماذا لن نتمكن من التغيير مطلقاً ! اول مشاكلنا هو الدستور وأول الألغام هو النص الدستوري في المادة ٧٦ الذي ينص على ان الكتلة النيابية الأكبر في مجلس النواب المقبل هي التي تتولى تشكيل الحكومة ! اذن ليست الكتله الفائزه بالأنتخابات هي من تتولى تشكيل الحكومة بل الكتله التي ستتشكل بعد الجلسة الأولى لمجلس النواب وعند احتساب عدد المقاعد النيابية للمحافظات سترى ان الكتله النيابية الأكبر هي الكتلة الشيعيه على طول الخط وتحقق الأغلبية دائماً وقد تحتاج الى عدد صغير من الأصوات بإمكانها الحصول عليه من التحالف مع نواب المكونات الأقلية او مع اقل القوائم السنية عدداً .
الأمر الثاني هو قانون الانتخابات والذي اذا تم تمريره طبقاً لصيغة قانون مجالس المحافظات الذي صوت عليه البرلمان هذا الأسبوع وهو المتوقع طبعاً بإحتساب القاسم الأنتخابي وفق معادلة سانت ليغو المعدله بضرب عدد الأصوات ب ١.٩ ثم باقي المتوالية الفردية فهذا يعني استحالة فوز القوائم المستقلة والكتل الصغيرة والكفاءات المنفرده بل يبقي على حظوظ الكتل الكبيرة فقط .
المفوضيه المستقلة للأنتخابات هي البوابة التي تمكنت الكتل الكبيره وأحزاب السلطة من الولوج الى نتائج الانتخابات والتلاعب بها لصالحها عن طريق افرادها واذرعها داخل المفوضيه وهي بحق ليست مستقله لأنها هيئة مستقله يتم اختيار أعضائها من الكتل والأحزاب في السلطة وفق المحاصصه ويصوت عليهم مجلس النواب أي انها مولوده من رحم الأحزاب والكتل .
الامر الأخير لم تجري أي عملية انتخابية خلال الثلاث تجارب السابقه في ظل استقرار امني فانتخابات ٢٠١٤ مثلاً لم يتم اجراؤها في مدن بأكملها كالفلوجه والكرمه بسبب عدم الاستقرار الأمني فما بالك بانتخابات تجري وثلث سكان كبريات محافظات السنة نازحون ومهجرون .
هذا بالاضافة الى التصويت الخاص للقوات المسلحة والذي يجري في محطات انتخابية خاصة وتصويت الخارج الذي تحتفظ السفارات بالصناديق وترسل الى المفوضيه لاحقاً وتصويت نزلاء السجون والمعتقلات والتي هي ايضاً خارج سيطرة المفوضيه وممكن تزويرها مضافاً اليها خلال الدورة القادمة تصويت الحشد الشعبي .
هذا من ناحية سير عملية الأقتراع نأتي الى قوائم المرشحين
يجب ان نؤمن بحقيقة هي اننا مجتمع منقسم فلن تجد الاكراد ينتخبوا غير الكرد ولن تجد الشيعه ينتخبوا غير الشيعه ولا السنة ينتخبوا غير السنة ولا التركمان غير التركمان ولا الأقليات سينتخبوا غير اقلياتهم اذن بات من الثابت اننا اسرى محاصصه طائفيه واثنية بإمتياز نعود الآن الى القوائم الأنتخابيه طبقاً لعدد المقاعد والتي احتسبت بدون تعداد عام للسكان بل طيقاً لتقديرات غير متطابقه احصائياً فوزارة التجارة لديها رقم ووزارة التخطيط لديها رقم ووزارة الأسكان لديها رقم المهم بذلك هو تصميم المقاعد بحيث يبقى الشيعه فقط من الحصول على الأغلبية فعدد مقاعدهم البرلمانية للمحافظات الجنوبية هو ١٠٤ مقعد اذا ما احتسبنا محافظة ديالى مناصفة بينهم وبين السنة العرب وعدا محافظة بغداد ال ٦٩ مقعد وبما ان الأغلبية النصف زائد واحد هي ١٦٥ مقعد فبامكان الشيعة الحصول على الأغلبية اذا ما حصلوا على ٦١ مقعد فقط وبالامكان تحقيق ذلك بخطف مقاعد من السنة العرب في كل من صلاح الدين والانبار وبغداد وقد تتحالف مع كوتة الأقليات . اما السنة العرب فعدد مقاعدهم ٧٠ مقعد اذا اعتبرنا الموصل ال ٣١ مقعد جميعها الى السنة وذلك مستحيل عملياً فهناك كرد وتركمان شيعه وعدد مقاعد الكرد هو ٥٥ مقعد وبذلك اذا ما تحالف السنة العرب والكرد لن يتمكنوا من تشكيل اغلبية اذن المعالدلة بالنسبة الى الشيعة هي رابح / رابح وبالنسبة للسنة العرب والكرد هي خاسر/ خاسر .
الشيعة العرب لا يهمهم من يحصد المقاعد الأكثر في البرلمان بل يتم تشكيل تحالف برلماني شيعي يفضي الى تشكيل الحكومة والشيعة كجمهور مصادر القرار على الاغلب من قبل المرجعيات والانتماء الجغرافي والقبلي وتعتمد الأحزاب الاسلاموية الشيعية على نسبة المصوتين من النساء اكثر من اعتمادها على أصوات الرجال كونهم اكثر المتأثرين عاطفياً بالمراجع و المقلدين لذلك نرى هذا الاهتمام بالنساء الدعويات والزينبيات قبيل الانتخابات وهذه المعلومةمستقاة من مصادر قيادات الكتل الشيعية . اذن ليعقد السنة الف مؤتمر وليعقد الكرد الف مؤتمر مقاعدهم ثابته والاغلبية محسومة .
بعد كل هذا من سيرشح للانتخابات القادمه اعتقد ستكون القوائم مقسمة ايضاً طائفياً حتى ولو كانت علمانية وستعود الأحزاب الإسلامية الراديكاليه الشيعية لتشكيل الكتلة الأكبر وستنفذ حلمها في تشكيل حكومة الاغلبيه وهي اغلبية طائفيه وليست سياسية كما يدعوون وسيذهب العراق الى عمق اكبر في بحر الفساد والتخلف ويبقى املنا الوحيد هو بتشكيل قوة مجتمعية رافضه لخوض الانتخابات وتكون مقاطعه لكل العملية تتمكن من إيصال صوتها الى العالم لتكسب التأييد خصوصاً اذا نجحت في اقناع الجماهير بعدم جدوى الانتخابات والعزوف هو ابسط أنواع التعبير عن عدم الرضى .
اما الامل في تشكيل كتله عابرة للطائفية او ان تكون الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة هي كتلة وطنية ونزيهة وتعتمد على التكنوقراط بغض النظر عن مذهبيتها فالشعب لا يهمه مذهب ودين القائد بل وطنيته ونزاهته فهذا حسب رأيي بعيد المنال حالياً فما حصل في العراق من احتلال الدواعش للمدن وتهديدهم للمقدسات قد أعاد العراق الى التكتل المذهبي وخصوصاً الشيعي وقد يأمل بعض الحالمون بقيام ربيع عراقي او ثورة جياع ومثقفين فهذا صعب لأن الثورة في العراق اذا اريد لها النجاح يجب ان تنطلق من المحافظات الجنوبية وبدعم من المرجعية لأننا جربنا الثورة والأعتصامات في ست محافظات سنية وكانت النتيجة اتهامهم بالأرهاب واستقدام داعش في الوقت الذي يعلم فيه الجميع ان داعش جلبها ممارسات الحكومة وتحالف حكومي سوري إيراني وهذا لدينا مايثبته وقد نناقشه لاحقاً والمحافظات الجنوبية لن تنتفض مطلقاً لأنها مخدرة بان الحاكم الجعفري مهما كان سيئاً افضل من ذهاب الحكم الى أبناء العامة . ختاماً ما نسمعه وسنسمعه من مصطلحات كالمصالحه الوطنية والكتل الوطنية والتحالفات العابرة للطائفية والأحزاب العلمانية هي جميعها اغلفة براقه اعيد بها تغليف نفس العملية السياسية .