23 ديسمبر، 2024 11:49 ص

هل ستعود للعراق أحداث 2006 ؟

هل ستعود للعراق أحداث 2006 ؟

ذاكرة سوداء يتمنى كل عراقي أن تغادر ذهنه بلا رجعة في الخيال والحال، هي ذاكرة 2006 المصطبغة بدم الأبرياء من باقة العراق المتنوعة بلا استثناء لدين أو مذهب. السؤال عن عودة هذا المسلسل الدموي والطائفي إلى العراق يختلج نفوسنا حين نراقب تصريحات الساسة وتحذيراتهم اليومية من على شاشات الفضائيات حينما يتكلمون عن الوضع في سوريا ولغة المؤامرة القطرية والسعودية وحلم النفوذ التركي وتطورات الملف النووي الإيراني.
قد تكون تلك التحذيرات محقة حينما نراجع الخريطة الجغرافية للعراق ونتفحص دوله المجاورة لنراها أمة في نفسها أكثر من أن نطلق عليها صفة شعب أو دولة، فالشعب التركي امة له جذوره العثمانية وتاريخه الإمبراطوري، وكذلك الحال مع إيران الحضارة الفارسية والدولة الصفوية التي لها امتداد كبير ومؤثر في الشرق الأوسط. والأمر كذلك مع المملكة العربية السعودية وطموحها الديني في نشر مفاهيم وأفكار الوهابية في البلدان العربية والإسلامية.
تلك الدول لا ترتبط بالعراق بحدود قانونية وحسب، بل إنها تملك حدودا جيوسياسية وجيوثقافية تؤثر في الوسط العراق شاء أم أبى، ولها القدرة الزمانية والمكانية في صناعة أحداث سياسية أو اجتماعية داخل العراق محسومة النتائج لصالحها سلفا.
رغم ذلك كله، نحاول البحث عن الأسباب في غياب وجود ترسانة ثقافية وحصانة سياسية تحمي العراق وشعبه من التأثر السلبي وتحوله إلى مؤثر فاعل في المنطقة بما يملكه من عمق حضاري وتاريخ إسلامي.
لعل السبب الرئيس هو غياب البعد الاستراتيجي في سلوك وتفكير السياسي العراقي، والذي يجعله يغض الطرف عن الاستفادة من أوراق الضغط الدولي التي يملكها العراق في أن يتحكم ويؤثر في محيطه الخارجي ويحول عناصر التهديد إلى نقاط فرص يستثمرها في تعزيز مكانته الدولية.
اليوم سوريا تشهد انهيارا امنيا وسياسيا بكل المقاييس الدولية، وجميع الدول المحيطة بسوريا أخذت تدابيرها الاحترازية لجميع السيناريوهات المحتملة، إلا دولتنا الموقرة بحكومتها التنفيذية ومجلسها التشريعي اللذان مازالا  يندبون حضهم السياسي نتيجة الخلاف والصراع الداخلي.
جميع التقارير الأمنية والتوقعات السياسية تؤكد بان العراق سيتأثر بالملف السوري، وان الهلال الشيعي الذي يمثل العراق التلسكوب في ثبوت رؤيته سيكون محور فتيل الأزمة التي سيفجرها الغرب والذي يخطط لشرق أوسط إسلامي متصارع فيما بينه.
الإخوان المسلمون في مصر، والسلفية المتشددة في سوريا والأحلام الوهابية لدى السعودية هو المثلث القادم تجاه العراق الذي يرتبط به آمال حزب الله وتطلعات الدولة الإسلامية في إيران، والجميع يتحدث عن رسم مستقبل العراق وإعادة تأريخه الإسلامي في أن يكون دولة قوية للشيعة أو حكومة ممتدة للسنة.
على الصعيد الشخصي لا أجد أي مقومات تدفعني إلى التفاؤل بعدم عودة مسلسل الطائفية المقيتة في العراق، لاسيما وان اللغة الطائفية مازالت هي الحاكمة في ذهنية الكثير من الساسة، وهي فرس الرهان الانتخابي لدى أهم الأحزاب الحاكمة في العراق.
[email protected]