في عام 1945 تأسست الجامعة العربية لصياغة مشروع جامع للدول العربية يوحد جهودها في مختلف الاتجاهات ويعيد صياغة تطلعات دولها ويجعل لها أثرا في عموم المشهد الدولي الذي تجاوزها وصار يفضل مصلحة مجموعة سكانية متناثرة في شتات الارض على مجموع الدول العربية ومصالح أفرادها رغم كل ما تمتلكه بلاد العرب من أوراق ضغط .
وبعد عشرات السنين على تأسيسها تقف أيضا عاجزة عن حماية مصالحها وحماية دول تقع تحت رايتها وانتمائها مثل العراق وسوريا وفلسطين وغيرها من الدول المنضوية تحت هذه الجامعة، ففي العراق وبعد أن تفرجت الجامعة على احتلاله من قبل تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 ؛ تقف اليوم أيضا متفرجة وعاجزة عن احتلال شبه مباشر من قبل ايران لدولة مؤسسة ومهمة في تلك الجامعة .
ورغم ذلك لا زال العراقيون يطمحون بدور لإخوانهم العرب في انقاذهم من مخالب الجارة الفارسية التي أحرقت الحرث والنسل وحولت مدن العراق الى معسكرات لمليشيات دربتها وضمنت ولاءها بحجة محاربة إرهاب هي أول من دعمه وصنعه وأوجد أسبابه . وسيطرت على كل مفاصل الحكم في العراق وضمنت حصولها على دماء شباب عراقيين للدفاع عن حليفها بشار في سوريا وحولتهم الى مرتزقة تحركهم حيثما شاءت . وتشتري ضمائر من شاءت بأموال العراق التي فتحت لها دون قيود !!
لقد أشر الاستقبال الكبير للشيخ خميس الخنجر ووفد المشروع العربي في العراق من قبل قيادة الجامعة العربية وحجم المراسم التي يستقبل بها رؤساء الدول فقط ؛ إلى ملامح مرحلة جديدة لدور عربي قادم في العراق طالما انتظره العراقيون العرب وحرصوا عليه . ومن خلال ما أعلن بعد تلك اللقاءات يمكن فعلا البناء على هذه الزيارة في تدشين دور عربي في بلد عربي تتقاذفه عاديات الطامعين وشرور الحاقدين ، ويمكن أيضا ان نستشف من تلك الزيارة صواب التوجهات العربية من خلال التعامل مع سياسيين عراقيين لهم ثقل ميداني وشعبي كبير بدل التعامل مع موظفين حكوميين تحركهم وظائفهم الحكومية وتسيرهم رعبا ملفات الاتهام التي تجيد ايران استخدامها ضدهم للتحكم بهم وبكل ما ينطقون، وهذه نقطة مهمة في طريقة تعاطي العرب مع الملف العراقي ؛ إذ كانوا سابقا يجتمعون باستمرار مع موظفين حكوميين يمثلون المكون العربي ، وفي اليوم التالي يهرول هؤلاء لتوصيل كل ما دار للسفارة الايرانية في بغداد !! لقد سبقت دعوة الشيخ خميس الخنجر الى القاهرة تصريحات اثارت الرأي العام العربي ونبهت الى نقاط جريئة ذكرها الشيخ خميس الخنجر في لقائه على قناة العربية في برنامج نقطة نظام ، وكان لهذه التصريحات اثر كبير في حشد الموقف العربي اتجاه المشهد العراقي بعد وضعه على الرف من قبل عدة دول عربية .
إن الدور العربي في العراق صار مطلبا لكل عراقي يعاني من شرور التدخل الايراني أو احتلاله شبه المباشر ، وصار الجهد العربي واجبا لإعادة العراق إلى محيطه وأهله قبل أن يصبح محافظة تابعة لدولة معادية ، ليكون في طليعة العرب وهم يصارعون عدوانا يستهدفهم ويحاول تشتييت وجودهم والسيطرة على مواردهم وسيادتهم من اليمن الى سوريا والبحرين ولبنان والعراق وغيرها ، وسيندم العرب إن تأخروا في هذه المهمة وستصارع كل دولة منفردة عدوا شرسا مزودا بمرتزقة خدعهم وسيطر عليهم بالمال والدعايات المذهبية ، إن دعم العراقيين والوقوف معهم سياسيا وعسكريا للتخلص من المليشيات والإرهاب الذي تتحجج به لاستمرارها يشكل المهمة الأصعب التي يجب على العرب أن يخططوا لها اليوم قبل الغد إذا ارادوا فعلا للأمة العربية أن تعود لمكانتها التي ضاعت على يد أعداء صغار شاخوا بسبب ضعف دورها وقلة اهتمام أعضائها بالمخاطر التي تحاك ضدهم من قبل الأعداء ، ويمكن لنموذج الحزم الذي قادته المملكة العربية السعودية أن يتكرر ويتوسع لشمول بلاد أخرى تعاني من ويلات داعش والمليشيات المجرمة .