22 ديسمبر، 2024 9:18 ص

هل ستحقق طهران مآربها من السياسات العدوانية؟

هل ستحقق طهران مآربها من السياسات العدوانية؟

منذ سقوط نظام الشاه في ايران في نهاية سبعينيات القرن الماضي واستحواذ النظام الحالي على السلطة،اصبحت ايران بؤرة لتهديد دول المنطقة والسلم العالمي من خلال تدخلاتها في شؤون الدول والشعوب في المنطقة ،وانتهاج سياسات مغامراتية ضد دول الكبرى ومصالحها في المنطقة والعالم.

تجارب العقود الاربعة من عمر النظام اثبتت ان استمرار هذه السياسات العدوانية تؤثر سلباً على الأوضاع الداخلية في ايران وانعكاس ذلك على حياة المواطنين الايرانيين بمختلف تنوعهم القومي والديني والفكري الذي عانوا ومايزال يعانون من تلك السياسات بحيث وصلت نسبة الفقر والبطالة في الوقت الحاضر بين طبقات المجتمع الايراني الى نسب مخيفة حسب تقرير صندوق النقد الدولي للعام الحالي ،لذلك يسعى النظام بشتى السبل من نقل ازماته الى خارج الحدود.

للوقوف على مدى تأثير تلك السياسات الهوجاء لابد لنا ان نقف عند الحقائق التالية:

1-المغامرات الطائشة للنظام بالتدخل في شؤون دول المنطقة والعراق على وجه الخصوص وقصفها لمقرات الاحزاب الكوردستانية المعارضة لها في داخل العراق يظهر جلياً ان لتلك الاحزاب قاعدة جماهيرية كبرى في شرق كوردستان (الجزء الايراني) المتكون من اربع محافظات رئيسية،ايلام وكرماشان وسنندج وارومية ،ويمكن لهذه الاحزاب ان تحرك الجماهير متى ما سنحت لها الفرصة ،اي ان ابناء الشعب الكوردي في شرق كوردستان ليس لهم اي ولاء للنظام الايراني الذي يمارس سياسة الحديد والنار ضدهم وقمع اية حركة جماهيرية تتطالب بحقوقها المشروعة، بناءاً على ذلك فأن رد فعل المواطن الكوردي في ايران ستكون سلبية اكثر ضد النظام في الوقت الحاضر وحتى في المستقبل. بمعنى اخر القصف الهمجي لايمكن ان يكسر ارادة الشعب الكوردي ولايمكن لطهران تحقيق اهدافها المتوخاة من القصف الهمجي لمقرات ومنازل عوائل معارضيه والمدنيين من سكان اقليم كوردستان.

2-يعاني النظام الايراني من ازمات سياسية و اقتصادية واجتماعية خانقة ،أذ أن غالبية الأيرانيين هم من الطبقات الفقيرة التي وصلت الى حد لايمكنها تأمين قوتها اليومي ،اي بمعنى ان ثورة الجياع بمثابة قنبلة موقوتة مهيأة للأنفجار وستنفجر كلما سنح لها فرصة لتعبر عن سخطها واستيائها من الأوضاع المزرية الحالية والخلاص من الموت التدريجي الذي تعاني منه في ظل الحصار الاقتصادي والبطالة وتفشي الفساد في معظم مؤسسات الدولة الايرانية،لذلك يحاول النظام تصدير هذه الازمات خارج حدودها و صرف انظار الشارع الايراني عن الواقع المزري الذي يواجهه المواطن الايراني ،وما عملية القصف الوحشي لمقرات قوى المعارضة الكوردستانية الا جزءاً من سيناريو فاشل ومحاولة يائسة للسيطرة على الأوضاع في داخل البلاد.

3-ردود افعال الدول الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة ،كانت بمثابة رسائل مباشرة الى ايران مفادها بأن لايمكن القبول بهذه التجاوزات المتكررة على الاراض العراقية،وينبغي الكف عن قتل استمرار قتل المدنيين العزل وبالاخص النساء واطفال المدارس،كما شاهدنا الصور البشعة لتلك الجريمة التي استهدفت بالغالب منازل العوائل الفقيرة التي تسكن المناطق الحدودية والتي ادت الى استشهاد واصابة العشرات منهم.

من خلال الحقائق اعلاه،نستنتج ان افتعال الازمات داخل ايران وخارج حدودها لايمكن ان تخفف من حدة الغضب والأستياء الجماهيري ضد النظام وعلى العكس سترتفع اصوات المعارضة والمتعطشة للحرية اكثر فاكثر،لذلك على النظام في طهران مراجعة سياساته على المستويين الداخلي والخارجي واتباع سياسة مرنة مع شعبه وسياسة عقلانية مع شعوب المنطقة والا سيسوقها الغرور والعنجهية الى الزوال الابدي.