أُريد للربيع العربي ان يكون ربيعاً دموياً ، ووفق مخطط جهنمي للبيت الأبيض في اعادة هيكلة المنطقة ، وترسيم حدودها بما يضمن زيادة نفوذ الولايات المتحدة ، وفعلاً كان العراق أولى محطات التغيير وهذا الربيع ، وكان مفاجأة كبيرة لنظام صدام ، فلم يكن يتوقع ان تقود الولايات المتحدة الجيوش لإسقاطه ، لانه كان يعتقد ان سيده في البيت الأبيض لا يمكن له ان ينكر أفضال عبيده في منطقة الشرق الأوسط ، وسقط النظام في العراق ، وبدات مرحلة جديدة للمنطقة سُميت كذباً ” الربيع العربي” ، والذي كان بارداً كبرودة شتاءنا هذا ، وكان في نفس الوقت يراد للمنطقة ان تكون ساحة صراع دموي لإضعافها ، وجعلها ناراً متقدة وقودها الناس والحجارة ، وفعلاً تم الامر ، واندلعت الحرب الطائفية في العراق وسادت لغة القتل بين طوائفه الاسياسية ( الشيعة والسنة ) ، لتكون محطة بداية في نظرية تقسيم العراق ، وعلى أسس مذهبية وقومية ، واستخدمت وسائل جديدة في هذه الحرب ، من خلال إعداد تنظيمات ارهابية وبتدريب خاص ، وفتح الحدود العراقية على مصراعيها ، لتكون ساحة حرب ، وتكون هذه العصابات الإرهابية هي اداة قتل للشعب العراقي ، والذي لم يكن على وعي ان المخطط كبير ، ويراد ان يكون حطب لنار لا تنطفأ ابداً . تنظيمات داعش الارهابية ، ذات التنظيم المعقد والمتشابك ، وذات العقيدة الفاسدة ، ولكنها في نفس الوقت صممت وتشكلت لتكون سيفاً قاطعاً امام كل من يحاول الوقوف ضدها او التشكيك بها ، واستخدموا اقسى اساليب القتل ، لعكس صورة قسوتهم وجسارتهم ، واستطاعوا من بناء شبكتهم الارهابية بسرعة ، الى الجانب الدعم اللامحدود الذي قدم لهذه التنظيمات من دول الخليج ، والدول الاوربية ، الى جانب الدعم الامريكي ، وخلال فترة تشكيله في العراق ، وتحديداً في صحراء الانبار ، استمد قوته من الدعم الداخلي الذي قدم له من حواضنه ، فامتد ليشكل تهديداً مباشراً على بغداد ، وعلى عموم العراق ، وفعلا سقطت المحافظة تلو المحافظة ، والمدينة تلو المدينة ، الى جانب فساد الموسسة العسكرية ، وتخاذل القيادات العسكرية العليا ، والتي كانت احدى اسباب انهيار اربع محافظات وسقوطها بيد داعش الارهابي .
استطاع من الضرب على وتر الطائفية ، فاخذ يضرب المناطق الشيعية بقسوة ، وباستهداف مباشر لها ، وايقاع عشرات الضحايا في كل تفجير او حزام ناسف ، الى جانب عمليات القتل التي مارسها التنطيم ضد الابرياء في المناطق التي سقطت تحت سطوته ، الامر الذي زاد في الفوارق الاجتماعية بين ابناء الوطن الواحد ، كما ان الكثير من المدن كانت ارضاً خصبة لهذه التنطيمات ، مما زاد في اتساع هذه التنطيمات في العراق
وشكلت تهديداً مباشراً في سقوط الدولة ، لهذا كانت داعش من اهم ادوات اشعال المنطقة والعراق طائفياً ، وان يكون احدى ادوات التقسيم للمنطقة ، ومع كل الدعم المقدم له ، كانت مهمته سريعة ، الامر الذي زاد من تعقيدات وسهولة خروجه من العراق ، وعلى الرغم من الانتصارات النوعية ، التي تقوم بها القوات الامنية بمختلف صنوفها ، وتشكيلات الحشد الشعبي ،. والتي استطاعت من تغيير الخارطة على الارض ، وتبديد احلام داعش في ادامة سيطرتهم على الموصل والمناطق الاخرى .
داعش وبعد الانكسارات التس تعرضت لها في مدن العراق ، والتراجع الكبير في سوريا ، تخلت عن اثارة الطائفية في البلاد ، وركزت على الضربات النوعية للمناطق السكنية والاسواق ، وهذا ما جعل موقفه اضعف من السابق ، وبدأ يستعين ويعتمد على حرب الشوارع في قتاله مع القوات الامنية ، وبدأ يعتمد النهايات السائبة والغير المنظمة لتشكيلاته ، الامر الذي اضعف من قدراته ، وبدات تقترب نهايته وطرده خارج البلاد ، الامر الذي يجعلنا امام خيارات اخرى في مستقبل هذا الصراع ، وان جميع الخيارات مفتوحة لهذا الصراع ، والذي يبدو سيكون داخلياً ، اذا ما تم محاصرة ادواته ، وقطع الطريق امام داعميه في المنطقة .