23 ديسمبر، 2024 4:24 م

هل حقا كلهم حرامية؟

هل حقا كلهم حرامية؟

كثيرا ما نسمع تلك الجملة يرددها الناس، خصوصا في هذه الأيام الساخنة، التي تشهد تظاهرات في مدن العراق، بعد إنتشار الفساد، في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، وإحتل العراق مراكز متقدمة عالميا، رابع دولة في إنتشار الفساد، وربما نحرز كأس العالم، إن بقي الحال على ما عليه.
في ظل السخط الشعبي، من الأداء الحكومي، إنعكس هذا السخط، على كل الأحزاب الحاكمة وغير الحاكمة، وهنا سؤال يطرح نفسه، هل كل الأحزاب سراق؟ والإجابة بالنسبة للمواطن الساخط، هي (كلهم حرامية) أما نحن كمتابعين علينا أن ننظر، إلى الأمر بموضوعية وتجرد، فاطلاق التعميم والشمول، يخلط الأوراق ويساوي بين سارق الإبرة، وسارق الفيل والبريء.
علينا أن نقتدي بالقرآن الكريم، الذي حينما يذم طائفة، يستثني منهم أخرى، مثلا حين يذم الشعراء يستني منهم، (إلا الذين آمنوا) وحين يذم اليهود والنصارى، يستني منهم طائفة، وكثير من الآيات القرآنية تتظمن هذا المعنى، في عدم إطلاق التعميم في أغلب الموارد.
لو مررنا بقظية سقوط الموصل، وما تبعها من تداعيات كبيرة على العراق، فقد اعلنت اللجنة البرلمانية عن تقريرها، الذي أشار إلى أن السبب االرئيسي، في سقوط تلك المدينة، هو (الفساد) وبشواهد عديدة، ذكرت في التقرير لامجال لذكرها، فيما يخص بناء القوات الأمنية وتجهيزها، من حيث العدة والعدد، وقضيا التهريب والأتاوات وبشهادات، وبوثائق مؤكدة وحمل التقرير(نوري المالكي) المسؤولية الأولى، في تلك القضية ؛لإعتبارات عديدة أهمها، صفته القائد العام للقوات المسلحة.
 ولو مررنا بقضية فلاح السوداني، وزير التجارة الهارب، والذي حكم بقضايا فساد في وزارة التجارة، بعد منعه من السفر، لكنه خرج بكفالة ثم برائة، وعاد من حيث أتى إلى لندن، كل ذلك بمرأى ومسمع ومساعدة، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي! لكن هيئة النزاهة بعد الصحوة، أصدرت حكم إدانة وجلب، بحق هذا الوزير الهارب، الذي كان ينتمي إلى، حزب القائد العام.
  فهل من الحكمة أن نساوي، بين قائد فاسد ومتستر على أقرانه، حكم ثمان سنوات، إبتلع فيها الدولة وهيمن على القضاء، وبين حزب يملك وزارة فقيرة، كالحزب الشيوعي مثلا، أو تيار جماهيري عريق كالمجلس الأعلى، الذي لم يشترك، في الحكومة السابقة بأي وزير، أما وزراء الحكومة الحالية، فلم يمض عليهم عاما على توليهم، وزرارت بخزينة مفلسة، خالية من المشاريع، منشغلين بتوفير الرواتب لموظفيها.
إذن ليس من الحكمة، خلط الحابل بالنابل والجيد بالرديئ، فإن في تلك الحالة، سنغطي على ديناصورات الفساد، التي نشأت في تلك الأجواء المشبوهة، فكل نفس وما كسبت(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).